«الرئاسي اليمني» يتهم الحوثيين بالسعي للتنصل من الهدنة الأممية

شدد على تنفيذ خطة عاجلة لتطوير مدينة عدن

امرأة تصنع الخبز في مخيم للنازحين في الغيضة بمحافظة المهرة اليمنية ( رويترز)
امرأة تصنع الخبز في مخيم للنازحين في الغيضة بمحافظة المهرة اليمنية ( رويترز)
TT

«الرئاسي اليمني» يتهم الحوثيين بالسعي للتنصل من الهدنة الأممية

امرأة تصنع الخبز في مخيم للنازحين في الغيضة بمحافظة المهرة اليمنية ( رويترز)
امرأة تصنع الخبز في مخيم للنازحين في الغيضة بمحافظة المهرة اليمنية ( رويترز)

مع استمرار الميليشيات الحوثية في تصعيد الخروق الميدانية، وعرقلة بدء أول رحلة تجارية من وإلى مطار صنعاء، اتهم مجلس القيادة الرئاسي الميليشيات الحوثية بالسعي للتنصل من الهدنة الأممية التي دخلت السبت الماضي أسبوعها الرابع، وذلك بالتزامن مع تشديد المجلس على الإسراع بتنفيذ خطة لتطوير العاصمة المؤقتة عدن في كافة المجالات.
وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس القيادة الرئاسي عقد اجتماعاً برئاسة رئيسه رشاد محمد العليمي: «لمناقشة عدد من القضايا الراهنة في الساحة الوطنية، وآليات تجاوز التحديات لاستكمال استحقاقات المرحلة في مختلف الجوانب، بحضور أعضاء المجلس: عيدروس الزُبيدي، وطارق صالح، وعبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وعبد الرحمن المحرمي».
وأوردت وكالة «سبأ» الحكومية أن الاجتماع «تطرق إلى قيام الميليشيات الحوثية بعرقلة تسيير أول رحلة من مطار صنعاء الدولي، والتي كانت مقررة الأحد الماضي بموجب الهدنة الأممية، وحمّلها مسؤولية مفاقمة معاناة اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، من خلال اختلاق مبررات تهدف بالدرجة الأولى للتنصل من الهدنة، وإفشال عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة».
وجدد مجلس القيادة الرئاسي في اليمن الموقف الذي سبق أن أعلنت عنه الحكومة، بالحرص على عمل كل ما من شأنه التخفيف من المعاناة الإنسانية لليمنيين، دون استثناء أو مقايضة في الملفات الإنسانية.
إلى ذلك، عقد المجلس اجتماعاً آخر بحضور رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، ووزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس، لمناقشة خطة تطوير العاصمة المؤقتة عدن في كافة المجالات.
وتنص الخطة التي أقرت قبل أسبوع -وفق ما ذكرته المصادر الرسمية- على تطوير عدن في كافة القطاعات، وخصوصاً الكهرباء والمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة والمشروعات المتعثرة خلال الفترة الماضية.
كما تنص الخطة على سرعة إعادة تأهيل الطريق البحري ومصافي عدن، ومشروعات حيوية أخرى.
وأقر مجلس القيادة الرئاسي، تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية وزراء الأشغال العامة والطرق والصحة والسكان والمالية، ووزير الدولة محافظ محافظة عدن، تتولى إعداد خطة لتطوير العاصمة المؤقتة عدن، وتحسين الخدمات، وخصوصاً الكهرباء، على أن تسلم الخطة خلال أسبوع.
وفي سياق المهام الحكومية، عقد مجلس الوزراء اليمني اجتماعاً ناقش خلاله آليات تنفيذ التوجيهات الرئاسية التي تتمحور حول إنهاء الانقلاب والحرب، واستعادة الدولة والسلام والاستقرار، ومعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي، وإعادة بناء المؤسسات.
وذكرت وكالة «سبأ» أن الحكومة اليمنية كلفت الأمانة العامة لمجلس الوزراء بإعداد مصفوفة تنفيذية مزمنة للسياسات، ووضع الآليات والإجراءات لتنفيذ التوجيهات الرئاسية، والتنسيق مع الوزارات لمباشرة العمل بها.
من جهته، شدد رئيس الوزراء معين عبد الملك على أن المرحلة الجديدة تتطلب «التعامل بآليات مختلفة وفاعلة، تتوازى مع حجم التطلعات الشعبية إلى مجلس القيادة الرئاسي والحكومة»، وعلى أهمية «إعادة ترتيب الأولويات وفق المستجدات الراهنة».
وتوعد عبد الملك بأن حكومته «لن تتهاون مع أي تقصير في أداء الواجبات والمسؤوليات»، وقال إن «نيل حكومة الكفاءات السياسية ثقة نواب الشعب والموافقة على برنامجها العام، يمثل خطوة مهمة لتكامل الأداء تحت قيادة مجلس القيادة الرئاسي، وبما يساعد على تجاوز كثير من الإشكاليات والتحديات التي سادت خلال الفترة الماضية».
وجدد رئيس الوزراء اليمني تعهده بـ«المضي في مسار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في الجوانب الاقتصادية والمالية والإدارية، بهدف تعزيز الشفافية، ومحاربة الفساد، ورفع الإيرادات، وترشيد النفقات، وتصويب الاختلالات، وتفعيل عمل المؤسسات، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب».
ونقلت عنه وكالة «سبأ» قوله: «لقد أخذنا على عاتقنا في الحكومة خدمة المواطن في العاصمة المؤقتة عدن والمناطق المحررة ومختلف المناطق اليمنية، وسنبذل جهوداً استثنائية لتحسين مستوى الخدمات، وتنفيذ التوجيهات الرئاسية والبرنامج العام للحكومة، بما يتضمنه من أهداف في الجوانب الخدمية والاقتصادية والعسكرية والأمنية».
في السياق نفسه، اتهم الاجتماع الحكومي الميليشيات الحوثية بأنها السبب في عرقلة أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي، وأوضح أن الميليشيات «أخلَّت بما تم الاتفاق عليه عبر مكتب المبعوث الأممي في تشغيل الرحلات من مطار صنعاء، طبقاً للإجراءات المعمول بها في مطاري سيئون وعدن، بما في ذلك اعتماد جوازات السفر الصادرة من الحكومة فقط، باعتبار جوازات السفر وثائق وطنية سيادية لا تصدر إلا عن جهة واحدة حصراً، وهي الحكومة اليمنية».
وكشفت الحكومة اليمنية عن أنها «خاطبت المبعوث الأممي بالمخالفات التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي، وتسببها في تأجيل الرحلة المجدولة، مما حرم 104 ركاب كانوا مستوفين كافة الاشتراطات، وإصرارها على إضافة 57 راكباً كانوا بحاجة لإصدار جوازات لهم من السلطات المعنية».
وقالت الحكومة اليمنية إنها حريصة «على اتخاذ كل التدابير التي من شأنها تخفيف المعاناة الإنسانية، وقيامها بكل الإجراءات الداخلية للبدء في تشغيل عدد من الرحلات، من وإلى مطار صنعاء، بموجب اتفاق الهدنة، وانفتاحها الكامل على أي مقترحات لتسهيل ذلك».
وطالب مجلس الوزراء اليمني المبعوث الأممي بالإفصاح بشكل واضح عن المخالفات التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي، وأدت إلى عرقلة فتح مطار صنعاء وتسيير أول رحلة تجارية منه، وقال: «إن استمرار التعامل بلغة دبلوماسية لا يجدي نفعاً مع الميليشيات التي تحاول أن تصنع من معاناة ودماء اليمنيين مكاسب سياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».