هالة صدقي لـ «الشرق الأوسط» : أبحث عن أدوار تعكس خبرتي

لا تعثر هالة صدقي بسهولة على الأدوار التي تطمح لتجسيدها (الشرق الأوسط)
لا تعثر هالة صدقي بسهولة على الأدوار التي تطمح لتجسيدها (الشرق الأوسط)
TT

هالة صدقي لـ «الشرق الأوسط» : أبحث عن أدوار تعكس خبرتي

لا تعثر هالة صدقي بسهولة على الأدوار التي تطمح لتجسيدها (الشرق الأوسط)
لا تعثر هالة صدقي بسهولة على الأدوار التي تطمح لتجسيدها (الشرق الأوسط)

قالت الفنانة المصرية هالة صدقي، إنها تحمست كثيراً لقصة مسلسل «فاتن أمل حربي»، مؤكدة أنها لم تشغل تفكيرها بمساحة ظهورها خلاله، وأوضحت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أنها عاشت معاناة بطلة المسلسل بشكل شخصي واقعي، خلال رحلة طلاقها التي بدأت قبل ست سنوات، ولا تزال تعيش فصولها الأخيرة في المحاكم، معبرة عن أمنيتها أن تنتهي معاناة النساء المطلقات في المحاكم، مشيدة بالعمل وبأداء نيللي كريم لدور البطولة.
بروحها المرحة، أضفت «ميسون» التي تقدمها هالة صدقي في مسلسل «فاتن أمل حربي» مواقف ضاحكة من قلب المأساة، هونت كثيراً من أحزان البطلة، وانتزعت ابتسامتها وابتسامة المشاهدين معها، لتكون الصديقة «الجدعة» التي تتناسى أزمتها الشخصية، وتتضامن مع صديقتها في قضية حياتها.
«ميسون» هي صاحبة فاتن المقربة، وزميلتها في العمل التي تعيش تفاصيل مأساتها، وتساندها بقوة، وهي نفسها تعاني أزمة اختفاء زوجها، ورغم صغر مساحة دورها، فإن هذا الأمر لم يشغل هالة صدقي التي تضيف: «لم أنظر لمساحة الدور لأنني أشارك في عمل مهم له رسالة، هناك أعمال عديدة أتحمس لها ليس من أجل دوري، لكن بالنظر إلى أهمية العمل، وقد وجدت نفسي في شخصية (فاتن) لأن المسلسل يطرح قضية واقعية، تدفع إلى تغيير القوانين، فقبل سنوات أحدث فيلم (أريد حلاً) تغييراً في قانون الأحوال الشخصية، ونحن نطالب من خلال المسلسل بتغيير القوانين المجحفة في حق المرأة».
تفسر هالة صدقي أسباب حماسها للعمل الذي جعلها تروج له على مواقع التواصل الاجتماعي قائلة: «حماسي له نابع من القضية المهمة التي يطرحها، وأرى أنه يجب أن تهتم الدراما بطرح هذه المشاكل، إن دوري بصفتي فنانة أن أطرح الواقع الذي يعيشه الناس، وقد لمسته بنفسي من خلال آلاف النساء اللائي تمتلئ بهن ساحات المحاكم، ويعانين من أجل الحصول على حقوقهن المشروعة، أتمنى أن يرى بعض الرجال ما يفعلونه بالنساء وأطفالهن، ولو كان لديهم ذرة من الرحمة لما زجوا بالأطفال في أزماتهم».
تراهن الفنانة بقوة على هذا العمل موضحة: «قرأت أربع حلقات فقط من المسلسل، ووافقت عليه ثقة في المخرج محمد العدل، فهو مميز، ومتمكن ويعد من أهم مخرجي جيله، وسبق وعملت معه في مسلسل (حارة اليهود)، وفي هذا المسلسل، الموضوع هو بطل العمل، ونيللي كريم أحب تمثيلها، وقد أدت الدور بشكل صادق، بالإضافة إلى كل أبطال العمل الذين تألقوا في أدوارهم، فشريف سلامة، يقدم دور عمره، ومحمد الشرنوبي يقدم شخصية رجل دين، ومحمد ثروت ابتعد خلاله عن الكوميديا».


الفنانة المصرية هالة صدقي (الشرق الأوسط)

لا تعثر هالة صدقي بسهولة على الأدوار التي تطمح لتجسيدها: «أطمح لأدوار تعكس خبرتي كممثلة، أدوار جيدة أحبها، وهذا من الصعب العثور عليه حالياً، وهو أمر يعاني منه كثير من الزملاء، ويكون لدى الفنان إما أن يشارك في أعمال تقلل من مكانته وتاريخه، وهذا لا أقبله، وإما أن يشارك في موضوع يحمل رسالة تفيد الناس بغض النظر عن مساحة دوره، وهو ما تحقق معي في (فاتن أمل حربي).
تتفاءل صدقي بعرض أعمالها الفنية في شهر رمضان قائلة: «إن معظم أعمالي الدرامية عرضت في هذا الشهر الكريم الذي يشهد منافسة كبيرة، بداية من مسلسل (لا يا ابنتي العزيزة)، ومروراً بـ(رحلة المليون)، و(زيزينيا)، و(أرابيسك)، وحتى (ونوس)، و(عفاريت عدلي علام)، وغيرها».
يبدو تماساً واضحاً بين أزمة بطلة المسلسل، وبين أزمة طلاق هالة صدقي التي لا تزال تنظرها المحاكم، وهو ما تعبر عنه قائلة: «كل السيدات اللاتي لديهن مشاكل زوجية سيجدن العمل يمسهن بشكل أو بآخر، الأزمة واحدة والتفاصيل مختلفة، وقد لمست بنفسي نوعيات كثيرة في المحاكم لسيدات من طبقات متباينة يعشن المعاناة نفسها».
واستعادت صدقي تفاصيل قضائية عاشتها واقعياً خلال تصوير مشاهد المسلسل قائلة: «مشاهد عديدة من المسلسل صُورت داخل المحاكم، أعادتني لأجواء المحاكم التي ذهبت إليها أثناء متابعة قضيتي على مدى ست سنوات، إذ أحفظ أماكنها جيداً، والجلسات التي تقام في كل منها، واختصاص كل محكمة ودرجات التقاضي، والحمد لله كسبت 90 في المائة من القضايا، ولا تزال هناك قضية طاعة، وقضية الطلاق». وتواصل ساخرة: «أنا (فاتن أمل حربي) الحقيقية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».