قال المصمم العالمي أدريان سميث، إن السعودية تتجه اليوم بسرعة كبيرة لتصبح في مصاف الدول المتقدمة، وذلك بعد أن شهدت تحولاً غير مسبوق ونمواً ملحوظاً منذ إطلاق «رؤية السعودية 2030» في عام 2016، والتي جذبت انتباه العالم.
وأوضح سميث، أنه متحمس جداً للفرص الوفيرة التي تنتظر المصممين والمهندسين المعماريين لرسم المشهد المعماري في المملكة، وذلك عبر إبداع المزيد من المباني المتطورة، والمساهمة في نجاحها المتنامي. ولفت المصمم والشريك في شركة «أدريان سميث آند غوردون جيل» للهندسة المعمارية في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن السعودية عملت على تنويع اقتصادها دون الاعتماد على النفط، فإن المشاريع الضخمة التي كشفت عنها في السنوات الأخيرة ستكون مفتاحاً لتحقيق طموحاتها، مؤكداً أن حجم تلك المشاريع وتصاميمها المبتكرة وأسلوب بنائها سيلعب دوراً أساسياً في إطلاق قطاعات جديدة في المملكة.
وشركة «أدريان سميث آند غوردون جيل» هي من عملت على تصاميم مشاريع عدة حول العالم، ومنها أطول مبنى في العالم وهو برج خليفة في الإمارات؛ وبرج جدة في السعودية، إضافة إلى قبة الوصل في «إكسبو 2020 دبي».
التعاون وخطط المشاريع
في السعودية
وكشف المصمم العالمي، عن أنه يتطلع إلى التعاون وتوفير الخدمات المعمارية لرجل الأعمال السعودي عبد العزيز التركي، رئيس مجلس إدارة «روابي القابضة» و«نسما» وشركاهم وشركة «ماجنوم» العقارية، في الوقت الذي يخطط للعمل مع مستثمرين آخرين لتطوير مشاريع كبرى مميزة حول المنطقة تبرز الجماليات المعمارية الفريدة التي تشتهر بها علامته التجارية.
تطورات التصميم المعماري
وأوضح، أن التصميم المعماري تطور على مر السنين بشكل كبير ليصبح أكثر تنوعاً واستدامة، فمن تصميم المساحات الصغيرة إلى المباني الشهيرة والضخمة، أصبح المهندسون والمصممون اليوم أكثر وعياً واهتماماً بالبيئة – وهو توجه صحيح في ظل زيادة الانبعاثات الكربونية واستمرار تأثيرها على سلامة ورفاه الأجيال القادمة - ولذلك يواصلون استكشاف أحدث التقنيات، والمواد الصديقة للبيئة، والممارسات الموفرة للطاقة في مفاهيم التصميم الخاصة بهم.
وزاد «علاوة على ذلك، يتنامى اهتمام المهندسين المعماريين في التجارب التي تتمحور حول الإنسان، ومفاهيم التصميم التي تراعي العلاقة بين الهيكل العمراني واحتياجات الناس، وعند التصميم لدولة مثل السعودية، يلعب كل من المناخ والجغرافيا دوراً مهماً، كما يتعين على المهندسين والمصممين ابتكار مفاهيم تراعي الخصائص الدينية والثقافية للبلد».
وتابع المصمم سميث «بينما تواصل السعودية تحولها بما يتماشى مع رؤية قيادتها الطموحة، ودعم المشاريع الضخمة التي يتم تطويرها في البلاد، فمن المهم الجمع بين الجانبين الوظيفي والتصميمي مع ضمان بقاء التكاليف تحت السيطرة، ومن المنظور الوظيفي، يلعب المناخ المحلي دوراً كبيراً في التصميم».
وقال «على سبيل المثال، من الضروري جداً أخذ ظروف واتجاهات الشمس بعين الاعتبار، وبالتالي نسعى إلى توجيه المباني للاستفادة قدر الإمكان من السياق البيئي المحلي بما يضمن حماية مستخدميها وحتى توليد الطاقة عندما يكون ذلك ممكناً».
مراعاة البيئة
وحول استراتيجية السعودية للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، ومبادرات الطاقة النظيفة كالهيدروجين الأخضر لمشاريعها الضخمة، ومراعاة تلك الجوانب في مراحل التصميم المبكرة، قال سميث «في ظل مساهمة المباني بتوليد نحو 40 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية سنوياً – 25 في المائة من عمليات البناء، إضافة إلى 11 في المائة من مواد البناء وأعمال التشييد - فإن البحث عن طرق لخفض انبعاثات الكربون في المباني منذ مرحلة التصميم سيكون حاسماً في تحقيق الأهداف المناخية للمملكة».
وأضاف «بما أن السعودية تقوم حالياً بإنجاز العديد من المشاريع الضخمة؛ لذا من المهم العمل مع الحكومة والمطورين للحفاظ على انبعاثاتها الكربونية ضمن حدودها الدنيا. ويمكن للمطورين والمصممين المساعدة في مواجهة التحدي المناخي سواء من خلال فهم متطلبات الطاقة للمشاريع، ومضاعفة استخدام الطاقة المتجددة في مواقع العمل لخفض الاعتماد على شبكات الكهرباء العامة، وتقييم أهداف استخدام الطاقة لكل مساحة وتوليد الطاقة الكهربائية لتحقيقها، وتحديد اتجاهات مواقع المباني والهياكل العمرانية بما يتناسب مع المناخ». وتابع «أما من منظور التصميم، فمن المهم العمل مع المهندسين ومصممي نماذج الطاقة منذ مراحل التصميم الأولى لتحسين هيكل المبنى الخارجي، ودمج الأنظمة الميكانيكية المتطورة في هيكليته، وتقييم فرص توليد الطاقة المتجددة. ونسعى جاهدين في مبانينا إلى توليد الطاقة اللازمة لعملياتها وتقليل البصمة الكربونية لمواد البناء».
تأثيرات الجائحة
وقال المصمم العالمي أدريان سميث، تساهم التكنولوجيا على نحو متزايد في تمكين أساليب العمل الهجينة من المنزل والمكتب والمساحات الأخرى، ويتمثل أحد الحلول الرئيسية لمواكبة هذا التحول في تطوير بيئات عمل حية متعددة الاستخدامات مع تصميم مساحاتها بشكل يشجع الموظفين على المشي ويراعي مسألة خفض الانبعاثات. وزاد «يتعين تصميم وهندسة مساحات العمل في أي مكان بما يضمن سهولة التفاعل القائم على التكنولوجيا مثل مؤتمرات الفيديو، بالإضافة إلى دعم الاستخدام المريح للأجهزة. وفي الوقت نفسه، يجب أن تستمر بيئات العمل في تعزيز التفاعل المباشر وجهاً لوجه والذي يبقى أمراً ضرورياً لا غنى عنه».
وتابع «تساهم هذه الحاجة في حفز الابتكار ضمن بيئات العمل التقليدية لتشمل وسائل الراحة مثل الوصول إلى المساحات الخارجية، والحدائق، والترفيه، وما إلى ذلك. ويجب أن يأخذ التصميم المعماري في الاعتبار التقنيات المتطورة للاستفادة من هذه الفرص».
المشروع الجديد
وأكد أنه سيعمل في مشروعه الجديد في السعودية على دمج المبادئ السابقة؛ حيث سيكون المبنى متعدد الاستخدامات مع توفير مساحات متنوعة للمكاتب ومتاجر البيع بالتجزئة والمطاعم والمقاهي وغيرها. وأضاف «سيدعم التصميم سهولة الوصول إلى المساحات الخارجية والمرافق الأخرى، فضلاً عن توسيع نطاق إطلالاته الخارجية وتوفير أقصى قدر ممكن من ضوء النهار عبر جميع مساحات العمل. وسيعتمد المبنى بشكل أكبر على توليد الطاقة ضمن الموقع من خلال أنظمة الطاقة الشمسية المدمجة في البناء لاستخدامات الإضاءة، وشحن السيارات الكهربائية، واحتياجات البناء الأخرى».
وأكد، أنه سيتم تصميم الجدار الخارجي بما يضمن زيادة الظل للحد من اكتساب الحرارة الشمسية، وتقليل الاعتماد على حلول التبريد المسببة للانبعاثات، حيث تشكل هذه الحلول إلى جانب أنظمة ترشيد المياه وإعادة استخدامها، جزءا من نهج تصميمي شامل يلبي معايير الفئة البلاتينية من نظام الريادة في تصميمات الطاقة والبيئة.
أدريان سميث: متحمسون للفرص التي يوفرها المشهد العمراني في السعودية
المصمم العالمي قال إن مشاريع المملكة الضخمة ستكون مفتاحاً لتحقيق طموحاتها في التنوع الاقتصادي
أدريان سميث: متحمسون للفرص التي يوفرها المشهد العمراني في السعودية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة