يرى محللون أن الأسطول الروسي ضاعف من قدراته العسكرية مرتين أو حتى 3 مرات في منطقة البحر الأبيض المتوسط، قبل غزو أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، والذي يمكن استغلاله لإرسال تعزيزات بالعسكريين والأسلحة، ولكن أيضاً لإطلاق صواريخ «كروز» من السفن لدعم العمليات البرية. ويوضح القبطان والضابط المسؤول عن الاتصالات الإقليمية للجيش الفرنسي في «المتوسط»، تيبو لافيرن، أن القوات الأميركية التي خفضت حضورها في المنطقة لمدة 10 سنوات، تعمل هي الأخرى على تغيير التكتيكات. ويشدد الضابط في البحرية الفرنسية على أن «أوكرانيا غيرت اللعبة. الأميركيون يجهزون عودة كبيرة غير مسبوقة منذ الحرب الباردة». ويضيف: «أرسل الأميركيون مثلاً نحو 10 سفن من المحيط الهندي لمراقبة منطقة البحر المتوسط». ويضيف: «أينما يوجد الأميركيون، يوجد كذلك الروس». يعدّ البحر المتوسط منطقة استراتيجية لأوروبا و«حلف شمال الأطلسي»؛ لأن 65 في المائة من إمدادات الطاقة في العالم و30 في المائة من التجارة العالمية تمر عبره. لذلك؛ فإن التمركز في المنطقة هو أيضاً وسيلة لحماية المصالح الاقتصادية الغربية.
وتعدّ منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط قاعدة خلفية للبحر الأسود ومنطقة النزاع في أوكرانيا، وفق لافيرن. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، يوضح القبطان والضابط الفرنسي: «هناك حالياً نحو 20 سفينة روسية في البحر الأبيض المتوسط، (مدمرات، وفرقاطات، وغواصات... وغيرها)». بدأت عودة القوة الروسية إلى شرق المتوسط تدريجياً منذ اندلاع النزاع في سوريا عندما باشرت موسكو نشر سفن في ميناء طرطوس السوري؛ المنشأة البحرية الروسية الدائمة الوحيدة خارج حدود الاتحاد السوفياتي السابق.
ويقول القبطان الفرنسي إن «الجديد هو الزحف الروسي في الغرب: شمال كريت، وكذلك غرب اليونان في شبه جزيرة بلبونس، وشمال بحر إيجه قرب البحر الأسود»، ويؤكد أن «السفن الروسية متمركزة لرصد نشاط قوات الحلفاء». وفي قاعدة «حلف شمال الأطلسي» في سودا بجزيرة كريت اليونانية، ترابط طائرة مثيرة للإعجاب مع قمرة قيادة زجاجية تتيح رؤية بنطاق 180 درجة. الهدف من ذلك هو «الإظهار للروس أن شرق البحر المتوسط مساحة نشاط لحلفاء (حلف شمال الأطلسي)»، وفق عبارات اللفتنانت كوماندر «يوهان» الذي لم يكشف عن لقبه العائلي لأسباب أمنية.
يمكن لطائرة «أتلانتيك2»؛ وهي من صنع شركة «داسو» الفرنسية، التحليق حتى على ارتفاع 30 متراً فوق سطح البحر، مما يجعلها مثالية للمراقبة الدقيقة لحركة المرور البحرية.
الطائرة مزودة بأجهزة استشعار، ورادارات، وكاميرا عالية الأداء بمقياس 3200 ملم، ونظام للكشف عن المجالات المغناطيسية يفيد في رصد الغواصات، ودعم إلكتروني لرصد الرادارات في الأنحاء. يعلق يوهان؛ الذي يعمل في التنسيق التكتيكي، قائلاً «تُستخدم (أتلانتيك2) بشكل أساسي لتحديد الوضع على السطح» و«رصد كل السفن في المنطقة»، مستعرضاً ملفاً في صفحته الأولى صورة لسفينة إنزال روسية. ويضيف العسكري الفرنسي: «يمكننا تحديد جنسيات السفن»؛ لأنه «يجب تسجيل السفن كافة التي يزيد طولها على 12 متراً وتحتوي صندوقاً مضيئاً قابلاً للرصد». وتابع: «إذا لم يكن الأمر كذلك، فإننا نرصدها لنرى ما إذا كانت تتبع متاجرين بالبشر أو تمارس أنشطة غير قانونية». تجري مشاركة جميع المعلومات مع هيئة الأركان العامة الفرنسية، ولكن أيضاً مع قيادة «حلف شمال الأطلسي». يضيف قبطان الفرقاطة يوهان: «في سياق هجومي، يمكننا أيضاً توجيه الهجوم، والعثور على أهداف لضربها، ومساعدة الطائرات المقاتلة». ويلفت مستدركاً: «لكننا لسنا في حالة أزمة في هذه المنطقة، والهدف هو ببساطة الحفاظ على أمن أوروبا».حظرت تركيا على جميع السفن الحربية عبور مضيقي البسفور والدردنيل. يمكن لطائرة «أتلانتيك2» التحليق فوق البحر الأسود، وهو أمر غير محظور على الحركة الجوية. لكن يوهان يشير إلى أن «الحلفاء لن يذهبوا إلى هناك؛ لأن رغبتنا هي خفض التوتر مع روسيا».
من جانبه، دعا الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون القوات المسلحة إلى «اليقظة الشديدة والانضباط الضروري».
روسيا تعزز قدراتها العسكرية في «شرق المتوسط»
روسيا تعزز قدراتها العسكرية في «شرق المتوسط»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة