اقتتال دامٍ بين فصائل المعارضة شمال سوريا في صراع على السلطة والنفوذ

حضور عسكري كثيف للفصائل شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
حضور عسكري كثيف للفصائل شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

اقتتال دامٍ بين فصائل المعارضة شمال سوريا في صراع على السلطة والنفوذ

حضور عسكري كثيف للفصائل شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
حضور عسكري كثيف للفصائل شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

يتواصل الاقتتال الداخلي بين فصائل «الجيش الوطني السوري»، المدعوم من أنقرة، في مناطق العمليات العسكرية التركية (غصن الزيتون) و(درع الفرات) شمال سوريا، في ظل صراع على السلطة والنفوذ، وصراع على المكاسب المادية التي تُجنى من المنافذ ومعابر التهريب، رغم ظهور كثير من الكيانات والغرف العسكرية لإنهاء الحالة «الفصائلية».
وغالباً ما تنعكس الاقتتالات الدامية بين الفصائل على حياة المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وقال نشطاء في ريف حلب إن «عنصراً قتل باشتباك مسلح بين مجموعتين من فصيل (فرقة السلطان سليمان شاه)، التابعة للجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة، صباح أمس (الخميس)، وسط مدينة جنديرس بريف عفرين شمال حلب، وأسفر الاشتباك عن إصابة عناصر آخرين من الطرفين بجروح خطيرة، أعقبتها حالة استنفار للفصائل والشرطة العسكرية في المدينة وقطع طرق، دون معرفة الأسباب التي أدت إلى وقوع الاشتباك، وذلك بعد أيام من مقتل عنصر وإصابة آخر بجروح خطيرة في اشتباكات عنيفة، استخدمت فيها الرشاشات، بين فصيل فرقة (المعتصم)، وفصيل الفرقة (التاسعة)، في مدينة عفرين، وسط حالة من الذعر بين السكان، جراء تساقط مقذوفات الرصاص ضمن الأحياء السكنية، ووصول بعضها إلى شرفات المباني المأهولة بالسكان».
ونشر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أنه في 18 أبريل (نيسان) اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة المتوسطة والخفيفة بين مجموعتين من فصيل «الجبهة الشامية» المنضوي ضمن صفوف الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، بالقرب من دوار القبان في وسط مدينة عفرين، على خلفيّة مشاجرة بين مجموعتين من ذات الفصيل، وتطورت المشاجرة إلى حدوث اشتباكات عنيفة بين الطرفين، كما أدت الاشتباكات إلى انقطاع طريق عفرين – اعزاز، شمال حلب، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
وقال حسام الشهابي، في مدينة الباب بريف حلب، إن اشتباكات عنيفة اندلعت في 2 أبريل الحالي، بين فصيلي «أحرار الشام» و«الجبهة الشامية»، بالقرب من مدينة الباب الواقعة ضمن منطقة «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي الشرقي، بسبب رفض قيادي في «أحرار الشام» التخلي عن منصبه في الفيلق الثالث، التابع للجيش الوطني المعارض. وأدت الاشتباكات حينها إلى مقتل وجرح 4 من عناصر تلك الفصائل، ترافقت مع قطع طرق تؤدي إلى مدينة الباب، ما دفع الأهالي إلى الخروج بمظاهرة حاشدة في مدينة الباب، دعت فيها الفصائل إلى وقف الاقتتال وحقن الدماء، ومراعاة حرمة شهر رمضان.
ويضيف، أنه «قُتل نحو 17 عنصراً وجرح أكثر من 30 آخرين، منذ مطلع العام الحالي 2022 حتى الآن، باشتباكات دامية بين الفصائل المنضوية تحت اسم (الجيش الوطني السوري)، في مناطق ريف حلب الشمالي (الباب وعفرين جنديرس وأعزاز والراعي)، وتسببت بإغلاق الطرق والأسواق».
وأوضح أنه «رغم بذل الجهود من قبل بعض الأطراف مؤخراً، لتوحيد الفصائل ودمجها وضبط السلاح، من خلال تشكيل غرف عمليات عسكرية موحدة ودمجها في تشكيلات عسكرية تتبع جميعها قيادة (الجيش الوطني)، فإنها باءت بالفشل، ولم تصل إلى الهدف؛ حيث أعلن في فبراير (شباط) الماضي عن تشكيل، أطلق عليه اسم (جبهة التحرير والبناء)، ضمت كلاً من (جيش الشرقية، فرقة أحرار الشرقية، الفرقة 20، صقور الشام)، وتزامن مع تشكيل عسكري آخر حمل اسم (ثائرون)، وضم حينها كلاً من (فرقة السلطان مراد، فيلق الشام - قطاع الشمال، ثوار الشام وفرقة المنتصر بالله، والفرقة الأولى بمكوناتها ولواء الشمال والفرقة التاسعة واللواء 112)، وغرفة عمليات (عزم)، التي ضمّت (فيلق الشام - قطاع الشمال، ولواء السلام، والفرقة الثانية، واللواء 113، وفيلق المجد، والفرقة 13، ولواء سمرقند، ولواء الوقاص)».
ولفت إلى أن «مشروعات التوحيد والاندماج التي أعلن عنها سابقاً، لم تحقق تقدماً في ضبط السلاح وإنهاء الحالة الفصائلية»، وبقي كل فصيل مستقلاً بكتلته المالية والعسكرية ومناطق نفوذه، مع المحافظة على بقاء قائد الفصيل خارج أي حساب أو قرار، في الوقت الذي لم تنجح وزارة الدفاع في «الحكومة السورية المؤقتة» حتى الآن، في فرض قراراتها وأوامرها العسكرية على أي فصيل أو قائد.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.