السيارات الرئاسية السودانية.. من الحاكم البريطاني إلى البشير

أقدمها الـ«همبر».. وأحدثها «مايباخ» المصفحة بالبلاتونيوم

إحدى سيارات المعرض «رولز رويس» ({الشرق الأوسط})
إحدى سيارات المعرض «رولز رويس» ({الشرق الأوسط})
TT

السيارات الرئاسية السودانية.. من الحاكم البريطاني إلى البشير

إحدى سيارات المعرض «رولز رويس» ({الشرق الأوسط})
إحدى سيارات المعرض «رولز رويس» ({الشرق الأوسط})

في مرأب زجاجي داخل متحف القصر الرئاسي المطل على شارع الجامعة، أحد أشهر شوارع العاصمة الخرطوم، تربض سيارات التشريفة الرئاسية القديمة، التي استخدمها حكام البلاد منذ الحاكم العام البريطاني على أيام الاستعمار، وصولاً للرؤساء الذين حكموا البلاد بعد الاستقلال.
وتبدو هذه السيارات على قدمها في غاية الفخامة على أيامها، بل وتفوق فخامة كثيرا من سيارات اليوم، كما تبدو كأنها خرجت لتوها من «المصنع»، أو على الأقل هذا ما يبدو عليه مظهرها، وهو ما أكده أحد موظفي المتحف، بقوله: «هذه السيارات بحالة جيدة جدًا، وتخضع للصيانة الدورية، ويمكن استخدامها في أي وقت تحتاجها الرئاسة».
استخدمت هذه السيارات في عهد الحكام الوطنيين من رؤساء وأعضاء مجلس السيادة، وظلت إحدى سيارات «رولز رويس»، وهي سيارة في غاية الفخامة والمتانة، تستخدم حتى عام 1995 في إيصال السفراء من أماكن إقاماتهم أو سفاراتهم إلى القصر الرئاسي لتقديم أوراق اعتمادهم، في نوع من أنواع التشريف الفخيم.
وحسب الموظف، فإن أقدم سيارة رئاسية موجودة وما زالت تعمل هي من طراز «همبر» البريطانية، ودخلت السودان عام 1935 في عهد الحاكم الإنجليزي «سير ستيورات سايمز»، وأقدم منها سيارة «رولز رويس» 1924، لكنها دخلت البلاد عام 1952، هدية من خديو مصر لاستخدام الحاكم البريطاني «سير روبرت هاو»، وظلت هذه الـ«رولز رويس» الفخيمة تعمل حتى بعد الاستقلال، وكانت مخصصة للرئيس إسماعيل الأزهري، ثم استخدمها رئيس مجلس السيادة، وأعضاء المجلس.
وفي عام 1954 وعهد آخر حاكم إنجليزي للسودان «سير فوكس هولم» وصلت البلاد سيارة «رولز رويس - مانيوال»، وخصصت لأعضاء مجلس السيادة، وسيارة «رولز رويس» مكشوفة دخلت البلاد عام 1960 على أيام الرئيس إبراهيم عبود، واستخدمت في طواف الرئيس ولتحية الجمهور.
وخصصت للرئيس الأسبق جعفر النميري، سيارة من طراز «رولز رويس مانيوال» بموديل أحدث، إضافة إلى «رولز رويس – سلفر شدو» مصفحة ضد الرصاص ذات مزايا تأمينية عالية دخلت البلاد عام 1984، وقد أهداه الملك السعودي الراحل خالد بن عبد العزيز آل سعود سيارة رئاسية أميركية من طراز «لنكولن» في عام 1981، ومن أبرز الضيوف الذين استخدمت لتنقلهم الرئيس الإثيوبي الأسبق منجستو هيلا مريام، ولا تزال هذه السيارات محتفظة بأبهتها وفخامتها، ويعدها هواة السيارات تحفًا فنية لا تقدر بثمن.
وأخيرًا، دخلت البلاد سيارات رئاسية من طراز «مايباخ» المصفحة بالبلاتونيوم ويبلغ سعرها 2.3 مليون دولار، من إنتاج «ديملر» الألمانية للسيارات الفخمة.
ونقلت مصادر إعلامية سودانية أن القصر استورد هذه السيارات التي تعد الأفخم والأكثر تأمينا من نوعها، وانضمت لأسطول السيارات الرئاسي من طرز مثل «مرسيدس»، و«بي إم دبليو»، وذات الدفع الرباعي من ماركات «تويوتا»، و«نسيان»، لكن الصحف ذاتها نقلت عن المستشار الصحافي السابق للرئيس، عماد سيد أحمد، قوله إن سيارة وحيدة من طراز «مايباخ» استوردت قبل خمس سنوات، وخصصت لاستقبال الرئيس لزواره من الرؤساء.
وأثار دخول هذه السيارة باهظة الثمن، ضمن سيارات التشريفة الرئاسية موجة من السخرية والتندر النابعة من أن البلاد تعيش ضائقة اقتصادية يعجز بسببها الناس عن تدبر أحوالهم المعيشية فيما يطحنهم الغلاء الفاحش، ويتهكم العامة من شراء مثل هذه السيارة، ويرون فيها مجرد «ترف حكومي» يعبر عن ابتعاد الحكومة عن معاناة الناس.
وعند تشييد القصر الرئاسي الجديد، نقلت مصادر إعلامية، أن 75 سيارة فخمة من طراز «شيرمان - سانيونغ» صينية الصنع، انضمت لأسطول القصر الرئاسي لخدمة الضيافة في القصر الجمهوري باعتبارها منحة مضافة للقصر الذي شيدته هو الآخر حكومة الصين.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».