«كسر عضم»... يواجه زوابع «كسر العظم»

مسلسل يحكي ظواهر الفساد المستشري في سوريا

المسلسل السوري «كسر عضم»
المسلسل السوري «كسر عضم»
TT

«كسر عضم»... يواجه زوابع «كسر العظم»

المسلسل السوري «كسر عضم»
المسلسل السوري «كسر عضم»

مع وصول عرض مسلسل «كسر عضم» (كسر عظم)، للكاتب علي معين الصالح، والمخرجة رشا شربتجي، للحلقة 18، لا تزال كاميرا التصوير تدور في مناطق عدة بدمشق وريفها، في سباق مع الزمن؛ وذلك بالترافق مع مواجهة صناع العمل زوابع «كسر العظم»، التي أثارها المسلسل مع بدء عرضه في الموسم الرمضاني الحالي، وتحقيقه نسب مشاهدة كبيرة. فمن اتهامات بسرقة النص إلى أخرى منها الإساءة لمؤسسات التعليم الجامعية، وأساتذة الجامعات، والمحامين، والأطباء، والجمارك، وأجهزة النظام الأمنية، والإعلام السوري، وحتى الإساءة للمنجم الفلكي اللبناني مايك فغالي، واتهامات ترافقت مع تلويح باللجوء إلى القضاء.
ولم تفضِ المواجهة التي أجرتها قناة «العربية» بين السيناريست فؤاد حميرة ومالك شركة «كلاكيت ميديا» إياد النجار، عبر لقاء تلفزيوني، حول حقوق الملكية الفكرية لنص العمل، إلى نتيجة توافقية، بل تحول اللقاء إلى مهاترات وملاسنات حادة بين النجار وحميرة، الذي اتهم شركة «كلاكيت ميديا» بسرقة نصه «حياة مالحة»، الذي سبق واشترته عام 2010، وطالب باحترام حقوق الملكية، ووضع إشارة لنصه في عمل «كسر عظم»، فيما وجّه النجار تهماً لحميرة بعدم الالتزام بتسليم كامل نص «حياة مالحة»، رغم تقاضيه كامل حقوقه المالية، مؤكداً أن نص «كسر عظم» لا علاقة له بنص «حياة مالحة».
بدورها، أصدرت المخرجة رشا شربتجي، بياناً دافعت فيه عن الشركة المنتجة، موضحة أنها في عام 2010 تسلّمت الورق الذي كتبه فؤاد لـ«حياة مالحة»؛ وكان العمل حسب قول المخرجة، قد كُتب منه «200 صفحة فقط»، مضيفة: «بدأنا التصوير في دمشق (...)، وكنا على أمل أن نلحق بموسم رمضان، وأن يكمل الكاتب حميرة باقي العمل، لكن ذلك لم يحصل بسبب عدم تتمة الكاتب للنص بالأساس، ومن ثَم توقف المشروع»، وتابعت أن لديها وثائق وثبوتيات وإيميلات مستعدة لنشرها «إن تطلب الأمر»، مؤكدة أن نص «كسر عظم»، هو للشاب علي معين صالح، وكان نتاج ورشة «دراما رود»، واقترحته الدكتورة رانيا الجبان مع ثلاث حلقات مكتوبة، ولا علاقة له بأي شكل بـ«حياة مالحة».
من جانبه، أعلن الكاتب حميرة، عبر صفحته في «فيسبوك»، أنه سيتحدث عن الموضوع بتفاصيله ضمن مقال يُنشر اليوم (الخميس)، ليغلق بذلك هذا الملف، مع حذف جميع منشوراته السابقة حول الموضوع.
ويشار إلى أنه بعد عرض الحلقة 15، تصدر اسم مايك فغالي، حديث متابعي المسلسل، إذ ورد فيها حوار تضمن انتقاداً لاذعاً للإعلام السوري، الذي يستضيف مايك فغالي، واعتباره «منجماً حقه نصف فرنك يتنبأ بمستقبل بلد»، ونقل موقع «فن» عن فغالي، رده بأن الموضوع يتعلق بالمحامي الخاص به «فمن الوارد أن يتقدم بشكوى قضائية، أو ربما سيكتفي بتنبيه وإنذار بعدم تكرار الأمر فهو يعلم كيف يتصرف». كما أثار المسلسل حفيظة المحامين في دمشق، وقال الفراس فارس، نقيب المحامين السوريين، في تصريح للصحافة المحلية، إن ما ورد في بعض المشاهد، يشكل إساءة واضحة لمهنة المحاماة، ويحمل «تعدياً واضحاً» على العديد من المهن، بالتركيز على النماذج السيئة. وكشف نقيب المحامين عن أن النقابة تتابع الموضوع، إذ يعمل عدد من المحامين على توثيق المقاطع التي تضمنت «الإساءة» لاتخاذ إجراء معيّن، سواء بمخاطبة نقابة الفنانين أو وزارة الإعلام.
ويركز مسلسل «كسر عظم»، الذي حظي بمتابعة واسعة في سوريا بشكل مباشر، ويصل في بعض المشاهد إلى حد الفجاجة الصادمة، على ظواهر الفساد المستشري في سوريا، وسلوكيات الفاسدين وجرائمهم في مختلف القطاعات التعليمية، والحقوقية، والطبية، والأمنية، والعسكرية، والتجارية. الأمر الذي أثار الاستغراب من سماح الرقابة السورية بتصويره وعرضه، في الوقت الذي يشد النظام بقبضته الأمنية على عنق الإعلام والنشر الإلكتروني في «السوشيال ميديا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».