«أوكسفام» لـ«صندوق النقد»: التقشف سيفرز مزيداً من الفقر

«الخزانة» الأميركية تبحث تحركات لحماية الاقتصادات النامية

الحي المالي و«جسر الألفية» في مدينة لندن (رويترز)
الحي المالي و«جسر الألفية» في مدينة لندن (رويترز)
TT

«أوكسفام» لـ«صندوق النقد»: التقشف سيفرز مزيداً من الفقر

الحي المالي و«جسر الألفية» في مدينة لندن (رويترز)
الحي المالي و«جسر الألفية» في مدينة لندن (رويترز)

حثت منظمة «أوكسفام» صندوق النقد الدولي على «التخلي عن مطالبه بالتقشف؛ لأن أزمة تكلفة المعيشة تفاقم الجوع والفقر في العالم»، وفق ما أوردته المنظمة غير الحكومية في بيان الثلاثاء.
وقالت المنظمة إن «87 في المائة من قروض صندوق النقد الدولي المتعلقة بـ(كوفيد19) تتطلب من البلدان النامية - التي حُرمت من الوصول المتكافئ إلى اللقاحات وتواجه بعضاً من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم - اعتماد تدابير تقشف جديدة صارمة لن تؤدي إلا إلى تفاقم الفقر وعدم المساواة».
وأظهر تقرير جديد أعدته منظمة «أوكسفام» أن «13 من أصل 15 من برامج القروض التي تفاوض عليها صندوق النقد الدولي في السنة الثانية من الوباء تفرض تدابير تقشف جديدة، مثل ضرائب على المواد الغذائية والوقود أو تخفيض الإنفاق، مما يحتمل أن يهدد الخدمات العامة الأساسية»؛ بحسب المنظمة.
ولكن؛ أشارت «أوكسفام» إلى أنه في عام 2020 «خصص صندوق النقد الدولي قروضاً طارئة بالمليارات لمساعدة البلدان النامية على مواجهة (كوفيد19) بشروط قليلة في كثير من الأحيان أو معدومة». وأضافت «أوكسفام»: «حثت المديرة العامة للصندوق، كريستالينا غورغييفا، أوروبا مؤخراً على عدم تعريض انتعاش اقتصادها للخطر من خلال (القوة الخانقة للتقشف)، في حين عاد صندوق النقد الدولي العام الماضي إلى فرض إجراءات تقشفية على البلدان منخفضة الدخل».
ويرى نبيل عبدو، مستشار منظمة «أوكسفام» للسياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب البيان، أن «ذلك يوضح تماماً سياسة المعايير المزدوجة لصندوق النقد الدولي: فهو يحذر الدول الغنية من التقشف؛ بينما يجبر البلدان الأكثر فقراً عليه».
وعدّ عبدو أن الدول الفقيرة «تحتاج إلى مساعدة لتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية، وليس إلى الظروف القاسية التي يواجهها الأشخاص عندما يكونون في الحضيض»، مشيراً إلى أن الوباء لم ينته بعد، وإلى أن الدول الفقيرة هي الأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء.
وأضاف عبدو: «يتعين على صندوق النقد الدولي تعليق شروط التقشف على القروض الحالية، وزيادة الوصول إلى التمويل الطارئ. وأن يشجع البلدان على زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات لتجديد الخزينة المستنزفة وتقليل التفاوتات المتزايدة».
وبالتزامن مع بيانات «أوكسفام»، قال والي أديمو، نائب وزيرة الخزانة الأميركية، مساء الاثنين، إن الوزارة ستحث المؤسسات المالية الدولية هذا الأسبوع على اتخاذ خطوات لتخفيف تداعيات حرب روسيا في أوكرانيا على الاقتصادات النامية التي تدفع تكاليف باهظة من خلال ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.
وأضاف أديمو في تعليقات في ندوة افتراضية استضافها «معهد بيترسون للاقتصاد الدولي» الذي مقره واشنطن: «يجب علينا ألا نسمح للغزو الروسي لأوكرانيا بأن يزيد العبء على البلدان التي ما زالت تجد صعوبة في التعامل مع جائحة عالمية»، في إشارة إلى وباء «كوفيد19». وقال إن الائتلاف الذي يضم أكثر من 30 دولة تدعم العقوبات ضد روسيا سيواصل تكثيف الضغط على موسكو. و«ما دام الغزو الروسي مستمراً، فإن عقوباتنا ستستمر. حتى ونحن نواصل السعي إلى عقوبات مالية قوية ضد روسيا ومؤسساتها المالية الرئيسية، فإن المرحلة المقبلة في عملنا ستكون تفكيك آلة الحرب الروسية قطعة قطعة، بتعطيل مجمعها الصناعي العسكري وسلاسل إمداداته».
وقال أديمو إن الصين خارج ذلك الائتلاف، لكنها تواصل التقيد بالعقوبات السارية حالياً «للسبب الأساسي نفسه وهو أن التعاملات التجارية للصين مع بقية العالم أكبر بكثير من تعاملاتها مع روسيا»... لكنه أضاف أن «الخزانة الأميركية» تدعو الصين إلى حث روسيا على إنهاء غزوها أوكرانيا؛ لأن بكين تعطي أهمية للسيادة والاستقرار الاقتصادي.


مقالات ذات صلة

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أشخاص يقومون بتعديل لافتة خارج مكان انعقاد قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (أ.ب)

أذربيجان تحذر: «كوب 29» لن ينجح دون دعم «مجموعة العشرين»

استؤنفت محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، يوم الاثنين، مع حث المفاوضين على إحراز تقدم بشأن الاتفاق المتعثر.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة للبنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

ناغل من «المركزي الأوروبي»: تفكك الاقتصاد العالمي يهدد بتحديات تضخمية جديدة

قال عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يواخيم ناغل، إن هناك تهديداً متزايداً بتفكك الاقتصاد العالمي، وهو ما قد يضع البنوك المركزية أمام تحديات تضخمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يقف المشاركون وموظفو الأمن خارج مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (إ.ب.أ)

الدول في «كوب 29» لا تزال بعيدة عن هدفها بشأن التمويل المناخي

كانت عوامل التشتيت أكبر من الصفقات في الأسبوع الأول من محادثات المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29)، الأمر الذي ترك الكثير مما يتعين القيام به.

«الشرق الأوسط» (باكو)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.