يقدّم اثنان من محركي الدمى عروضاً داخل محطة مترو في مدينة خاركيف الأوكرانية تُستخدم ملجأ من الغارات الجوية في شمال شرق أوكرانيا، مرفهين بذلك عن الأطفال وذويهم وسط أجواء الحرب التي تشنها روسيا.
ويستخدم أنتون أندريوشينكو وزميلته أولكساندرا شليكوفا في عروضهما مجموعة واسعة ومتنوعة من الدمى، بينها ملك ذو شارب وقطيع من الماشية، يبث الفنانان الحياة فيها ليرويا قصة أميرات «مختلفات».
ويحاول الاثنان من خلال عروضهما جعل الأطفال وأولياء أمورهم ينسون جولات القصف الروسي التي تتوالى على ثاني أكبر مدن أوكرانيا.
وينتزع أنتون وأولكساندرا بواسطة هاتفيهما الجوالين بعض الضحكات وآهات التعجب من الجمهور في خضمّ الخوف من القذائف المتساقطة.
وفي ختام العرض، تنحني أولكساندرا أمام الجمهور الصغير وتدعو الأطفال للتقدّم من أجل اللعب بالدمى.
وترى شليكوفا أن في «الأداء الحي دائماً قدراً من المشاعر المرتبطة باللحظة الراهنة». وتضيف: «نتبادل مشاعرنا ونستعيد مزاجنا الجيد. يصعب وصف ذلك، فعلى المرء أن يشعر به».
وتتعرض خاركيف يومياً لقصف عنيف يخلّف عدداً من الضحايا، إذ كثّفت روسيا استهدافها منذ أن أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه سيسحب قواته من منطقة كييف للتركيز على شرق أوكرانيا.
وحُوّلت محطات قطار الأنفاق في هذه المدينة التي تبعد 21 كيلومترا فحسب من الحدود الروسية إلى ملاجئ ضخمة تحت الأرض.
وقُتل شخصان السبت وأصيب 18 آخرون بجروح جرّاء قذائف استهدفت وسط المدينة، بحسب ما أفادت السلطات المحلية التي أعلنت أيضاً أن عشرة أشخاص قُتلوا الجمعة وأصيب 35 آخرون في قصف على حيّ سكني.
وامتلأت محطات المترو بمراتب النوم والبطانيات، وتكدست بالقرب منها الملابس والألعاب ومستلزمات النظافة الشخصية، فيما تُستخدم عربات القطارات كمهاجع.
وترى أوكسانا (37 عاماً) أن عرض الدمى يوفّر بارقة في ظلمة الملجأ. وتلاحظ هذه الأم التي حضرت العرض مع ابنتيها أن ما يتسم به من «واقعية فكاهة» يجعل المشاهد «سعيداً» وتعيد إليه البسمة وبعض الحيوية.
ومع أن أوكسانا تمكث مع ابنتيها في ملجأ آخر تحت الأرض، فلم تتردد في الانتقال إلى «المسرح» القريب، حرصاً على عدم تفويت العرض.
وتقول إن «من يحضره يتذكر القصص ما يساهم في تغيير الطريقة التي ينظر بها إلى العالم».
وفي ملجأ من الطوب الأبيض تتراكم فيه الأسرّة المرتجلة في مكان آخر من المدينة، يقام نشاط من نوع مختلف، هو عبارة عن قراءات شعرية.
ويتولى سيرغي يادان قراءة بضعة أبيات من الشعر بصوت عالٍ، ترافقه موسيقى في الخلفية، في ضوء نيون أرجواني، أمام جمهور محدود يتابع المونولوغ الغنائي والسريالي المطعّم بشخصيات حيوانية غامضة.
وتشكّل هذه القصيدة «تهويدة قاسية» مستوحاة من كتاب للأطفال، على ما يشرح يادان، وهو أحد أبرز الوجوه على الساحة الأدبية في أوكرانيا التي يحظى فيها الشعر بمكانة كبيرة واهتمام واسع.
ويرى يادان أن «الإنسان لا يستطيع أن يعيش في ظل الحرب وحدها (...) فمن المهم جداً (للأوكرانيين) سماع كلمة ما، والتمكن من الغناء معاً، والتعبير عن مشاعر معينة».
للترفيه عن الأطفال وسط أجواء الحرب... عروض دمى في ملاجئ خاركيف الأوكرانية
للترفيه عن الأطفال وسط أجواء الحرب... عروض دمى في ملاجئ خاركيف الأوكرانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة