وثائق إسرائيلية: عرفات دعم العمليات المسلحة خلال الانتفاضة الثانية

شارون أراد تصفيته لكن بوش رفض بشدة

الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أرشيفية)
الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أرشيفية)
TT

وثائق إسرائيلية: عرفات دعم العمليات المسلحة خلال الانتفاضة الثانية

الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أرشيفية)
الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات (أرشيفية)

أميط اللثام في الجيش الإسرائيلي عن مجموعة من الوثائق والملفات الفلسطينية الرسمية والإسرائيلية الاستخبارية، تبين وفق ادعاءاتها، أن الرئيس الفلسطيني السابق، ياسر عرفات، دعم بشكل مباشر العمليات المسلحة وعمل عبر عدد من القادة الميدانيين في حركة فتح على تمويل وتشجيع هذه العمليات، وأنه في كثير من الأحيان، كان يدعم عمليات لفصائل فلسطينية أخرى منافسة له، بغرض ممارسة الضغوط على حكومات الاحتلال.
الوثائق التي أتيح الاطلاع عليها، تقدر بعشرات آلاف الأوراق والملفات التي تمت مصادرتها من «المقاطعة»، خلال محاصرة عرفات بداخلها في مثل هذه الأيام من عام 2002، أو من مقرات أجهزة الأمن الفلسطينية وكذلك من ملفات المخابرات الإسرائيلية، التي أعدت في تلك الفترة وفي فترات لاحقة. وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الوحدة الخاصة بتحليل الوثائق «امشاط»، التي تأسست في الجيش الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، كلفت بخزن وصيانة الوثائق والقيام بعملية تحليل لمضامينها خلال عمليات الاجتياح وإعادة احتلال الضفة الغربية قبل 20 عاماً.
وقد أقامت هذه الوحدة مكاتب لها في مقر الحكم الإسرائيلي العسكري للضفة الغربية في مستعمرة بيت إيل، الملاصقة لرام الله، وراحت تراجع الوثائق وتنفذ عمليات الاعتقال أو الاغتيال على أساسها. ومن خلال هذا النشاط جاء قرار اعتقال مروان البرغوثي، الذي بينت الوثائق أن عرفات كلفه بقيادة كتائب شهداء الأقصى، لتكون ذراعاً عسكرية لحركة فتح وجهازا تنفيذيا للانتفاضة الثانية والعمليات المسلحة التي تخللتها.
وتكشف إحدى الوثائق، أن عرفات كان عندما يكتشف وجود خلية مسلحة تابعة لحركة فتح أو حتى لخصومه من حماس أو الجهاد الإسلامي، يعتقل أفرادها لحمايتهم من الاعتقال أو الاغتيال الإسرائيلي.
ويقول حاييم ليفي، أحد مؤسسي وحدة «امشاط» ونائب قائدها في ذلك الوقت، إن قيادة أجهزة الأمن الإسرائيلية كانت قلقة وتريد معرفة ما هو مدى دعم السلطة الفلسطينية للعمليات، واشتبهت بوقوف عرفات معها، مع أنه كان يدين العنف. وقد تم رفد الوحدة بعشرات المقاتلين والمترجمين من العربية والمحللين، عملوا معاً بصورة طوارئ حربية واستخدموا لذلك أجهزة إلكترونية ووسائل تكنولوجية حديثة. وبفضل هذا العمل، تم العثور على «صناعة أسلحة حربية وأدوات قتالية متطورة، بينها طائرات صغيرة مسيرة، وأخرى شراعية ذات محرك، كانت صناعتها مقصورة على الدول المتقدمة»، وتم اعتقال آلاف الفلسطينيين، بينهم مسؤولون في أجهزة الأمن وقادة حركة فتح الذين كانوا شركاء في العمليات من قريب أو من بعيد، أو كانوا يعرفون بها ويغضون الطرف. وبسبب ما كشف عنه من معلومات، تقررت محاصرة عرفات داخل جناح صغير من المقاطعة وتهديم جميع الأجنحة الأخرى فيها».
يضيف ليفي، الذي كان أحد الشهود في محاكمة مروان البرغوثي، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أرئيل شارون، قرر إعداد ملف بالوثائق الأساسية وإرسالها إلى البيت الأبيض لاطلاع الرئيس الأميركي، جورج بوش الابن. وكانت مصادر سياسية وأمنية قد كشفت، آنذاك، أن شارون أراد تصفية عرفات، لكن الرئيس بوش رفض ذلك، وأوضح أن إدارته تطلب من حكومة إسرائيل عدم المساس به بأي شكل من الأشكال، وأكد في حينه أن عرفات انتهى سياسياً بالنسبة للولايات المتحدة لكن اغتياله خطأ استراتيجي.
ويقول ليفي، إن عمله في الوحدة خلال السنوات اللاحقة بعد وفاة عرفات، جعله يمتلك براهين كثيرة على أن الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، وقف ضد العنف بشكل حقيقي وحرص دائماً على تأييد الطرق السلمية. ولذلك فهو يتمنى لقاءه ومصافحته.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».