هل الترسانة النووية التكتيكية ضمن خيارات موسكو في حرب أوكرانيا؟

أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)
أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)
TT

هل الترسانة النووية التكتيكية ضمن خيارات موسكو في حرب أوكرانيا؟

أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)
أنظمة صواريخ باليستية روسية تظهر في عرض عسكري بموسكو (رويترز)

طُرحت، أمس الخميس، مجدداً تساؤلات حول إمكان استخدام روسيا أسلحة نووية تكتيكية في حرب أوكرانيا، بعدما حذّرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من أن موسكو قد تلجأ إلى خطوة كهذه من شأنها أن تشكّل تطوّراً غير مسبوق منذ عام 1945.
وطُرحت الفرضية في السابق بعيد بدء النزاع حينما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه أمر قادته العسكريين بوضع «قوة الردع النووية الروسية في حال تأهب».
والخميس، جدّد مدير وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» وليام بيرنز التحذير من أن انتكاسات روسيا العسكرية في أوكرانيا قد تدفع بوتين إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي أو منخفض القوة، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال بيرنز في كلمة ألقاها في أتلانتا إن «اليأس من شأنه أن يدفع ببوتين والقيادة الروسية، نظراً إلى الانتكاسات العسكرية التي يواجهونها حتى الآن» إلى اتّخاذ خطوة كهذه.
لكنّه أقر بأن الولايات المتحدة لم تر «أدلة عملية» كثيرة على عمليات نشر فعلية لهذه الأسلحة من شأنها أن تفاقم القلق الغربي على هذا الصعيد.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1515044787954413569
وتمتلك روسيا كثيرا من الأسلحة النووية التكتيكية، وهي أقل قوة من القنبلة التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية، ويمكن تزويد ناقل يقلّ مداه عن 5500 كلم بها.
وفي نهاية مارس (آذار) قال المحلل في مركز تشاتهام هاوس البريطاني للأبحاث ماتيو بوليغ في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية «على المستوى العمودي... هناك خطر حقيقي... إنهم بحاجة ماسة إلى تحقيق انتصارات عسكرية لاستثمارها سياسياً».
وتابع «السلاح الكيميائي لن يغير شكل الحرب... لكن سلاحاً نووياً تكتيكياً من شأنه أن يدمّر مدينة أوكرانية يمكنه ذلك... إنه أمر غير مرجّح لكنه ليس مستحيلاً وفي حال حصل فإنه سينسف فرضية ردع نووي عمرها 70 عاماً».
والعقيدة العسكرية الروسية مدار جدل. ويؤكد العديد من الخبراء ومسؤولون عسكريون، خصوصاً في واشنطن، أن موسكو تخلّت عن العقيدة السوفياتية التي تقضي بعدم المبادرة لاستخدام السلاح النووي.
وتتميز العقيدة العسكرية الروسية بمبدأ يسمى التصعيد من أجل احتواء التصعيد، والذي قد يشمل شن ضربة أولى بسلاح نووي منخفض القوة لإجبار حلف شمال الأطلسي على التراجع.
ولم تبدّد المواقف الروسية الصادرة مؤخراً الشكوك التي تحيط بهذا التفسير.
وفي تصريح أدلى به لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن روسيا لن تستخدم السلاح النووي في سياق الحرب مع أوكرانيا إلا إذا واجهت «تهديداً وجودياً»، مشيراً إلى أحد أسس العقدية الرسمية الروسية، من دون إعطاء أي توضيح.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1515039018194415617
تقنياً، روسيا مجهّزة. فبحسب «مجلة علماء الذرة» نشرت روسيا 1588 رأساً نووية بينها 812 رأساً جهّزت بها صواريخ مرابض أرضية، و576 رأساً مجهّزة بها غواصات و200 رأس تم تجهيز قاذفات بها.
وبحسب بافل لوزين المحلل في مركز ريدل للأبحاث ومقره موسكو، يمكن لروسيا أن تستخدم سلاحاً نووياً تكتيكياً «لتثبيط معنويات خصم، ولمنع العدو من مواصلة القتال».
وقال لوزين في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية إن الهدف هو في المقام الأول التلويح بهذا السلاح لغايات الردع «لكن في حال أراد الخصم مواصلة القتال، يمكن استخدامه بشكل أكثر صراحة».
لكن حتى في حال حقّقت التهديدات الهدف منها فلا يمكن استبعاد الخطر بشكل كامل.
وذكّر مسؤول فرنسي رفيع طالباً عدم كشف هويته بأنه «في حال المراوحة أو الإذلال، يمكن تصوّر تصعيد عمودي... هذا الأمر هو جزء من الثقافة الاستراتيجية الروسية التي تنص على المضي قدماً في الترهيب والتصعيد بهدف التوصل إلى احتواء التصعيد». وأضاف «بوتين لم يدخل هذه الحرب لكي يخسرها».
لكن آخرين يصرّون على استحالة استخدام السلاح النووي، معتبرين أنه في حال قرر بوتين أن يبيد ولو قرية أوكرانية لإظهار مدى تصميمه، فإن كل أشكال الحياة البشرية في المنطقة قد تفنى لعقود.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1505624373683752963
وأكد وليام ألبيرك، المحلل في المعهد الدولي أن «الثمن السياسي سيكون هائلاً... فهو سيخسر الدعم الضئيل المتبقي له... الهنود سيتراجعون وكذلك الصينيون»، مضيفاً «لا أعتقد أن بوتين سيفعل ذلك».
لكن روسيا ما كانت لتحظى بمكانتها العسكرية الحالية من دون السلاح النووي. فهي ما كانت لتشكل تهديداً بهذا القدر من الخطورة بقواتها التقليدية التي وعلى الرغم من إظهارها قدرة تدميرية هائلة في أوكرانيا تعاني من ضعف حقيقي على مستوى التكتيك والعمليات وعلى الصعيد اللوجستي.
وقال دبلوماسي غربي إنه بعد الغزو الروسي لأوكرانيا «لم تعد هناك حدود» لا يمكن تخطيها، لكنّه أعرب عن أمله بعدم اللجوء للقوة النووية التي يعود آخر استخدام لها في الحرب إلى التاسع من أغسطس (آب) 1945 حينما أصبحت ناغازاكي ثاني مدينة يابانية تُقصف بالقنبلة الذرية بعد هيروشيما.


مقالات ذات صلة

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

أوروبا المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف (د.ب.أ)

الكرملين: التصريح الأخير لترمب بشأن أوكرانيا «يتماشى تماماً» مع الموقف الروسي

نوّه الكرملين الجمعة بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا القوات الأوكرانية تقصف مواقع روسية على خط المواجهة في منطقة خاركيف (أ.ب)

مسؤول كبير: أوكرانيا ليست مستعدة لإجراء محادثات مع روسيا

كشف أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقابلة أذيعت في وقت متأخر من مساء أمس (الخميس) إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عسكري أوكراني يحتمي أمام مبنى محترق تعرَّض لغارة جوية روسية في أفدييفكا (أ.ب)

قتال عنيف... القوات الروسية تقترب من مدينة رئيسية شرق أوكرانيا

أعلنت القيادة العسكرية في أوكرانيا أن هناك قتالاً «عنيفاً للغاية» يجري في محيط مدينة باكروفسك شرق أوكرانيا، التي تُعدّ نقطة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.