اتهامات بايدن لبوتين تقلق دولاً حليفة

واشنطن تؤكد مجدّداً أنّ موسكو تريد «تدمير أوكرانيا وسكانها»

سكان ماريوبول يعانون من الدمار الكبير الذي تشهده المدينة (رويترز)
سكان ماريوبول يعانون من الدمار الكبير الذي تشهده المدينة (رويترز)
TT

اتهامات بايدن لبوتين تقلق دولاً حليفة

سكان ماريوبول يعانون من الدمار الكبير الذي تشهده المدينة (رويترز)
سكان ماريوبول يعانون من الدمار الكبير الذي تشهده المدينة (رويترز)

يهاجم جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين بضراوة متزايدة، واصفاً إياه مرّة بأنه «مجرم حرب» وتارة بأنه «جزّار» لا يجب أن «يظل في السلطة»، واتهمه أخيراً بارتكاب «إبادة جماعية» في أوكرانيا، لكن تصريحات الرئيس الأميركي التي اعتبرها «حديثاً من القلب» كثيراً ما تأخذ إدارته ودولاً حليفة على حين غرة وتسبب لهم قلقاً.
عندما تقدم رئيس الولايات المتحدة الثلاثاء نحو الصحافيين الذين كانوا ينتظرون عودته إلى واشنطن بعد زيارته لولاية أيوا الريفية في الغرب الأوسط، سألوه، هل يعتقد حقاً أن فلاديمير بوتين يرتكب «إبادة جماعية» في أوكرانيا؟
قبيل ذلك، استعمل الزعيم الأميركي العبارة بشكل شبه عرضي في سياق خطاب حول التضخم والوقود الحيوي وهو يقف بين جرار وكومة ذُرة.

دمار في محيط العاصمة كييف (إ.ب.أ)

وقال جو بايدن «ميزانية عائلتكم، قدرتكم على التزود بالوقود، لا ينبغي أن يعتمد أي من ذلك على إعلان ديكتاتور حرباً وارتكابه إبادة جماعية على الجانب الآخر من العالم».
سرعان ما أعلن البيت الأبيض للصحافيين، أنه سيصدر توضيحاً، لكن إثر نزوله من الطائرة الرئاسية صرّح بايدن مجدداً «نعم، أسميتها إبادة جماعية».
وأكد أن الأمر يعود «للخبراء القانونيين على الصعيد الدولي» ليقرّروا ما إذا كانت الجرائم المرتكبة في أوكرانيا إبادة جماعية أم لا، لكنه أضاف «بالنسبة لي، هي تبدو كذلك».
من جانبه، قال السفير الأميركي لدى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مايكل كاربنتر، الأربعاء، إن هناك «تحليلاً قانونياً جارياً على أساس جمع دقيق للأدلة».
وأضاف في تصريح للصحافيين «سيستغرق الأمر وقتاً، لكن في غضون ذلك اتخذ الرئيس موقفاً أخلاقياً واضحاً للغاية».
أما المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، فقالت عبر شبكة «سي إن إن» الإخبارية «أعتقد أنّه بمجرّد أن نتمكّن من جمع كلّ الأدلة، سنخلص في النهاية إلى النتيجة نفسها التي توصّل إليها الرئيس بايدن؛ لأنّ ما يحدث على الأرض ليس صدفة».
وأضافت «هذا قرار متعمّد اتّخذته روسيا وقواتها لتدمير أوكرانيا وسكّانها المدنيين».

سكان ضواحي العاصمة الأوكرانية ينظفون أحد المباني بعد قصفه (إ.ب.أ)

- «محادثات عفوية»
كان الرئيس الأميركي قد وصف نظيره الروسي في 16 مارس (آذار) بأنه «مجرم حرب»، ثم اعتبر في 26 مارس، أنه «جزّار»، وجاء التصريحان خلال محادثتين قصيرتين وعفويتين مع الصحافة. وسبقت تصريحات جو بايدن رد فعل الغربيين الحانق في مطلع أبريل (نيسان) إثر اكتشاف العديد من الجثث في مدينة بوتشا بمحيط كييف بعد أن استعادها الجيش الأوكراني. فقد أدلى الزعيم الأميركي بتصريح حادّ آخر حول بوتين في 26 مارس في نهاية خطاب مدروس للغاية في العاصمة البولندية، قال فيه «بحقّ الله، لا يمكن لهذا الرجل أن يبقى في السلطة». وقد فاجأت كلماته تلك في وارسو معاونيه بشكل واضح. بينما كان موكبه يتجه نحو المطار في العاصمة البولندية، صاغ البيت الأبيض على عجل توضيحات وزّعها على المراسلين للتأكيد على أن واشنطن لم تدع إلى تغيير النظام في روسيا.
بُعيد ذلك، برّر بايدن تصريحاته قائلاً «كنت أعبّر عن سخطي». عند استخدامه مصطلحي «مجرم حرب» و«إبادة جماعية» يقول الرئيس إنه يعبّر عن مشاعره المنفصلة نوعاً ما عن التوصيفات القانونية والتداعيات الدبلوماسية.
- التعبير عن الرأي
لا يعد ذلك غريباً بالنسبة للديمقراطي البالغ 79 عاماً، والذي يؤكد أنه «يتحدّث من القلب» في عدد من المواضيع وليس فقط فيما يتعلق بالشؤون الدولية. أما المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، التي تلقت أسئلة الأربعاء حول آخر تنقل أجراه جو بايدن، بما في ذلك حشره مصطلح «إبادة جماعية» بين طيات تصريح حول تكلفة المعيشة للأسر الأميركية، فقالت بعبارات دفاعية «إنه رئيس الولايات المتحدة وزعيم العالم الحر، يمكنه التعبير عن آرائه متى شاء».
تؤثر تصريحات الرئيس الأميركي على استقرار العلاقات مع الحلفاء؛ إذ رفض الأربعاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعمال مصطلح «الإبادة الجماعية»، وقد سبق أن انتقد بشدة استخدام عبارة «جزّار» بحجّة أن مثل تلك المفردات تعقد آفاق التفاوض مستقبلاً مع فلاديمير بوتين.
بدوره، قال المستشار الألماني أولاف شولتس «أريد أن أحاول قدر الإمكان الاستمرار في العمل على وقف هذه الحرب وإعادة إرساء السلام؛ لذلك لست متأكداً من أن التصعيد الكلامي يخدم القضية». بتصريحاته التي تثير حتماً سخط موسكو وغالباً امتنان كييف، يسعى الرئيس الأميركي أيضاً إلى «الرد» على «ضغوط» الكونغرس الذي يحضّه على زيادة دعمه لأوكرانيا وتشديد نبرته تجاه الرئيس الروسي، وفق ما يعتقد دبلوماسي أوروبي.
ونظراً لاستبعاد جو بايدن إرسال قوات إلى أوكرانيا، فإن ما يملكه هو شحنات أسلحة ضخمة إلى كييف، والكلمات.
- الخارجية الأميركية
وقالت المسؤولة الثالثة في وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، عبر شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية «أعتقد أنّه بمجرّد أن نتمكّن من جمع كلّ الأدلة، سنخلص في النهاية إلى النتيجة نفسها التي توصّل إليها الرئيس بايدن؛ لأنّ ما يحدث على الأرض ليس صدفة». وأضافت «هذا قرار متعمّد اتّخذته روسيا وقواتها لتدمير أوكرانيا وسكّانها المدنيين». وبموجب «اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها»، المعاهدة التي أقرّتها الأمم المتحدة في 1948، فإنّ الإبادة الجماعية تعني الجرائم المرتكبة «بقصد التدمير الكلّي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه».
ويحاذر الحقوقيون كثيراً بشأن استخدام هذا المصطلح كما ينقسم القادة الغربيون حياله. واعتبر الكرملين، أنّ توجيه بايدن مثل هذا الاتّهام إلى روسيا هو أمر «غير مقبول». لكنّ الدبلوماسية الأميركية حاولت التقليل من تداعيات الاتهام الرئاسي، مؤكّدة أنّ ما قاله بايدن هو قبل كل شيء موقف «أخلاقي». وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، للصحافيين الأربعاء، إنّ «الرئيس كان يتحدّث عن شعوره وهو يشاهد الصور المروّعة التي رأيناها جميعاً من أماكن مثل ماريوبول، مثل بوتشا، مثل خاركيف ومثل أماكن أخرى». وأضاف، أنّ «المهمّ ليس ماذا نسمّي هذه الأفعال، بل كيف نردّ عليها ونستجيب لها بطريقة حازمة من خلال تزويد شركائنا الأوكرانيين بما يحتاجون إليه للدفاع عن أنفسهم».
وتابع «سواء أكانت جرائم حرب أو فظائع أو إبادة جماعية، فإنّ هذا لا يغيّر شيئاً في استراتيجيتنا، ولا تمنحنا المزيد من القوة».
... وبريطانيا أيضاً
أشار تقييم استخباراتي لوزارة الدفاع البريطانية، بشأن التطورات في أوكرانيا، أمس (الخميس)، إلى أن روسيا تشن هجمات متكررة وعشوائية على مراكز مدن في أوكرانيا منذ بدء الحرب. ولفت التقييم إلى أن بلدات كراماتورسك وكوستيانتينيفكا قد تكون أهدافاً روسية لمستويات مماثلة من العنف. واعتبر التقييم أن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، تعكس اهتمامه المستمر بمنطقة دونباس بشرق أوكرانيا، حيث تستمر المواجهات بين القوات الروسية والأوكرانية. وكان بوتين قال «هدفنا الرئيسي مساعدة شعب دونباس الذي اعترفنا به... والعمليات العسكرية في أوكرانيا تشكل حماية لروسيا وليس لدينا خيار آخر».


مقالات ذات صلة

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ماريندرا مودي (رويترز)

تقرير: مقتل هندي في حرب أوكرانيا يجدد التوترات بين نيودلهي وموسكو

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية الضوء على قضية الهنود الذين يقتلون خلال قتالهم مع الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
TT

الأمطار الغزيرة تقطع الكهرباء عن آلاف الأستراليين

شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)
شجرة سقطت جراء الأحوال الجوية السيئة في فايف دوك بسيدني (إ.ب.أ)

انقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية اليوم (السبت) بعد أن جلب نظام ضغط منخفض رياحاً مدمرة وأمطاراً غزيرة، مما أثار تحذيرات من حدوث فيضانات، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت شركة الكهرباء «أوسجريد» على موقعها الإلكتروني صباح اليوم إن الكهرباء انقطعت عن نحو 28 ألف شخص في سيدني، عاصمة الولاية وأكبر مدينة في أستراليا، كما انقطعت الكهرباء عن 15 ألف شخص في مدينة نيوكاسل القريبة ومنطقة هانتر.

وكشف جهاز خدمات الطوارئ بالولاية على موقعه الإلكتروني أنه تلقى ألفين و825 اتصالاً طلباً للمساعدة منذ أمس (الجمعة)، معظمها يتعلق بأشجار متساقطة وممتلكات تضررت بسبب الرياح.

وذكرت هيئة الأرصاد الجوية في البلاد أن تحذيرات من الفيضانات والرياح المدمرة والأمطار الغزيرة صدرت في العديد من أجزاء الولاية، مضيفة أن من المحتمل أن تهب رياح تصل سرعتها إلى 100 كيلومتر في الساعة فوق المناطق الجبلية.

وأشارت وسائل إعلام محلية إلى أن هذه التحذيرات تأتي بعد أن تسببت العواصف في الأسبوع الماضي في سقوط الأشجار وخطوط الكهرباء وتركت 200 ألف شخص من دون كهرباء في نيو ساوث ويلز.