المقاومة تتقدم صوب قاعدة العند.. والميليشيات تحرق منازل قيادات في التواهي بعدن

«الأهلي» يتسلم ميناء المكلا من «القاعدة».. وقيادته تطمئن شركات الملاحة البحرية

دخان يتصاعد من مناطق يتمركز فيها المقاتلون الحوثيون استهدفها طيران التحالف في صنعاء أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد من مناطق يتمركز فيها المقاتلون الحوثيون استهدفها طيران التحالف في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

المقاومة تتقدم صوب قاعدة العند.. والميليشيات تحرق منازل قيادات في التواهي بعدن

دخان يتصاعد من مناطق يتمركز فيها المقاتلون الحوثيون استهدفها طيران التحالف في صنعاء أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد من مناطق يتمركز فيها المقاتلون الحوثيون استهدفها طيران التحالف في صنعاء أمس (أ.ب)

شهدت محافظات عدن وحضرموت ولحج والضالع، في جنوب اليمن، تطورات كثيرة على الصعيد العسكري والقتالي في جبهات عدن والضالع ولحج، وعلى صعيد تطبيع الحياة اليومية للمواطنين، في محافظة حضرموت، ففي جبهة العند شمال الحوطة عاصمة محافظة لحج الجنوبية اندلعت فجر أمس الثلاثاء في مثلث العند على مشارف القاعدة العسكرية (60 كم شمال عدن) مواجهات عنيفة بين المقاومة وميليشيات الحوثي وقوات صالح، وقال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن «المقاومة تمكنت أمس من اختراق الخطوط الأمامية لدفاعات الميليشيات وقوات صالح»، ولفت المتحدث لأن المقاومة تقدمت ثلاثة كيلومترات نحو القاعدة الجوية جنوب القاعدة، وأكد المصدر أنه وأثناء التقدم تمت السيطرة على الطريق الرئيسي الرابط بين محافظات عدن وتعز والضالع وقطع إمدادات الميليشيات، ونوه المصدر لأن المواجهات في هذه الجبهة مستمرة منذ ثلاثة أيام وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى من كلا الطرفين المتقاتلين، وأضاف أن المقاومة التي تشكلت من التحام قوات من الضالع وردفان ويافع والمسيمير هي الآن تسيطر على الخط العام وحاليا تقوم بمحاصرة الميليشيات وقوات صالح الموجودة في القاعدة الجوية جنوب قاعدة العند.
وفي محافظة عدن أحبطت المقاومة الشعبية هجوما شنته صباح أمس الثلاثاء ميليشيات الحوثي المدعومة من القوات الموالية للرئيس السابق صالح، وقال مصدر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الموالية للحوثي وصالح المتمركزة في حي العريش شرق المطار بمدينة خور مكسر أطلقت نيران دباباتها ومدفعيتها الصاروخية صوب منطقة الممدارة وعبد القوي في أطراف مدينة الشيخ عثمان بدءا من فجر أمس الثلاثاء إلا أن المقاومة أحبطت محاولة تقدم هذه القوات الموالية لصالح والحوثي»، وأضاف المصدر أن المقاومة المنظمة والمعززة بالأسلحة الثقيلة قدر لها صد هجوم الميليشيات وإعادة قوات صالح والحوثي على أعقابه.
وفي مدينة التواهي غرب عدن شنت المقاومة هجوما صاروخيا على تجمعات الميليشيات في مدينة التواهي، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن «بطاريات كاتيوشا المقاومة الموجودة في مدينة البريقة غرب التواهي شوهدت مساء أول من أمس ويوم أمس الثلاثاء وهي تطلق صواريخها على حي الفتح الذي يدخل في نطاقه مقر الرئاسة والمنطقة العسكرية الرابعة والتموين العسكري»، وأشار هؤلاء إلى أن الصواريخ ألحقت ضررا في منزلين فيما لا يعرف ماهية خسارة الميليشيات. إلى ذلك أقدمت الميليشيات على إحراق منازل من اعتبرتهم قيادات في المقاومة، وقال سكان في التواهي لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الموالية لصالح والحوثي شرعت في إحراق عدد من منازل قيادات المقاومة في المدينة». كما أوضح مصدر في مكتب الصحة بعدن لـ«الشرق الأوسط» أن الإصابات المسجلة ليوم أول من أمس الاثنين كانت 54 حالة من بينها أربعة أطفال وامرأة. فيما حالات الوفيات 6 حالات مسجلة.
وفي محافظة الضالع، شمال عدن، ﺃصيب 5 أطفال أول من أمس الاثنين ﺑﺠروح مختلفة ﺃﺛناء تعرضهم لقذيفة هاون أطلقتها ميليشيات الحوثي وصالح، ﻭﻗﺎﻝ ﻣسعفون لـ«الشرق الأوسط» إﻥ «الأطفال الخمسة أصيبوا أثناء وجودهم بالقرب من متجر وسط مدينة الضالع، ثلاثة منهم وهم أيمن كامل الشعيبي ونايف أمين القاضي وصالح علي تم نقلهم إلى المستشفى».
إلى ذلك، أقدمت ميليشيات الحوثي وصالح صباح أمس الثلاثاء على اعتقال نحو 15 شخصا من سوق سناح 20 كم شمال مدينة الضالع ومن الطريق العام واقتيادهم إلى السجن المركزي، وقال مصدر في منطقة سناح لـ«الشرق الأوسط» إن «اختطاف أكثر من خمسة عشر شخصا يأتي في سياق اعتقالات جماعية لجأت إليها الميليشيات كوسيلة لتفادي الضربات الجوية، إذ دأبت على استخدام هؤلاء كدروع بشرية، ولفت المصدر إلى أن اقتياد العشرات والمئات إلى السجن المركزي يأتي في ذات السياق المراد منه إثارة أهل الضحايا على دول التحالف بدلا من الميليشيات»، وأشار إلى أن غارة أول من أمس الاثنين كانت قد حررت نحو مائة وخمسين معتقلا بينما الميليشيات نجحت في إعادة نحو مائة إلى السجن الذي فروا منه عقب ضربة الطيران.
على صعيد آخر، وفي محافظة حضرموت، شرق عدن، تسلم المجلس الأهلي الحضرمي، أول من أمس، ميناء المكلا ومجمع التسهيلات السمكية المسمى (المشروع السمكي الرابع) ودار المحافظ، وقال مسؤول محلي في المكلا لـ«الشرق الأوسط» إن «تسلم هذه المنشآت يأتي في إطار البرنامج الزمني الذي تم الاتفاق عليه بين المجلس وأنصار الشريعة (أبناء حضرموت) لتسليم الكثير من المرافق الحكومية التي استولى عليها أنصار الشريعة في مدينة المكلا». وفي حفل التسليم طمأن رئيس المجلس المهندس عمر بن الشكل الجعيدي كل الشركات الملاحية التي ستصل بواخرها إلى ميناء المكلا بأن الميناء يدار بقيادة أمنية واحدة تابعة للمجلس الأهلي الحضرمي.
وقال الجعيدي: إن «حضرموت تمر بمرحلة تاريخية لاستعادة بريقها وإشراقها الذي عرفت به في أصقاع المعمورة»، مبينًا أن المجلس الأهلي يواصل تقديم كل الجهود لتعود الحياة إلى طبيعتها في المكلا تدريجيًا بإذن الله. من جانبه شكر القائم بتسيير أعمال مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية المسؤول المالي بالمؤسسة صالح سالم القعيطي المجلس الأهلي الحضرمي على هذه الخطوة المهمة وبهذا الاستلام سيكون العمل الأمني لميناء المكلا موحدا وتابعا لجهة واحدة بدلا من تعدد الجهات الأمنية كما كان من قبل وهو ما سيسهل العمل بالميناء ويؤدي لوصول عدد أكبر من البواخر كون العائق الكبير أمام الوكالات والمؤسسات التجارية هو الجانب الأمني. وأكد القعيطي أن الميناء في وضع آمن ومستعد لاستقبال أي بواخر، منوها بوصول أول باخرة قمح بها 10500 طن من القمح التابع لصوامع حضرموت.
من جهة ثانية وعلى صعيد رفع المعاناة عن السكان في محافظة حضرموت قال مسؤول محلي في حضرموت لـ«الشرق الأوسط» إن «قيادة المحافظة ممثلة بمحافظها سعت إلى توفير دعم أولي يقدر بمليون و200 ألف لتر من مادة الديزل وكذا 900 ألف لتر بنزين، وهذه الكمية سيذهب الجزء الأكبر منها لمحطة توليد الكهرباء بينما 300 ألف لتر سيتم توزيعها على المرافق الخدمية الحيوية». ولفت المسؤول المحلي لأن قيادة المحافظة عملت جاهدة على توفير المشتقات النفطية، كما وجهت بضرورة تنفيذ آلية صارمة لتوزيع مادة الديزل بصورة عادلة ومنظمة تضمن وصولها إلى الجهات المخصصة وفق الخطة المعدة لذلك، منوها لأن توافر المشتقات بدوره سيخفف العبء عن السكان الذين يعانون مشقة تكرار انطفاء التيار الكهربائي في ظل ارتفاع درجة الحرارة بمديريات الوادي والصحراء فضلاً عما سببه ذلك من عرقلة بعض أعمال المواطنين المعتمدة على الكهرباء، إضافة المرافق الخدمية والحيوية التي لها ارتباط مباشر بحياة المواطنين كالمستشفيات والمياه وغيرها من الخدمات الأساسية المهمة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم