الحوثيون يجبرون سكان صنعاء على حضور أمسيات تعبوية

TT
20

الحوثيون يجبرون سكان صنعاء على حضور أمسيات تعبوية

كثّفت الميليشيات الحوثية، أخيراً، من تحركاتها في أوساط السكان والموظفين الحكوميين في صنعاء ومدن أخرى، لإخضاعهم لسماع محاضرات يلقيها كل مساء زعيمها عبد الملك الحوثي، وإجبارهم على حضور أمسيات وبرامج تعبوية وتحريضية تقيمها الجماعة في عموم مديريات العاصمة المحتلة صنعاء.
وفي حين اتهم مصدر محلي في صنعاء، الجماعة باستغلال الهدنة الأممية، من أجل إعادة ترتيب صفوفها وحشد مزيد من المجندين للقتال في جبهاتها عبر إخضاعهم لأمسيات ومحاضرات تحريضية، ذكرت مصادر مطلعة في العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن تلك التحركات طالت أيضاً منذ مطلع رمضان ما تبقى من موظفي قطاعات الدولة لإجبارهم على حضور تلك الأمسيات.
وتحدثت مصادر محلية في صنعاء عن نشر الميليشيات مشرفيها المحليين والثقافيين، على مستوى الأحياء والمربعات السكنية في 10 مديريات في العاصمة، بهدف مساعدة مسؤولي الأحياء الموالين لها على إقناع السكان بحضور الأمسيات التعبوية.
ولفتت المصادر إلى أن الجماعة شددت على أتباعها ضرورة حشد أكبر قدر من الشبان والسكان، من أجل الحضور للاستماع إلى ما تسميه «البرنامج الرمضاني»، المعد في سياق سعي الجماعة إلى استقطاب مجندين جدد لضمهم إلى جبهاتها.
وأخطر مشرفو الميليشيات مسبقاً أعيان الأحياء وعقالها بالحضور إلى الأماكن المحددة لعقد اللقاءات والأمسيات التعبوية، التي عادة ما تكون في منازل ومقار تابعة للانقلابيين، أو في مساجد حوّلتها الميليشيات إلى مجالس للتعبئة والسمر ومضغ نبتة «القات» المخدرة.
وفي حين أوضحت المصادر أن الانقلابيين هددوا المتقاعسين بحرمانهم من أي امتيازات أو ترقيات ومعاقبتهم واعتقالهم، باعتبارهم من ضمن المناهضين للجماعة والمتعاونين مع الحكومة الشرعية والتحالف المساند لها، كشفت عن اعتقال الجماعة، منذ مطلع رمضان، عدداً من الأعيان والناشطين، الذين رفضوا مساعدتها بتحشيد السكان لحضور الأمسيات، واقتادتهم إلى السجون.
ورغم التشديد الحوثي على إجبار السكان والموظفين وغيرهم على حضور تلك الأمسيات، فإن المصادر ذاتها ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة الاستجابة للحضور في أوساط السكان لا تزال حتى اللحظة متدنية جداً، بسبب رفضهم الانصياع لرغبة الميليشيات التي تحاول أن تخضعهم بالقوة لخطابها التعبوي وأفكارها المستمدة من «الملازم الخمينية».
وبخصوص برنامج الميليشيات الرمضاني لهذا العام، أفاد سكان وموظفون شاركوا بالقوة في أمسيات حوثية في صنعاء، بأن البرنامج، الذي يبدأ كل ليلة بعد صلاة العشاء ويستمر لساعات، يتضمن إلقاء كلمات لمعممين حوثيين تحمل بطياتها الصبغة التحريضية الطائفية ضد كل مَن يعارض الجماعة وأفكارها، إلى جانب توجيه المشرفين الدعوة للحاضرين بضرورة التحشيد إلى الجبهات باعتبار ذلك - على حد زعمهم - فريضة دينية أهم من الصلاة والصيام وبقية أركان الإسلام.وقال بعض الحاضرين، لـ«الشرق الأوسط»، إن البرنامج الحوثي يشمل الاستماع إلى محاضرة مطولة لزعيم الجماعة، تعقبها قراءة أحد المشرفين أجزاء مختارة من الملازم الطائفية لمؤسس الجماعة، في حين يتخلل بقية فقرات الأمسية ترديد جماعي لشعارات الميليشيات الطائفية وصرختها الخمينية.
وأشاروا إلى أن مشرفي الجماعة شددوا في إحدى الأمسيات التي أقيمت مؤخراً، على ضرورة أن يخرج كل مربع سكني في صنعاء عقب اختتام الأمسية بتسجيل ما لا يقل عن 5 مجندين جدد إلى صفوف الميليشيات.
ويرجح مراقبون أن إقدام الميليشيات على إقامة مثل هذه اللقاءات الطائفية خلال ليالي رمضان، في سياق البحث عن مجندين جدد، يعكس حجم الاستنزاف الكبير الذي أصاب صفوف الجماعة في جبهات القتال المختلفة.
وكانت تقارير محلية عدة أكدت، في أوقات سابقة، أن عمليات الاستقطاب الحوثية المتكررة للشبان والمراهقين وغيرهم في صنعاء تركزت طيلة السنوات الماضية من عمر الانقلاب بنحو 10 مديريات تتبع أمانة العاصمة صنعاء، التي تحوي كل مديرية فيها عشرات المربعات السكنية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.