بنيت ولبيد يضعان خطة لمواجهة أزمة الحكومة الإسرائيلية

قالا إنهما قد يقرران انتخابات بمبادرة منهما «في الوقت الملائم »

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ف.ب)
TT

بنيت ولبيد يضعان خطة لمواجهة أزمة الحكومة الإسرائيلية

رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت (أ.ف.ب)

في أعقاب الأزمة التي انتابت حكومتهما، أعد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت، وشريكه وزير الخارجية ورئيس الحكومة البديل يائير لبيد، خطة لمنع مزيد من الانشقاقات من أحزاب الائتلاف الحاكم، وطلبا من بقية الحلفاء التعاون في تطبيقها، وأوضحا أنه في حال استمرار الأزمة يمكنهما التوجه إلى انتخابات مبكرة بمبادرتهما، وذلك في وقت ملائم لهما تحدده الحكومة وليس المعارضة. وعندها يتولى لبيد رئاسة الحكومة بدلاً من بنيت.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس (الجمعة)، إن بنيت ولبيد عقدا جلسة مطولة للتداول في الأزمة، التي نشأت بعد انشقاق عضوة الكنيست عيديت سيلمان، رئيسة كتل الائتلاف، والتي انضمت إلى المعارضة وأفقدت الحكومة الأغلبية الضئيلة في الكنيست (البرلمان). وحسب تقديراتهما، فإن المعارضة ستواجه صعوبة في جلب عضو كنيست آخر من الائتلاف بالانشقاق، ولذلك هناك إمكانية للاستمرار في عمل الحكومة حتى نهاية شهر مارس (آذار) المقبل، حيث يتم طرح الموازنة العامة. فالموازنة تحتاج إلى تأييد أكثرية 61 نائباً. ولكن، حتى ذلك الموعد، ستواجه الحكومة مصاعب جمة في أدائها. وإذا كان لبيد قد بدا متفائلاً، وقال إن الإجراءات التي اتخذت حتى الآن تضمن الحياة للحكومة عدة شهور طويلة وتمنع حل الكنيست، فقد بدا بنيت أكثر تشاؤماً.
وكان بنيت ولبيد، قد تمكنا من إقناع شركائهما الرؤساء أحزاب الائتلاف الثمانية بتقديم ما يلزم من تنازلات في سبيل الحفاظ على الحكومة، إذ طلبا من أحزاب اليسار أن تهدئ اللعب في الموضوع الفلسطيني وطلبا من الحركة الإسلامية التنازل عن بعض مطالبها إزاء عرب النقب، وطلبا من نواب اليمين في حزبي «يمينا» (وهو حزب بنيت) وحزب «أمل جديد» (بقيادة وزير القضاء غدعون ساعر)، تهدئة مطالبهما المثيرة للخلاف. وأقنعا وزير المالية، أفيغدور ليبرمان، بتجميد القرارات المتعلقة بتخفيض الميزانيات للأحزاب الدينية وتأجيل القوانين المقترحة التي تحمل طابعاً علمانياً متشدداً. ومن جهة ثانية، تمكن بنيت من استصدار قرار في كتلته البرلمانية بمعاقبة النائب الذي تمرد عليهم قبل ستة شهور، عميحاي شيكلي، وإعلانه منشقاً عن حزب «يمينا»، وبذلك يمنعه القانون من الانضمام إلى حزب آخر ومنع ترشيحه في قائمة مرشحي حزب الليكود في الانتخابات المقبلة.
لكن لبيد وبنيت توصلا إلى قناعة بأن الحفاظ على الائتلاف الحكومي الحالي المستند إلى 60 نائباً فقط، يحتاج إلى مزيد من الإجراءات، وأنه يجب الاهتمام ببلورة آلية توقف الاحتكاكات وتضمن تنسيقاً دائماً بين رؤساء الائتلاف الثمانية. ولكنه يحتاج أيضاً إلى دعم من أحد أحزاب المعارضة، ولو بشكل جزئي. والعين على كتلتين: حزب اليهود الأشكيناز «يهودوت هتوراة» و«القائمة المشتركة» للأحزاب العربية. فالحزب اليديني يواجه أزمة مالية في مؤسساته التعليمية بسبب الجلوس في المعارضة. وبدأت تسمع في صفوفه أصوات تمرد على رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو. وفي القائمة العربية توجد قاعدة شعبية لا تؤيد إسقاط هذه الحكومة واستبدال حكومة بقيادة نتنياهو بها. بيد أن تحويل هذه الأصوات إلى دعم مضمون يحتاج إلى طريق طويلة وإلى تغيير جوهري في سياسة الحكومة لصالح جمهوري الكتلتين. فاليهود المتدينون يريدون وقف الإجراءات الليبرالية للوزير ليبرمان. والعرب يريدون تغيير السياسة ضد الفلسطينيين.
وقد أوضح النائب عن المشتركة ورئيس كتلتها البرلمانية، سامي أبو شحادة، في تصريحات نشرها «موقع 48» التابع لحزبه «التجمع الوطني التقدمي»، موقف كتلته قائلاً: «من جهتنا، لسنا جزءاً من الائتلاف أو المعارضة في الكنيست، نحن نمثل قضايا شعبنا أمام الحكومة، هذا هو دورنا، والساحة السياسية لم تتضح حتى الآن، وحتى لو كانت هناك انتخابات برلمانية مقبلة، ليست هذه النقاشات هي التي نبني عليها اعتباراتنا وبرنامجنا السياسي. لدينا مصالح أخرى ولدينا رؤية مغايرة». وسئل: «ومع ذلك، نحن نُقبل على فترة قد يطلب فيها المعسكران السياسيان الإسرائيليان في الحكومة والمعارضة دعمكم».
فأجاب: «هذا واضح طبعاً، أصلاً عندما يكون هناك ائتلاف حاكم مبني على أغلبية صوت واحد فإن أي تغيير بسيط يضع الائتلاف الحكومي في خطر، ويصبح كل عضو كنيست لاعباً مركزياً وله وزن سياسي أكبر بكثير من حجمه، لأن عضو كنيست واحداً يمكن أن يدعم الائتلاف أو يسقطه. نحن موجودون في هذا الموقف منذ الأيام الأولى للحكومة، لذلك تمكنا مرات - بسبب هشاشة الائتلاف - من استغلال هذا الوضع لتقديم بعض القوانين والدفع ببعض القضايا».
ومع ذلك، فإن لبيد وبنيت لم يجدا أملاً في دعم من المشتركة، ولا حتى من خارج الائتلاف. ولذلك قررا تشكيل طاقم يقرر كيف ينبغي التوجه لموضوع تقديم موعد الانتخابات بطريقة مفيدة لهما ولبقية أحزاب الائتلاف، علماً بأن جميع استطلاعات الرأي التي نشرت في اليومين الأخيرين أشارت إلى أنهم سيخسرون 6 أو 8 نواب فيما لو جرت الانتخابات اليوم، وستستمر الأزمة السياسية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.