المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام تعلن نقل مقرها إلى مركز الملك عبد الله المالي

جمانا الراشد: سيوفر نقطة جذب لكل مبدع وفرصاً وظيفية في أكثر من 30 منصة

جمانا الراشد وجاوتام ساشيتال يوقعان عقد انقال مقر المجموعة ( الشرق الأوسط)
جمانا الراشد وجاوتام ساشيتال يوقعان عقد انقال مقر المجموعة ( الشرق الأوسط)
TT

المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام تعلن نقل مقرها إلى مركز الملك عبد الله المالي

جمانا الراشد وجاوتام ساشيتال يوقعان عقد انقال مقر المجموعة ( الشرق الأوسط)
جمانا الراشد وجاوتام ساشيتال يوقعان عقد انقال مقر المجموعة ( الشرق الأوسط)

أعلنت المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) أمس (الخميس) عن مقرّها الرئيسي الجديد في مركز الملك عبد الله المالي «كافِد» (KAFD)، وهو المركز العالمي الجديد للأعمال والتجارة في العاصمة الرياض. ويأتي الإعلان عن المقر الجديد متوائماً مع أهداف استراتيجية النمو والتوسع التي أعلنتها المجموعة العام الماضي، والتي تهدف إلى تعزيز دورها الريادي باعتبارها أكبر مجموعة إعلامية في المنطقة، بما يؤهلها لقيادة المشهد الإعلامي على مستوى المنطقة ودعم مساعيها لتصبح إحدى أهم المجموعات الإعلامية الرائدة في العالم.
ويعد المقر الجديد نقطة البداية لخلق تجمع إعلامي تقني عالمي يجمع أبرز شركات الإعلام والإبداع والتقنية وصناعة المحتوى في عاصمة المملكة العربية السعودية.
وتماشياً مع أهداف استراتيجية المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) المتمثلة في تحقيق مؤسسة فعالة ومتكاملة، سوف يكون المقر الجديد بيئة ملائمة لتحقيق الترابط بين جميع منصات المجموعة وتحقيق مستهدفاتها الطموحة، ومنها تطوير ورقمنة صحفها ومنصاتها الإعلامية، وتنمية كوادرها، والدخول في مجالات جديدة مثل صناعة الفعاليات وتنظيم المؤتمرات والمعارض والندوات، ونشر الكتب، ودعم الأبحاث، والاستطلاعات.
كما سوف يسهم تسخير أحدث التقنيات الحديثة وتحليل البيانات الضخمة والاستثمار في صناعة المحتوى النوعي في المقر الجديد في تلبية تطلعات الملايين من المتابعين والقراء والمشاهدين شهرياً حول العالم.
وسوف يضم المقر الجديد جميع المنصّات المتنوعة التابعة للمجموعة تحت سقف واحد؛ بما فيها «الشرق الأوسط»، وشبكة الشرق بمنصاتها «الشرق للأخبار»، و«اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، و«عرب نيوز»، «واندبندنت عربية»، و«أرقام»، و«مانجا العربية»، وكل من مجلتي «سيدتي» و«هي»، كما سيضم أقسام المجموعة الجديدة SRMG MEDIA وSRMG X وSRMG THINK ما يسهم في تأسيس تجمع عالمي للإبداع وصناعة المحتوى في «كافِد»، بالإضافة إلى تعزيز شراكاتها العالمية مع المؤسسات الرائدة مثل Bloomberg وIndependent وبالتالي ترسيخ مكانتها كشريك إعلامي مفضل.
وسيشكل المقر الجديد للمجموعة نقطة انطلاق للتوسع العالمي لشبكة الشرق ومنصات «الشرق للأخبار» و«اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، حيث إنه من المخطط أن يتم تأسيس عدد من المكاتب والمقرات في واشنطن وسنغافورة، إضافة إلى مقراتها الحالية في لندن ودبي. وسيتم من خلال المقر الجديد الاستثمار في أحدث تقنيات الاستوديوهات وتحليل البيانات بما في ذلك استوديوهات التواصل الاجتماعي والبودكاست والواقع الافتراضي مما يتيح التوسع بالأعمال في مجالات صناعة المحتوى الوثائقي الثقافي والعلمي المدعوم بإرث المجموعة كالمصدر الرئيسي للأخبار والمعلومات.
جمانا الراشد: جذب لكل مبدع
وفي هذا السياق، قالت جمانا راشد الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG): «رؤيتنا أن يكون مقر المجموعة الجديد في كافِد داعماً لخلق تجمع إعلامي تقني عالمي في المركز بشكل خاص وفي مدينة الرياض بشكل عام.
وسيوفر مقر المجموعة نقطة جذب لكل من هو مبدع، وذلك من خلال توفير الإمكانيات والفرص الوظيفية في أكثر من 30 منصة في جميع التخصصات والمجالات، شاملة صناعة المحتوى والصحافة والإنتاج والإخراج والكتابة وصناعة الفعاليات وغيرها، وستكون المجموعة كذلك حاضنة لرواد الأعمال من خلال الاستثمار، والدعم، وتوفير المشاريع والفرص متمتعة بأحدث تقنيات الترابط والتواصل وتحليل البيانات الضخمة؛ الأمر الذي سيعود نفعه على المجموعة بشكل أساسي وقطاع الإعلام بوجه عام».
وأضافت الراشد: «يعتبر، كافِد تحفة معمارية، ويمتاز بتكامل خدماته وبموقعه المحوري، هذه كلها عوامل نجاح لجذب القدرات والمواهب والخروج بالأعمال الإبداعية والخلاقة».
ساشيتال: خطوة مهمّةمن جهته، قال جاوتام ساشيتال، الرئيس التنفيذي لـ«كافد»: «يُعدُّ إنشاء مقر رئيسي في كافِد لأبرز مجموعة إعلامية إقليمية بمثابة خطوة مهمّة في مسيرة تطورنا كمركز رائد في المنطقة. حيث سيُسهم وجود المقر الجديد لـلمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام في إثراء بيئة الأعمال في كافِد، إضافة إلى مساهمته في جذب المواهب وتحفيز النمو والتوسّع. نرحب بالمجموعة في كافِد، وسنعمل معاً على دعم مستقبل المملكة كاقتصاد قائم على المعرفة والمعلومات».
ومن المقرر أن يصبح «كافِد» مقراً للعديد من الشركات العالمية ومركزاً للاقتصاد الرقمي في المملكة. ويقع المقر الرئيسي الجديد للمجموعة في المنطقة الرابعة بالمركز، حيث يتكون من 10 طوابق ويتسع لنحو 1200 موظف. وصممت المساحات الداخلية بالمقر الجديد، الذي سوف تنتقل إليه المجموعة تدريجياً، بأسلوب يحفز العمل المشترك ويوفر بيئة تفاعلية.


مقالات ذات صلة

السعودية: تطوير حوكمة الإعلام بدليل شامل للمهن

إعلام الدليل يحدد متطلبات ومسؤوليات ومهام جميع المهن الإعلامية (واس)

السعودية: تطوير حوكمة الإعلام بدليل شامل للمهن

أطلقت «هيئة تنظيم الإعلام» السعودية «دليل المهن الإعلامية» الذي تهدف من خلاله إلى تطوير حوكمة القطاع، والارتقاء به لمستويات جديدة من الجودة والمهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مبنى التلفزيون المصري «ماسبيرو» (تصوير: عبد الفتاح فرج)

لماذا تم حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي في مصر؟

أثار إعلان «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر حظر ظهور «المنجمين» على التلفزيون الرسمي تساؤلات بشأن دوافع هذا القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام (موقع الهيئة)

مصر: «الوطنية للإعلام» تحظر استضافة «العرّافين»

بعد تكرار ظهور بعض «العرّافين» على شاشات مصرية خلال الآونة الأخيرة، حظرت «الهيئة الوطنية للإعلام» في مصر استضافتهم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» أثارت جدلاً (تصوير: عبد الفتاح فرج)

​مصر: ضوابط جديدة للبرامج الدينية تثير جدلاً

أثارت قرارات «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» بمصر المتعلقة بالبرامج الدينية جدلاً في الأوساط الإعلامية

محمد الكفراوي (القاهرة )
الولايات المتحدة​ ديبورا والدة تايس وبجانبها صورة لابنها الصحافي المختفي في سوريا منذ عام 2012 (رويترز)

فقد أثره في سوريا عام 2012... تقارير تفيد بأن الصحافي أوستن تايس «على قيد الحياة»

قالت منظمة «هوستيدج إيد وورلدوايد» الأميركية غير الحكومية إنها على ثقة بأن الصحافي أوستن تايس الذي فقد أثره في سوريا العام 2012 ما زال على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)