حكايات تكتب سطور الحنين إلى الوطن في صور تاريخية للسعودية

حكايات تكتب سطور الحنين إلى الوطن في صور تاريخية للسعودية
TT

حكايات تكتب سطور الحنين إلى الوطن في صور تاريخية للسعودية

حكايات تكتب سطور الحنين إلى الوطن في صور تاريخية للسعودية

لطالما كان للأجداد قلوب حنونة تجيب على أسئلة لم تسأل، حين كان لقصصهم وحكاياتهم عِبر تهذب النفس وترشدها، وترسم أحاديثهم سكة طويلة تربط الأجيال بمن سبقها، كصور لم تعشها، ولكن تدرك أنها تعود إليك، قد لا تكون حكايات الأجداد هي السبيل الوحيد للربط بين الأجيال، بل من الممكن أن ملامحهم وتفاصيل حياتهم المصورة تخلق عقد الربط، كتلك الصور التي تنشرها الباحثة السعودية غادة المهنا أبا الخيل على حساباتها الاجتماعية.

صورة للعلا و حجر مدائن صالح عام 1916، للمستشرق الألماني بيرنهارد موريتز في عدد من البعثات الأثرية التي كانت ترعاها ألمانيا

كانت مشتاقة إلى مسقط رأسها وتواقة لوطنها، جاورتها الغربة حتى تحدثت بهويتها، واست نفسها بتاريخ يرسم خرائط أصولها، حيث كان للشوق والحنين تفاصيل ترتسم على محياها. واجهت الباحثة غادة غربتها بماضٍ محفور في جيناتها، زمن لم تعش فيه قط، ولكن كانت البداية لحاضر يحتضن أفكارها ومخاوفها.
خلال سنوات الغربة التي عاشتها الباحثة السعودية غادة، وبعد استقرارها في ألمانيا، خلقت من هويتها مواساة تنشرها، حيث جمعت ذكريات وطنها المصورة من أرشيفات وصحف قديمة حول العالم، وأخذت تنشرها على حساباتها الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، مع ذكر تفاصيل للأشخاص والأحداث المرتبطة بالصور، حتى ساهمت الصور القديمة في تعافيها من وجع الغربة.
ومع محاولات اندماجها بالمجتمعات الغربية، باتت غادة حريصة على التعريف بهويتها وتقاليدها، وكانت الصور هي السبيل الأوضح للتعبير عن مسقط رأسها. ومنذ ما يقارب السنتين اهتمت الباحثة السعودية بجمع تاريخ المملكة من أكثر من مصدر حول العالم، كما اهتمت بنشرها مع معلومات موثقة باللغة الإنجليزية، لأن الأشخاص من حولها كانوا مختلفين بالمنشأ واللغة، بيد أن النشر باللغة الإنجليزية لم يدم فترة طويلة حتى استدركت الباحثة أن هناك فئة تحتاج هذه المعلومات أكثر من غيرها وهم أصحابها، وجاءت حروفها العربية ضيفة تاريخية على المحتوى العربي التي كان عتبها عليه ملجماً.
في كل منطقة من مناطق المملكة نغمات تتراقص على وقعها أقدام أهلها، سواء كانت العرضة النجدية أو الخطوة الجنوبية، فتمالك النفس واستقرارها أثناء سماعها صعب على من توارثها، لأن الأطباع جينات متوارثة، والحنين للماضي وطن يسكن ذاكرة الجميع، إذ كُتبت حروفه لدى الأجيال الراحلة وتوارث إحساسه جيل اليوم؛ فالصور المنشورة على حسابات غادة الاجتماعية أيقظت عند متابعيها حنيناً للوطن رغم كونهم على أرضه.

صورة للبوابة الشرقية في جدة سنة 1914، التقطها الألماني بيرنهارد موريتز

نشرت الباحثة غادة فيديو لعائلة سعودية من عام 1912. ورغم الشكوك والأكاذيب التي لحقت الفيديو بسبب جودته ومستوى الوضوح والدقة فيه، فإن الباحثة أشارت إلى أن التكنولوجيا الرقمية الحالية، تُخرج الصور والفيديوهات بأعلى جودة، فقط في حال امتلاك الشريط الأصلي، بالإضافة إلى أن التكنولوجيا الرقمية توفر خاصية تلوين الصور والفيديوهات في حال التقطت بالأبيض والأسود.
ومن دراستها للقانون اكتسبت غادة مبدأ احترام الملكية الفكرية، مما ولد لديها انتقائية في اختيار منشوراتها على التواصل الاجتماعي، فيترتب على العديد من الصور والفيديوهات شراء رخصة نشر أو تنفيذ بعض الشروط مثل أن يكون نشرها على منصة غير ربحية أو أن يُلتزم بمدة معينة، وبعدها يحذف المنشور. فيما يُعد ذكر المصور ومرجع المعلومات ركناً أساسياً، ويأتي تنفيذ إجراءات حقوق الملكية الفكرية بالنسبة للباحثة كشكر للجهود المبذولة في مجال الأرشفة.
صور المستكشف والضابط البريطاني ويليام هنري أرفيان شكسبير، مناطق مختلفة من المملكة، مثل بريدة وعنيزة والرياض، وذلك خلال سنوات عمله بصفته وكيلاً سياسياً للمملكة المتحدة في الكويت عام 1909. وقد تضمنت صوره نساءً ورجالاً، وطبيعة الحياة في الجزيرة العربية. وبعد مقتله عام 1915 ذهبت كل الصور لأرشيف الجمعية الجغرافية الملكية ولا تزال محفوظة.
فيما التقطت العديد من الصور قبل الأربعينات، بعيون غربية، ويأتي البريطانيون والأميركيون في مقدمة مصوري المملكة ومجتمعها، ومن بعدهم مختلف الجنسيات الأوروبية. ووضع العرب بصمتهم في تصوير المملكة في تلك الفترة ما بين المصريين والسودانيين، الذين كانوا يقصدون التصوير الصحافي للصحف في وقتها.

المساهمة في خلق ثقافة عامة توضح ثراء الثقافة السعودية، ونشر المعرفة أهداف ترتكز عليها مبادرة الباحثة السعودية غادة المهنا أبا الخيل، وتحفيز السعوديين والخليجين على مشاركة ممتلكاتهم من صور وفيديوهات طموح تسعى إلى تحقيقه.
تعرفت أبا الخيل على نفسها وقتلت غربتها بمبادرة فردية، وأحد أهم اهتماماتها، مد يد العون في خلق أرشيف وطني من خلال استخدام تقنيات حديثة، لحفظ وتوثيق التاريخ الوطني، إذ تُعبر طموحاتها عن سنوات مقبلة محاطة بالتفاؤل والحنكة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».