يحاول «الإطار التنسيقي» العراقي استثمار مهلة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لإقناع الفعاليات السياسية بالتوافق على حكومة تقودها «الكتلة الشيعية الأكبر»، لكن أي مفاوضات مرتقبة بين الطرفين بغياب الصدر، ستبدأ بخلق وسائل ضغط غير سياسية.
ومع فقدان «الإطار» صلاحية أي مبادرة يمكن عرضها على الصدر، فإنه انتقل إلى مرحلة التفاوض مع جميع القوى السياسية، بضمنهم حلفاء التيار من القوى السنية والكردية، ومن الواضح أن إقناعهم في هذه اللحظة الملتبسة لن يكون سهلاً.
ولن يعرض «الإطار» توافقا سياسيا يخرج الصدر من المعادلة، إذ فهم قادة التحالف الشيعي رسائل مختلفة من البيان المشترك لـ«تحالف السيادة» السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني، أهمها تأكيدهما «استحالة» تشكيل حكومة قوية من دون الصدر.
إنها محاولة لتطمين حلفاء مشروع الأغلبية بأنهم لن يكونوا في موضع «الخائن» لزعيم التيار الصدري، لكن مشروعه في تشكيل كتلة أكبر عابرة للطوائف «يعاني من اختلال سياسي، وتسويات غير راسخة». هكذا يحاول «الإطار» تحقيق اختراق في ضرب خواصر الأغلبية.
لكن حواراً قائماً على «إعادة التوافق» ليس مضمونا بالنسبة للإطار ومن يفاوضه. فالأزمة تتعلق أيضاً بعدم قدرة القوى الشيعية على تشكيل حكومة يعارضها الصدر، هذه ليست مغامرة غير محسوبة، بل حكم مسبق بالفشل على أي حكومة يشكلها الإطار.
وفي كل الأحوال، لن يتردد الإطار التنسيقي في فتح قنوات مباشرة مع تحالف «إنقاذ الوطن»، لكن التفاوض مع قوى لديها مصالح واضحة ومحددة يتطلب إقناعهم بما هو أكثر فيما لو كانوا في حكومة يقودها الصدر، أو إقناعهم بما هو أقل فيما لو واجهوا تهديدات تفوق قدراتهم.
ولأن الإطار غير قادر على تقديم عروض مغرية في حكومة يقاتل بنفسه للظفر بحصة من نفوذها، فإنه سيلجأ إلى تذكير حلفاء الصدر بورقة «الجوكر» في مناطقهم. ثمة معلومات تفيد بأن الإيرانيين المعنيين بمفاوضات الإطار صمموا مجموعة من «بؤر الاشتباك» باستخدام فصائل شيعية مسلحة، سترسم مسار مختلفاً في التفاوض.
ولا يتردد مفاوضو الإطار بتذكير خصومهم بأنهم سيواجهون «صداعاً» مستديما بسبب انتشار أذرعهم المسلحة في الموصل وتكريت والرمادي، وأن الانشغال بمواجهة تحركات هذه القوى لن تمنحهم الوقت والقدرة على المضي قدما في مشروع الصدر.
وحتى انتهاء مهلة الصدر، يتوقع كثيرون من القوى السنية والكردية ضغوطاً هائلة في مناطقهم يستخدمها الإطار كمقدمات للتفاوض. هنا يمكن وضع أزمة سطام أبو ريشه، نجل زعيم صحوة الأنبار السابق، كنموذج لأوراق الضغط التي يلعب بها الإطار.
وقفزت «كتائب حزب الله» إلى المشهد في الأنبار عندما وضعت نفسها، بقوة تضم عشرات المسلحين، طرفاً «حامياً» لزعيم قبلي من مذكرة اعتقال أصدرتها محكمة مختصة في المحافظة، من الواضح أن الفصائل تحاول تفكيك تحالف السيادة بين محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، ودفعهم إلى مواجهة مع «القوى الماسكة» للأرض.
ويبدو أن الهدف من مفاوضات الإطار المعلنة ليس إقناع حلفاء الصدر بالتوافق، بل إنهاكهم وإضعاف قدرتهم على البقاء في معسكر الأغلبية، ذلك أن الهدف المحتمل من كل هذا، بعد انتهاء مهلة الحنانة، دفع الصدر إلى التفاوض مع الإطار بدلاً من حلفاء يمثلون خاصرته الضعيفة.
«الإطار التنسيقي» يفاوض حلفاء الصدر لتفكيك الأغلبية
«الإطار التنسيقي» يفاوض حلفاء الصدر لتفكيك الأغلبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة