موائد رمضان تقتصر على الأساسيات في بيوت اللبنانيين

 يبلغ سعر ربطة الخبز الكبيرة وزن 1085 غراماً 14 ألف ليرة لبنانية (رويترز)
يبلغ سعر ربطة الخبز الكبيرة وزن 1085 غراماً 14 ألف ليرة لبنانية (رويترز)
TT

موائد رمضان تقتصر على الأساسيات في بيوت اللبنانيين

 يبلغ سعر ربطة الخبز الكبيرة وزن 1085 غراماً 14 ألف ليرة لبنانية (رويترز)
يبلغ سعر ربطة الخبز الكبيرة وزن 1085 غراماً 14 ألف ليرة لبنانية (رويترز)

لم تحضر السيدة اللبنانية ناديا مونة شهر رمضان بشكل مسبق هذا العام كما اعتادت في السنوات السابقة، وتؤكد الأم لثلاثة أبناء تتراوح أعمارهم بين السبعة عشر عاماً والسبعة أعوام لـ«الشرق الأوسط» أن ارتفاع الأسعار بشكل جنوني حرم عائلتها، كما العديد من الأسر اللبنانية، من تأمين حتى اللوازم الضرورية لاستقبال الشهر الكريم.
ويطل رمضان هذا العام على اللبنانيين وسط ظروف اقتصادية ومالية ومعيشية تعتبر الأصعب، فالانهيار الاقتصادي والمالي مستمر بشكل متسارع منذ صيف عام 2019 حيث فقدت الليرة اللبنانية قسماً كبيراً من قدرتها الشرائية، مقابل الدولار، ما بين عامي 2019 و2021، بحسب ما أعلنته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «الإسكوا». وتقول ناديا: «ارتفاع الأسعار أجبرنا على الاستغناء عن الكثير من الأصناف الخاصة بالشهر الكريم كالتمر والجلاب مع المكسرات والحلويات والمقبلات، وستنحصر مائدة رمضان في بيتنا هذا العام على الطبق الرئيسي وصحن السلطة، وكأنه شهر عادي».
وتعبر ناديا التي يتقاضى زوجها راتباً لا يزيد على 7 ملايين ليرة لبنانية (300 دولار)، عن حزنها لعدم تمكنها من تشجيع ابنها الأصغر على صوم شهر رمضان من خلال تحضير المأكولات والحلويات كما فعلت مع أخويه، «حينها كانت مائدة رمضان تتضمن ما لذ وطاب».
وارتفعت أسعار اللحوم في لبنان بنسبة 75 في المائة خلال شهر واحد، ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد بين 250 ألفاً و350 ألف ليرة لبنانية، وتشرح ناديا: «لا يمكنني حفظ كميات من اللحوم والدجاج والمعجنات كما اعتدنا في السنوات السابقة، أولاً بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني، وثانياً بسبب مشكلة انقطاع التيار الكهربائي والتقنين القاسي للمولدات؛ إذ بكل بساطة قد تفسد خصوصاً أننا نفاجأ مراراً بقرارات أصحاب المولدات إما برفع التعرفة أو بساعات تقنين إضافية».
ولا يختلف حال ناديا عن حال ربة المنزل سهام التي تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «وجبة الإفطار هذا العام ستكون مختلفة جداً عن الأعوام الماضية، وبالكاد قد نتدبر إعداد الطبق الرئيسي، أما الحلويات فباتت خارج الحسابات؛ إذ سنكون محظوظين في حال تذوقناها مرة خلال الشهر الكريم»، وتضيف: «حتى رغيف الخبز الفارغ قد نحرم منه».


السبب الأساسي لارتفاع أسعار الخضراوات هو تراجع الإنتاج بسبب أزمتي الدولار والمازوت (رويترز)

ويبلغ سعر ربطة الخبز الكبيرة وزن 1085 غراماً 14000 ليرة لبنانية، إلا أن نقيب أصحاب الأفران في لبنان علي إبراهيم أكد في تصريحات صحافية أن وصول كميات جديدة من القمح إلى لبنان بسعره العالمي المرتفع، وفي حال رفع الدعم، يعني حتماً أن سعر ربطة الخبز سيرتفع وقد يصل إلى حدود 25 ألف ليرة.
وتحكي سهام عن حالة التقشف التي ستعتمدها خلال شهر رمضان، ووفقاً لها: «صحن الفتوش (الطبق الأشهر في رمضان) لن يكون على مائدتنا أيضاً بل سأكتفي بتقديم صحن من البندورة والخيار إذا توفر... نستقبل الشهر الكريم ونحن مفلسون وجيوبنا فارغة».
وطبق «الفتوش» وهو طبق الإفطار الأساسي في رمضان وله رمزية للصائمين في لبنان خصوصاً، وبحسب «الدولية للمعلومات» تبلغ كلفة إعداد طبق الفتوش لخمسة أشخاص هذا العام 50.530 ليرة لبنانية بينما كانت تبلغ العام الماضي 12.290 ليرة. وتشير الدولية للمعلومات إلى أن كلفة وجبة الفتوش فقط خلال شهر رمضان تصل إلى 1.5 مليون ليرة، وذلك استناداً إلى أسعار المواد والخضار التي تدخل في إعداده كما هو متوسط الأسعار في أسواق البيع بالمفرق وهي تزيد على تلك المعتمدة في سوق الجملة بنحو 30 إلى 40 في المائة. مع الإشارة إلى أن أسعار الخضار وهي منتجة محلياً ارتفعت بنسبة أعلى من ارتفاع سعر صرف الدولار.
ويؤكد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان حويك في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «سعر طبق الفتوش أصبح خيالياً وسيقتصر تقديمه على سفرة المقتدرين»، لافتاً إلى أن أسعار الخضار والفواكه سترتفع بشكل إضافي، تلقائياً مع دخول شهر رمضان.
وإذ يشرح حويك أن السبب الأساسي لارتفاع أسعار الخضار هو تراجع الإنتاج الزراعي بعدما لم يتمكن العدد الأكبر من المزارعين من زرع المواسم بسبب أزمتي الدولار والمازوت، يوضح أن «موجة الصقيع التي ضربت لبنان أتت لتقضي على نصف الإنتاج، ليكون عندنا في المحصلة 30 في المائة فقط من الإنتاج الزراعي السنوي الذي كان ينتجه لبنان في السنوات الماضية، مما أدى إلى ارتفاع الطلب مقابل قلة الإنتاج فارتفعت الأسعار»، مشيراً إلى أن نسبة استهلاك الخضار والفواكه انخفضت بشكل كبير؛ إذ اقتصرت على 20 في المائة من حجم الاستهلاك مقارنة مع عام 2019. وبحسب الدولية للمعلومات، جاءت تكلفة الإفطار اليومي المؤلف من مكونات وجبة أساسية للفرد الواحد في عام 2021 بـ12 ألف ليرة، ويوضح الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط» أن «وجبة الإفطار للشخص الواحد هذا العام، والتي تتضمن مكونات وجبة رئيسية أي الفتوش والحساء والطبق الرئيسي، لن تقل عن 70 ألف ليرة لبنانية بالحد الأدنى»، أي أكثر بنحو ستة أضعاف عن العام الماضي.
ويشرح شمس الدين أن «كلفة إفطار العائلة المؤلفة من 5 أشخاص ستبلغ 350 ألف ليرة في اليوم الواحد أي نحو 10 ملايين ليرة لبنانية في الشهر لتقديم وجبة واحدة، من دون مقبلات أو حلويات أو عصائر أو المياه، ومن دون احتساب نفقات الغاز أو الكهرباء ومواد التنظيف»، مشيراً إلى أن «الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية بهذا الشكل الكبير».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.