«جيش الفتح» يؤكد أن معركته مع حزب الله في القلمون لا تشمل الأراضي اللبنانية

مصدر وزاري: الحكومة تنأى بنفسها عن الملف لعدم قدرتها على التعاطي معه

«جيش الفتح» يؤكد أن معركته مع حزب الله في القلمون لا تشمل الأراضي اللبنانية
TT

«جيش الفتح» يؤكد أن معركته مع حزب الله في القلمون لا تشمل الأراضي اللبنانية

«جيش الفتح» يؤكد أن معركته مع حزب الله في القلمون لا تشمل الأراضي اللبنانية

ركّز النظام السوري وحليفه حزب الله اللبناني في اليومين الماضيين على استخدام الطيران و«القوة النارية الهائلة» في معركتهما مع «جيش الفتح» الذي يضم معظم كتائب المعارضة المسلحة في منطقة القلمون الجبلية على الحدود السورية اللبنانية، في حين أفيد عن احتدام المواجهات على أكثر من محور قتالي وسط غياب أي موقف لبناني رسمي، وخصوصا على صعيد الحكومة، من مشاركة حزب الله بالقتال في المنطقة الحدودية اللبنانية – السورية.
مدير «مكتب القلمون الإعلامي» ثائر القلموني نقل على صفحته على موقع «تويتر» عن قائد في «جيش الفتح» قوله إن المعركة هي حصرًا مع حزب الله وعلى أرض القلمون السورية نافيا نية فصائل المعارضة مهاجمة الأراضي اللبنانية على غرار ما حصل في أغسطس (آب) الماضي حين حاول جبهة النصرة و«داعش» احتلال بلدة عرسال اللبنانية، فتصدّى لهما الجيش.
ومن ناحية أخرى، قال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة اللبنانية تنأى بنفسها عمّا يجري في القلمون طالما أن المعارك تخاض على أراض سورية وباعتبار ألا قدرة لها على التعاطي مع الملف». ولفت إلى أنّه «لو كان طرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء سيؤدي إلى النتيجة المرجوة لجهة دفع حزب الله للانسحاب من المعركة، لكنّا قمنا بذلك منذ زمن». وأضاف: «المشكلة تكمن بأن وضع الملف على طاولة البحث من شأنه أن يعطّل عمل الحكومة وصولاً لتفجيرها، بينما نحن نسعى بكل ما أوتينا من قوة للحفاظ عليها باعتبار أنّها المؤسسة الوحيدة الفاعلة مع شغور سدة الرئاسة وتعطيل عمل مجلس النواب».
«جيش الفتح» في القلمون ذكر على صفحته على «تويتر» أن عناصره يخوضون حربًا شرسة ضد إيران في جبال القلمون بتنفيذ من حزب الله، مضيفًا أنّه «تم في الساعات الماضية استهداف مدفع 57 ملم تابع للحزب في جرود الجبّة بصاروخ موجه من نوع (كورنيت) وتدميره بالكامل وقتل طاقمه». كذلك أشار القلموني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مقاتلي المعارضة نصبوا كمينًا لقوات الأسد على طريق حمص – دمشق بين مدينة النبك وجسر معلولا في القلمون مما أدّى لمقتل 10 منهم»، كما ذكر أن الطيران الحربي السوري شنّ يوم أمس السبت غارات عنيفة على عدة مناطق في جرود القلمون مستهدفا أيضا أطراف بلدة عرسال اللبنانية.
وأوضح القلموني أن الهدف الرئيس للمعركة التي يخوضها «جيش الفتح» في القلمون هو تحرير القرى والمدن من عناصر حزب الله، نافيًا نفيًا قاطعًا أن تكون الأراضي اللبنانية جزءًا من المعركة الحالية.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام حزب الله أن الجيش السوري وعناصر الحزب «سيطروا بشكل كامل على جرود الجبّة وطردوا المسلحين باتجاه جرود رأس المعرّة وجرود فليطا ومنطقة الرهوة، كما سيطروا على معبر وادي الكنيسة الواقع بين جرود الجبّة وجرود عسال الورد وعلى تلة المحمضات الاستراتيجية المشرفة على وادي الزعرورة الذي يصل جرود بلدة بريتال (اللبنانية) بجرود الجبة في القلمون». وادعت أن قوات النظام السوري وحزب الله استهدفوا «مصنعًا لتفخيخ السيارات في قرنة وادي الدار بعمق جرد الجبّة ومواقع المسلحين في جرود الجبّة ورأس المعرّة موقعين خسائر كبيرة في صفوفهم».
أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فأفاد عن تعرّض أماكن في جرود القلمون لقصف عنيف من قبل قوات النظام، بالتزامن مع اشتباكات بين فصائل المعارضة من طرف، وحزب الله مدعومًا بقوات النظام و«قوات الدفاع الوطني» (الميليشيات التابعة للنظام) من طرف آخر، والتي أسفرت عن مقتل قائد لواء وقائد عمليات عسكرية في قوى المعارضة.
وشدّد رامي عبد الرحمن، مدير «المرصد» في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن المعارك ما زالت معارك «قضم وجس نبض». وأردف أنه «لا مؤشرات حتى الساعة توحي بأنّه سيكون هناك معركة كبيرة سيتم شنها على الرغم من أن استدعاء النظام العميد عصام زهر الدين قائد لواء الحرس الجمهوري في دير الزور إلى القلمون». وتابع عبد الرحمن: «حزب الله والنظام يعتمدان حاليًا على قوة نارية هائلة وعلى القصف المكثف لمواقع سيطرة جبهة النصرة وقد حققا سيطرة جزئية على التلال بين الجبّة وعسال الورد». وأشار عبد الرحمن إلى أن 8 قتلى سقطوا لحزب الله منذ اندلاع المعارك في القلمون يوم الاثنين الماضي، مما رفع مجمل عدد قتلى الحزب منذ انخراطه بالحرب في سوريا في عام 2012 إلى 795.
هذا، ويؤكد حزب الله عبر مقربين منه أن «المعركة الحاسمة في القلمون لم تبدأ بعد»، وهو ما كان قد لفت إليه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة منتصف الأسبوع حين قال إن «المعركة ضدّ الجماعات الإرهابية المسلّحة في جرود القلمون أمر محسوم، لكن الزمان والمكان لم يتم الإعلان عنهما بعد». وأشار نصر الله إلى أن الحزب لن يصدر بيانًا رسميًا يعلن فيه بدء المعركة، إلا أن «العملية عندما تبدأ ستتكلم عن نفسها وستفرض نفسها على الإعلام».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.