مصر: زينة رمضان تفقد بريقها بفعل «موجة الغلاء»

{زينة رمضان} في أحد الشوارع القاهرية
{زينة رمضان} في أحد الشوارع القاهرية
TT

مصر: زينة رمضان تفقد بريقها بفعل «موجة الغلاء»

{زينة رمضان} في أحد الشوارع القاهرية
{زينة رمضان} في أحد الشوارع القاهرية

ترتفع من المحال والمطاعم والمقاهي المصرية أنغام الأغنيات الرمضانية الشهيرة «رمضان جانا»، «أهو جه يا ولاد»، «مرحب شهر الصوم»، ومعها تتمايل وتتطاير «زينة رمضان» متعددة الألوان والأشكال، التي تُزين واجهات هذه المتاجر، في طقس سنوي معروف لاستقبال الشهر المبارك، كمحاولة لجذب أنظار الزبائن، إلا أن هذا الطقس الرمضاني قل بشكل لافت هذا العام، كما فقدت العديد من الشوارع المصرية الكثير من زينتها وحُلتها الرمضانية.
ففي الأحياء القاهرية لا سيما الشعبية منها، وكذلك في المحافظات، ظهرت زينة رمضان «على استحياء» بالشوارع الرئيسية، بشكل لم تعتد عليه الميادين والشوارع والحارات من قبل، حيث تعد الزينة، ومعها الفوانيس المضيئة مختلفة المقاسات، وأقمشة الخيامية الملونة، وكذلك الأنوار المتلألئة المُعلقة بطول وعرض الشوارع وعلى البنايات احتفالاً بقدوم الشهر، ملمح رمضاني مميز، ويعد ظهورها خلال شهر رمضان، وما يسبقه من أيام مشهداً مألوفاً منذ عقود، اعتادت عليه أعين المصريين وضيوفهم من العرب والأجانب خلال الشهر المعظم.
«أشعر بأن الشوارع فقدت الكثير من بهجتها هذا العام»، كلمات تعكس ما تشعر به الثلاثينية أسماء محمد، اختصاصية مكتبات، في إشارة إلى اختفاء «زينة رمضان» من حي السيدة زينب بالقاهرة، حيث تقطن، وتضيف، لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام من حلول شهر رمضان يتطوع الكثير من أبناء شارعنا إلى جمع بعض النقود البسيطة من سكانه، وذلك لشراء مستلزمات زينة رمضان، ثم يعكفون مع بعض الأطفال الصغار في عمل الزينة بأشكال مختلفة، قبل أن يقوموا من خلال السلالم الخشبية بتعليقها بين البنايات وبين الشرفات، في مشهد بديع يُشعر السكان بحلول الشهر وبهجته وحميميته، إلا أن تلك الطقوس اختفت هذا العام».
وتعلل ذلك بقولها: «حالة الغلاء التي تشهدها مصر بالآونة الأخيرة هي السبب المباشر في اختفاء الزينة، بعد ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بشكل كبير، وأصبح الكثيرون مهمومين فقط بتوفير قوت يومهم، وهو ما جعلهم ينصرفون عن تعليق الزينات الرمضانية».
ضربت الأسواق المصرية خلال الأسابيع الماضية حالة متزايدة من ارتفاع الأسعار، وهو ما حمله البعض إلى «الحرب الروسية - الأوكرانية»، كما وجهت الاتهامات في الوقت ذاته إلى جشع التجار والموردين. وهو ما انعكس بدوره على مظاهر شهر رمضان في مصر، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية، وكذلك السلع الكمالية وأبرزها التمور والياميش (المكسرات والفواكه المجففة)، وكذلك ارتفعت أسعار فانوس رمضان والزينة المرتبطة به بنسبة تتراوح بين 30: 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي. في إحدى حارات حي المنيرة بوسط القاهرة، حرص أصحاب ومستأجرو المحلات التجارية المطلون عليها، على تزيين حارتهم الصغيرة بـ«زينة رمضان» من قصاقيص الأوراق، كما قاموا بتعليق فانوس صغير في منتصف الحارة تتوسطه إضاءة لإنارة الحارة خلال الليل.
من أسفل «الزينة» المتطايرة بفعل الهواء، قال «العم جمعة»، صاحب «عربة فول»: «نحن نحب هذه الطقوس الرمضانية، وهذه الزينة تعود إلى العام الماضي، حيث حافظنا عليها منذ انتهاء رمضان، فقط قمنا بشراء قماش الخيامية لكسوة الفانوس، وهو ما لم يكلفنا الكثير».
موجة التضخم التي يعاني المصريون من آثارها حالياً، اعتبرها طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، «مستوردة من الخارج، وليست لها علاقة بالسياسات المالية المحلية» مضيفاً في تصريحات صحافية أخيراً أن «المنتجات في الخارج ارتفعت وكذلك أسعار الشحن».
ويبلغ سعر صرف الدولار الأميركي حالياً 18.3 جنيه مصري، بعدما كان 15.6 جنيه مصري قبل تحرير سعر صرفه مجدداً الشهر الماضي، لافتاً إلى أن «إجراءات الحكومة استطاعت حماية المجتمع المصري من ثورة الأسعار على خلفية جائحة كورونا» بحسب تعبيره.
وتقول مروة محمد، موظفة حكومية، تقيم بالقاهرة: «فكرت في شراء بعض الزينة الجاهزة التي تتيحها مواقع البيع الإلكترونية، لتعليقها في شرفة منزلنا كديكورات رمضانية، مثل الزينة المضيئة من النجوم والأهلة، أو أفرع زينة القماش، إلا أنني وجدت مبالغة في أسعارها هي والفوانيس، وهو ما جعلني أصرف النظر عنها، في ظل ما نحياه من غلاء فرض نفسه علينا».
وهو ما يؤكده محمود شمندي، أحد تجار زينة رمضان بالأقصر (جنوب مصر) قائلاً إن «الإقبال على شراء معروضاته كان متوسطاً للغاية أو يقترب من ذلك بالموسم الجاري، عكس العام الماضي الذي شهد إقبالاً جيداً، رغم تداعيات وباء كورونا».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.