اللجنة الأممية تباشر من عمان تحقيقاتها حول سياسة التمييز

بعدما رفضت إسرائيل التعاون معها ومنعتها من الدخول

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
TT
20

اللجنة الأممية تباشر من عمان تحقيقاتها حول سياسة التمييز

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)

باشرت لجنة التحقيق الأممية المستقلة في انتهاكات إسرائيل ضد الفلسطينيين، استقبال الشهود في العاصمة الأردنية عمان، بعدما رفضت حكومة نفتالي بنيت التعاون معها ومنعتها حتى من دخول البلاد.
وكان من أوائل هؤلاء الشهود الذين دعتهم للقائها، وفدان من لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب (فلسطينيو 48) ومركز «عدالة» القانوني، اللذان طرحا مذكرتين حول انتهاكات حقوق الفلسطينيين في المناطق المحتلة وشرق القدس وداخل إسرائيل نفسها.
وقد تضمنت المذكرتان تقارير مفصلة حول هذه الانتهاكات في مختلف المجالات، بينها: انتهاك الحريات السياسية والمدنية، والإعدامات الميدانية، وسياسات التضييق على الأرض والمسكن وهدم المنازل والاعتقالات الإدارية، مروراً بالتشريعات العنصرية مثل قانون القومية وقانون منع لم الشمل وغيرها الكثير. وقدم محمد بركة، الذي مثّل القيادة الفلسطينية في الداخل، لمحة تاريخية عن تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين منذ النكبة، وقال: «نعول كثيراً على عمل اللجنة، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تحقق فيها لجنة أممية بمثل هذه الانتهاكات ضد الفلسطينيين في الداخل».
وأكد رئيس «عدالة» حسن جبارين أنه «من المهم التحقيق في الانتهاكات والتعامل معها بجدية تامة، وأساس التحقيق يجب أن يكون في النظام القانوني الإسرائيلي، وحول سؤال هل هناك نظام قانوني واحد في إسرائيل، أم أن هناك نظامين مختلفين، واحد للفلسطينيين وآخر لليهود». وكانت الأمم المتحدة أعلنت تشكيل اللجنة في يوم 22 يونيو (حزيران) 2021، لتكون «لجنة تحقيق دولية مستقلة ودائمة» مكلفة بالنظر في تجاوزات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان التي أدت إلى أعمال عنف في إسرائيل والأراضي الفلسطينية في شهر مايو (أيار) الماضي. وعينت المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان نافي بيلاي (من جنوب افريقيا)، رئيسة لها، وكلاً من ميلون كوثاري (وهو من الهند) وكريس سيدوتي (من أستراليا)، عضوين، وهما معروفان كمتخصصين كبيرين في قضايا حقوق الإنسان.
وحاربت إسرائيل والولايات المتحدة وبعض دول الغرب هذا القرار، الذي اتخذ في حينه بتأييد 24 عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مقابل معارضة 9 وامتناع 14 عن التصويت. وجاء رد البعثة الدائمة لإسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف على القرار قائلة: «جلسة تعيين تلك اللجنة معيبة ومنحازة. فالغرض الوحيد من اللجنة هو مهاجمة إسرائيل». وأعلنت الحكومة الإسرائيليّة لاحقاً، أنه «لا يمكننا أن نتعاون مع تحقيق كهذا». وأبلغت بشكل رسمي رئيسة وعضوي اللجنة، نافي بلاي وميلوون كيثاري وكريس سيدوتي، بمنعهم من دخول إسرائيل. فقرروا اتخاذ عمان مقراً للقاء شهود من إسرائيل. وسافر إلى عمان وفد من فلسطينيي 48، ضم رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، ورئيس «عدالة»، وثلاثة مسؤولين في «عدالة»، هم: المحامية ناريمان شحادة زعبي، والمحامي عدي منصور، والمحامية رينا روزينبيرغ، مديرة قسم المناصرة الدولية.
وقدّم بركة لمحة تاريخية عن تعامل إسرائيل مع الفلسطينيين منذ النكبة، وقال: «كنا نتمنى أن نعقد اللقاء في البلاد، لكن من الواضح لماذا نحن هنا، مجرد أن ترفض إسرائيل التعاون مع هذه اللجنة يقول الكثير، ويدل على أنها خائفة من أفعالها وتدري أنها تنتهك كل القيم الدولية والإنسانية وهي تعلم جيداً الجرائم التي ارتكبتها ضد شعبنا».
وشدد بركة على خطورة قانون القومية الذي يعزز الفوقية والعنصرية اليهودية، خصوصاً أنه في بنده الأول يقول إن كل فلسطين التاريخية من حق اليهود ومن ضمنه كذلك يمنح حق تقرير المصير لليهود فقط ويستثني الفلسطينيين، ويلغي مكانة اللغة العربية. «هذا القانون هو من أصعب قوانين الأبرتهايد في العصر الحديث. ومن ملامح الأبرتهايد كذلك قيام إسرائيل منذ البداية وهدمها أكثر من 500 قرية وتهجير أهلها، الذين حتى اليوم لا يستطيعون العودة إلى منازلهم. المعظم هجروا خارج البلاد، وحتى اليوم هناك لاجئون في وطنهم لا يستطيعون السكن في منازلهم بعد سلبها من اليهود. نحو 400 ألف من الفلسطينيين في الداخل هم لاجئون في وطنهم». وأبدى بركة قلقاً من منح إسرائيل القوة والسلاح لمجموعات يمينية استيطانية ولعصابات الجريمة، «خصوصاً بعد دعوة رئيس الحكومة المواطنين لحمل السلاح واستخدامه ضد الفلسطينيين في الشوارع».
وعرض ممثلو «عدالة» تصوراً شاملاً عن وضع فلسطينيي 48 تحت السياسة الإسرائيلية مطالبين بالتحقيق في مسألة وجودية تتعلق بهم في السياسة الإسرائيلية؛ وهي تهجير الفلسطينيين بشتى الوسائل، منها هدم المنازل والتضييق على البناء الفلسطيني وسلب الاعتراف من قرى في النقب يسكنها أكثر من 160 ألف فلسطيني. وكذلك قانون منع لم الشمل الذي يمزق الأسر الفلسطينية وينغص عليها حياتها ويمنع عنها حقها الأساسي في العيش الكريم. وأرفقوا تقاريرهم بتوثيق مصور لكل ما عرض، سواء الالتماس إلى المحكمة العليا والرسائل والتوجهات التي قام بها مركز «عدالة»، والصور والفيديوهات للاعتداءات وآثار التعذيب وغيرها، وكذلك إثباتات للتصريحات التحريضية من قبل المسؤولين الحكوميين ومنتخبي الجمهور والنشطاء وبعض رؤساء البلديات اليهودية.



العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
TT
20

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيف فاجن (سبأ)

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه إلى شراكة أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات التي تواجهها بلاده، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن على الصعد الإنسانية والاقتصادية والأمنية.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله في الرياض سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وذلك بعد أيام من دخول تصنيف الجماعة الحوثية «منظمة إرهابية أجنبية» حيز التنفيذ وفرض عقوبات أميركية جديدة على 7 من كبار قادتها، في مقدمهم المتحدث باسمها وزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام.

وذكر الإعلام الرسمي أن اللقاء، الذي حضره عضو المجلس القيادي الرئاسي عثمان مجلي، بحث العلاقات اليمنية - الأميركية وآفاقها المستقبلية، وسبل تعزيزها على مختلف المستويات.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد الحاجة الملحة إلى نهج عالمي جماعي لدعم الحكومة في بلاده لمواجهة التحديات الاقتصادية، والخدمية، والإنسانية، وتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب، والجريمة المنظمة، وتأمين مياهها الإقليمية، بصفتها شريكاً وثيقاً لحماية الأمن والسلم الدوليين.

العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)
العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

وتطرق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدات الوضع اليمني، ووجهات النظر إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي المقدمة «خطر ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان».

وأشاد رئيس مجلس الحكم اليمني، خلال اللقاء، بـ«العلاقات الثنائية المتميزة بالولايات المتحدة، وتدخلات واشنطن الإنسانية والإنمائية، ودورها المشهود في اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية المهربة للحوثيين».

شراكة أوسع

وطبقاً للمصادر الرسمية اليمنية، فقد أعرب العليمي عن تطلعه إلى شراكة ثنائية أوسع مع الولايات المتحدة لمواجهة التحديات، وردع التهديدات المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة.

ومع التنويه بقرار الإدارة الأميركية إعادة تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، جدد العليمي الالتزام اليمني بالتعاون الوثيق مع المجتمع الدولي لتنفيذ القرار، والحد من تداعياته الإنسانية المحتملة على الفئات الاجتماعية الضعيفة.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أعاد منذ الأيام الأولى من رئاسته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، قبل أن يدخل القرار حيز التنفيذ قبل أيام بالتوازي مع فرض عقوبات على 7 من قادة الجماعة.

ومن غير المعروف حتى الآن حجم الضرر الذي يمكن أن يتعرض له الحوثيون جراء هذا التصنيف، خصوصاً في ظل الدعوات الأممية إلى عدم تعريض المدنيين والقطاع الخاص في مناطق سيطرة الجماعة لأي أضرار، فضلاً عن عدم التأثير على العمل الإنساني الذي تقوده الوكالات الأممية.

ودائماً ما يقول مجلس القيادة الرئاسي اليمني إن الوسيلة المثلى لمواجهة الحوثيين وتأمين المياه اليمنية، هي دعم القوات الحكومية الشرعية لفرض سيطرتها على الأرض واستعادة الحديدة وموانئها.

مخاوف أممية

في ظل عدم وجود يقين بشأن مسار السلام المتعثر الذي يقوده المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، لم يُخفِ الأخير، في أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن، مخاوفه من انهيار التهدئة والعودة إلى مسار الحرب، خصوصاً مع أحداث التصعيد الميداني للجماعة الحوثية في جبهات مأرب والجوف وتعز.

وطبقاً لتقارير يمنية، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً حوثياً متسارعاً في جبهات مأرب، ومواجهات مع القوات الحكومية، بالتزامن مع دفع الجماعة المدعومة من إيران بحشود إضافية من مجنديها إلى جبهات المحافظة الغنية بالنفط.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

وحذر المبعوث من الإجراءات التصعيدية، وقال: «شهدنا تصاعداً في الخطاب من أطراف الصراع، وهيّأوا أنفسهم علناً للمواجهة العسكرية. ويجب ألا نسمح بحدوث ذلك. الكلمات مهمة. النية مهمة. الإشارات مهمة. يمكن أن تكون للرسائل المختلطة والخطاب التصعيدي عواقب حقيقية؛ مما يعمق انعدام الثقة ويغذي التوترات في وقت يكون فيه خفض التصعيد أمراً بالغ الأهمية».

وعبر غروندبرغ عن قلقه إزاء القصف، والهجمات بالطائرات من دون طيار، ومحاولات التسلل، وحملات التعبئة، التي حدثت مؤخراً في مأرب، وكذلك في مناطق أخرى مثل الجوف وشبوة وتعز. في إشارة إلى تصعيد الحوثيين.

وقال المبعوث: «أكرر دعوتي الطرفين إلى الامتناع عن المواقف العسكرية والتدابير الانتقامية التي قد تخاطر بإغراق اليمن مرة أخرى في صراع واسع النطاق حيث سيدفع المدنيون الثمن مرة أخرى».