بالبكاء تارة، والضحكات العميقة تارة أخرى، يحاول الإعلامي الإماراتي أنس بوخش نزع قناع المثالية الذي يعتقد أنّ عدداً لا يُستهان به من المشاهير يرتدونه، وذلك عبر برنامجه «ABtalks» في منصتي «يوتيوب» و«نتفليكس»، حيث يحاور نجوم السينما والغناء والرياضة ومؤثري منصات التواصل الاجتماعي ومدربي تطوير الذات، وهو مزيج غريب، يجمع رغبته الملحة بتجريد كل هؤلاء من الألقاب والجوائز والجماهيرية، ليقف المشاهد أمام أناس بسطاء يعترفون بضعفهم وأصعب أوقاتهم.
تجد هذه التصاريح الجريئة انتشاراً لافتاً بعد كلّ حلقة تصدر بشكل أسبوعي، ويوضح بوخش لـ«الشرق الأوسط» أنّ هوية برنامجه ترتكّز على المكاشفة العفوية، ويردف: «أنا أتعرف على الإنسان، وأركز عليه، وأسأل عنه، وأنصت له، وعندما أضع هذه الأمور نصب عيني يتشكل أمامي البرنامج، فالعفوية هي نقطة الارتكاز الأولى».
السؤال الفخ
يصدم بوخش ضيوفه بالسؤال الافتتاحي: «بصراحة كيف حالك؟»، ورغم بساطة السؤال واعتيادية سماعه، إلّا أنّ طلبه أن يكون الجواب صريحاً يجعله أشبه بالفخ الذي يربك الطرف الآخر، يستدرج لإجابات غير متوقعة في غالب الأحيان، ويعتقد أنّ السؤال «كيف الحال؟» لطالما بدا باهتاً وروتينياً، فلا أحد لديه الوقت الكافي لسماع إجابة حقيقية، مما يدفعه للبحث عن هذه الإجابة.
وعن دافعه في مثل هذه اللقاءات، يقول: «أستمتع إذا وجدت أنّ الضيف الذي أمامي منفتح عاطفياً، وإنساناً حقيقياً، وأعلم أنّ البعض منهم مُبرمج على التحفظ والمثالية، لذا لا أتوقع منهم أن يتغيروا بلحظة ويخبروني بكل شيء، وهناك فئة تأتي وتتحدث، من ثمّ تتعجب من نفسها جراء الانفتاح الكبير الذي قالته في اللقاء».
ويكشف بوخش أنّ قائمة الـ100 مشهور الذين استضافهم، حضروا جميعاً بلا مقابل مادي، رغم أنّ كثيرين منهم، أسماء يصعب على البرامج التلفزيونية استقطابها، والبعض الآخر يطلب مبالغ عالية نظير الظهور التلفزيوني. قائلاً: «لم أدفع أي درهم لأي ضيف، منذ بدايتي وحتى الآن»، وأبان أنّه في حال طلب أحد الضيوف مبلغاً مالياً فإنه يعتذر منه.
يرجع ذلك لكون برنامجه إنسانياً بالدرجة الأولى، كما يقول، مضيفاً: «كل إنسان يحب أن يحكي قصته، وعندما يعرف الضيف أن ليس هناك من حدود لذلك، وأنّني سأدعهم يعبّرون عن آرائهم بأريحية، يزداد حماسهم بالمشاركة. وبالتالي يزداد إعجاب الجمهور بهم». ويردف: «أحياناً، يشعر الجمهور بأنّ الفنان إنسان بعيد عنه، ولكن عندما يسمع قصته ويراه يبكي - مثلاً - يتعاطف معه ويشعر بأنّه قريب منه بصورة أكبر».
الاتزان الرقمي
التقت «الشرق الأوسط» بوخش في الظهران، على هامش مشاركته في الجلسات الحوارية لقمّة الاتزان الرقمي «سينك»، في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، التي أقيمت هذا الأسبوع، على مدى يومين متتاليين، بمشاركة نحو 60 متحدثاً من حول العالم، لبحث كيفية حماية الأفراد من الأضرار التقنية عبر أنظمة وتشريعات دولية تتعلق بحدود الاستخدامات الرقمية للمجتمعات.
لكن هل يؤمن أنس بضرورة الاتزان الرقمي؟ أم يخشى أن يؤثر ذلك عليه كونه من المشتغلين بالإعلام الرقمي؟ يجيب، إنّ «الاتزان ضروري في جميع الأمور بالحياة. والأمر بحاجة إلى الانضباط. وكل شخص منّا يعرف معادلته الملائمة لذلك». معتبراً أنّ هذا التجمّع العالمي الذي يشارك فيه فريدٌ من نوعه، ويدفع لإعادة النظر في فرط الاستخدام الرقمي.
عصر التلفزيون
وبالحديث عن التحوّل الرّقمي، يبدو أنّ رواج البرامج الحوارية على المنصات الرقمية، مثل «يوتيوب» و«نتفليكس»، أمر يدعو للتساؤل: هل فقد التلفزيون جاذبيته؟ الأمر الذي ينفيه أنس بوخش، مؤكداً أنّ الفكرة ليست بالوسيلة بقدر ما هي بالمحتوى، ولدى سؤاله، إن كان برنامجه سيحظى بذات الاهتمام لو كان يُعرض تلفزيونياً، يلمّح إلى أنّ «يوتيوب» اليوم، منصة واسعة الانتشار ولا تتطلب رسوم اشتراك مثل الكثير من القنوات التلفزيونية، لذا فهو يرى أنّه خيار مناسب لشريحة كبيرة من الناس.
ولكن، إلى أين يتجه بوخش الآن، بعد تجاوزه المئوية الأولى لحلقات برنامجه، يجيب «لا أحب الأهداف بعيدة المدى، لكن لدي توجه لمواصلة العطاء».
ويؤكد بوخش أنّ عدد مشاهدات حلقاته تجاوزت الـ100 مليون مشاهدة، من مختلف دول العالم، وبسؤاله عن أقواها، يشير إلى حلقته مع الفنانة العالمية نورة فتحي، وحلقة مدير مجموعة تلفزيون MBC علي جابر، وحلقة والدته رائدة الأعمال هالة كاظم، وكذلك لقاءه مع الممثل السوري باسل خياط. وعن الضيف الذي يرغب في استضافته، يجيب سريعاً «أحمد الشقيري»، مشيراً إلى أنّه أكثر شخصية يطلب منه الجمهور استضافتها.
تمتلئ لقاءات بوخش بالعديد من الأسماء اللامعة، مثل: مغني البوب المغربي سعد لمجرد، والفاشنيستا العالمية كارن وازن، والممثلة المصرية منى زكي، والممثلة التونسية هند صبري، والمغنية المغربية أسماء لمنور، والممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز، ورائد الأعمال الأميركي غاري فاينرتشوك، والمغنية التونسية لطيفة، والممثلة المصرية يسرا، وغيرهم.