الرئيس التونسي يحل البرلمان رداً على إقراره إلغاء تجميده

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)
TT

الرئيس التونسي يحل البرلمان رداً على إقراره إلغاء تجميده

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ب)

قرر الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس (الأربعاء)، حل البرلمان وذلك بعد أشهر من قرار تجميده يوم 25 تموز (يوليو).
وأعلن سعيد عقب اجتماع مجلس الأمن القومي، أنه أمر وزيرة العدل بأن تدعو النيابة العمومية إلى التحرك عقب الجلسة العامة الافتراضية للبرلمان المجمد في وقت سابق أمس. وكان البرلمان صوّت، بعد جلسة صاخبة، لصالح إلغاء الإجراءات الاستثنائية، التي اتخذها سعيد منذ الصيف الماضي.
وقبل بدء الجلسة، التي تمت عن بُعد، أكد أعضاء البرلمان أنهم سيمضون قدماً في عقد أول جلسة عامة كاملة منذ الصيف الماضي، عندما تم تجميد أشغال المجلس، وقالوا إنهم يتوقعون مشاركة أكثر من نصف أعضاء البرلمان في الجلسة، التي خُصصت للتصويت ضد «الإجراءات الاستثنائية» التي أقرها الرئيس سعيد، الذي أصدر في وقت متأخر من يوم الاثنين، تحذيراً صارماً لنواب البرلمان بأن القوات والمؤسسات ستصد «مَن يدفعون الشعب للقتال الداخلي».
وقالت يمينة الزغلامي، عضو البرلمان المجمد: «سنمضي قدماً في الجلسة المتوقعة، ولسنا خائفين من الدفاع عن مؤسسة شرعية»، مؤكدة أن الناس «لم يسحبوا ثقتهم منا».
في سياق ذلك، انتقدت أحزاب سياسية عدة، دعوة راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المجمد ورئيس حركة النهضة، النواب لعقد جلسة أمس، وعبّرت عن خشيتها تهديد السلم الاجتماعي، وتأكيد الانقسام السياسي في تونس، بعد أن أعلن مكتب البرلمان إنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» تحمل اسم «مجلس نواب الشعب» لبث أشغال الجلسة العامة، بعد أن حجبت رئاسة الجمهورية صفحة مجلس نواب الشعب على الإنترنت منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية.
وقال رابح الخرايفي، أستاذ القانون الدستوري، إن نواب البرلمان، الذين شاركوا أمس في الجلسة، قد يتعرّضون لمساءلة النيابة العامة، وهو ما سيجعلهم عرضة لعقوبات سالبة للحرية قد تتراوح بين خمس سنوات والسجن المؤبد، «نتيجة تهديدهم السلم الداخلي، والاعتداء على أمن الدولة»، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، كشف مكتب حركة النهضة أن المؤتمر الانتخابي الـ11، سيتم تنظيمه خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لانتخاب رئيس جديد للحركة، خلفاً لراشد الغنوشي، الذي أكد عدم تقديم ترشحه من جديد.
وكانت مجموعة من قيادات النهضة قد وجّهت سنة 2020 رسالة إلى الغنوشي، تدعوه فيها إلى عدم الترشح مجدداً لرئاسة الحزب في المؤتمر الحادي عشر. ودعته إلى ضرورة الالتزام بعدم تنقيح الفصل 31 من النظام الداخلي للحزب، والسماح بالتداول على القيادة داخل الحركة، وفسح المجال لدماء جديدة بين قيادات الحزب.
ووقع على تلك الوثيقة 100 قيادي من حركة النهضة، يتوزعون بين أعضاء من مجلس الشورى والمكتب التنفيذي والكتلة البرلمانية والمكاتب المركزية للحزب.
وكان القياديان عبد الكريم الهاروني ورفيق عبد السلام، المقربان من الغنوشي، قد عرضا مبادرة للحد من الخلافات الداخلية في حركة النهضة، ترتكز إلى نقطتين خلافيتين أساسيتين، تتمثلان في تأجيل موعد مؤتمر النهضة، وفي قضية زعامة الحزب التي اشترطا إسنادها إلى الغنوشي بغضّ النظر عن رئيس الحزب الذي سيفضي إليه المؤتمر الانتخابي، بغاية ضمان تماسك الحركة وعدم تعريضها إلى الانقسام.



اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.