روسيا وأوكرانيا تخطوان في إسطنبول نحو تفاهم حول قضايا خلافية عدة

كييف ركزت على الضمانات الأمنية وموسكو لم تعارض انضمامها للاتحاد الأوروبي

ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي في ختام جولة أمس (رويترز)
ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي في ختام جولة أمس (رويترز)
TT

روسيا وأوكرانيا تخطوان في إسطنبول نحو تفاهم حول قضايا خلافية عدة

ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي في ختام جولة أمس (رويترز)
ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي في ختام جولة أمس (رويترز)

اعتبرت تركيا أن جولة المفاوضات بين الوفدين الروسي والأوكراني في إسطنبول تشكل أهم تقدم يجري إحرازه خلال المحادثات بينهما حتى الآن.
وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو توصل الوفدين الروسي والأوكراني إلى اتفاق حول مسائل عدة، لم يحددها، مؤكداً ترحيب بلاده بتوصل الجانبين إلى حل وسط وتفاهم مشترك بشأن بعض القضايا. وقال إن الحرب يجب أن تنتهي في أقرب وقت ممكن. ووسط أجواء من التفاؤل من جانب تركيا، عقد المفاوضون الروس والأوكرانيون أول اجتماع مباشر منذ أكثر من أسبوعين، في قصر دولمه بهشه التاريخي المطل على مضيق البوسفور في مدينة إسطنبول أمس (الثلاثاء)، بينما دخل الاجتياح الروسي لأوكرانيا أسبوعه الخامس. وعبر الوزير التركي عن «بالغ امتنانه» لرؤية زيادة التقارب بين الطرفين الروسي والأوكراني في كل مرحلة من مراحل المفاوضات، معتبراً مفاوضات إسطنبول مؤشراً على ثقتهما بتركيا. وأضاف: «اليوم تم تسجيل التقدم الأكثر أهمية منذ بدء المباحثات الروسية - الأوكرانية... من المتوقع أن يحدد وزيرا خارجية البلدين (روسيا وأوكرانيا) مسار المسائل الأكثر صعوبة في اللقاءات المقبلة». بدوره، أكد رئيس الوفد الروسي المفاوض، فلاديمير ميدينسكي، أنهم تلقوا وعداً باتخاذ كييف تدابير تجاه الذين مارسوا العنف على الجنود الروس الأسرى في أوكرانيا. وأشار ميدينسكي، وهو مستشار الرئيس الروسي أيضاً، إلى أن جلسات التفاوض انتهت وسيعلنون نتائجها بعد ساعات، مضيفاً أن عقد لقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمر ممكن، وأن بلاده لا تعارض انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ولفت إلى أن اقتراحات أوكرانيا تركزت على الحصول على الضمانات الأمنية، واقترحت أن تكون دولة حيادية غير نووية خارج أي تحالفات. وتعهدت بعدم الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية أو نشر قوات أجنبية على أراضيها، كما تعهدت بالحصول على موافقة روسيا المسبقة لاستضافة أي قوات أجنبية، لافتاً إلى أن الضمانات الأمنية التي طلبتها أوكرانيا لا تنطبق على القرم ودونباس. وطلب الجانب الأوكراني صياغة الاتفاق النهائي خلال قمة تجمع بوتين وزيلينسكي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن لقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني، الذي دعا إليه الأخير، سيأتي في الوقت الراهن «بنتائج عكسية». وأشارت مصادر إعلام روسيّة، أمس (الثلاثاء)، إلى أنّ «المحادثات بين روسيا وأوكرانيا قد تستمر عبر رابط الفيديو إذا لم يتم التوصل إلى نتيجة نهائية في إسطنبول، لكن موسكو تتطلع للمضي قدماً بسرعة».
على الجانب الأوكراني، قال ميخائيل بودلياك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني إن القضية الرئيسية بالنسبة لأوكرانيا في مباحثات إسطنبول كانت التوصل إلى اتفاق في مسألة الضمانات الأمنية الدولية.

أعضاء الوفد الأوكراني لمباحثات إسطنبول مع روسيا (رويترز)

وشدد على أهمية تحقيق وقف إطلاق النار لمعالجة المسائل الإنسانية العالقة في أوكرانيا، وعلى أهمية زيادة انتهاكات قواعد الحرب، موضحاً أن على الجانبين الالتزام بقواعد الحرب، وأن أي انتهاك من الجانب الأوكراني سيتم التحقيق بتفاصيله من قبل الجهات المعنية. وأضاف أن نتائج اليوم الأول من مفاوضات إسطنبول مع الجانب الروسي «كافية لعقد لقاء بين زعيمي البلدين»، مشيراً إلى أن المناورات المتعلقة بنقل الوحدات العسكرية ستنتهي وفقاً للصيغة التي اقترحها الوفد الأوكراني فيما يتعلق بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية وفتح الممرات. ولفت إلى إمكانية إنشاء نظام أمني جديد بناء على مقترحات بلاده، لافتاً إلى أن كثيراً من الدول حول العالم تقبل المقترحات الأوكرانية، مضيفاً أن «الكفاح البطولي للشعب الأوكراني يظهر أن هناك حاجة إلى تنسيق أمني جديد حتى لا تتكرر مثل هذه الحروب».
وقال إن الوفد الروسي كان بناءً خلال مفاوضات إسطنبول، مضيفاً في الوقت ذاته أن المحادثات لم تكن سهلة. وفيما قالت مصادر دبلوماسية لوكالة «الأناضول» إن المفاوضات قد تستمر ليوم ثانٍ، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها قررت خفض عملياتها القتالية على محوري كييف وتشيرنيغوف بشمال أوكرانيا، لتهيئة ظروف مواتية لمواصلة المفاوضات السلمية. وقال ألكسندر فومين نائب وزير الدفاع الروسي في ختام جولة أمس من المفاوضات الروسية - الأوكرانية بإسطنبول: «نظراً إلى أن المفاوضات حول إعداد اتفاق بشأن الوضع الحيادي وغير النووي لأوكرانيا، وكذلك بشأن توفير ضمانات أمنية لأوكرانيا، تنتقل إلى المجال العملي، وأخذاً في الاعتبار المبادئ التي نوقشت خلال اجتماع اليوم (أمس)، قررت وزارة الدفاع الروسية... تقليص (بشكل جذري - أي تخفيف)، العمليات العسكرية على محوري كييف وتشيرنيغوف». وأوضح فومين أن هذا القرار يهدف إلى «تعزيز الثقة المتبادلة وتهيئة الظروف اللازمة لمواصلة المفاوضات وتحقيق الهدف النهائي لها».
والتقى الوفدان الروسي والأوكراني، وجهاً لوجه في دولمه بهشه، لكن دون مصافحة، حيث وصل الوفد الأوكراني أولاً ثم الوفد الروسي. وأعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في كلمة افتتح بها المفاوضات بين الوفدين، عن إيمانه بعدم خسارة أي طرف في معادلة السلام العادل للأزمة الروسية - الأوكرانية، وأن إطالة أمد الحرب «ليست في صالح أحد»، قائلاً: «تعاملنا بإنصاف في جميع المنابر الدولية مع الطرفين الروسي والأوكراني عبر ضمان حقوقهما ومراعاة حساسياتهما».
وأضاف الرئيس التركي: «أعتقد أننا في مرحلة يجب التوصل فيها إلى نتائج ملموسة من المفاوضات، أنتم تضعون أسس السلام بقيادة زعيميكما»، مشدداً على أن وقفاً لإطلاق النار سيصب في مصلحة الجميع.
وأشار إلى أن الوفدين الروسي والأوكراني توصلا بالفعل إلى «تفاهم» حول 4 من أصل 6 قضايا عالقة بينهما بما في ذلك استبعاد فكرة انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والاعتراف بالروسية كلغة رسمية في البلاد. وأثنى السفير الأوكراني في أنقرة، واسيل بودنار، على الدعم التركي الذي تقدمه للمباحثات بين أوكرانيا وروسيا، معرباً عن أمله في وقف الحرب بأقرب وقت ممكن. وقال: «نريد وقف القتل الذي يطال أطفالنا وعائلاتنا ومواطنينا، نشكر تركيا على دعمها»، مشيراً إلى مواصلة روسيا لهجماتها واستهدافها لمحطات الوقود في أوكرانيا. وشدد على أهمية صون أوكرانيا لوحدة أراضيها وضمان أمنها، وقال: «تركيا من الدول القوية التي نعتمد عليها، نحن وتركيا في صف واحد، نحن في صف السلام ونريد السلام».
وذكر بودنار: «الحدود الأوكرانية - البولندية مليئة بالنازحين، تركيا تواصل دعمها. الأطفال في دور الأيتام الأوكرانية يتواصل قدومهم إلى (ولاية) أنطاليا، نتمنى أن تنتهي الحرب ويعود الأطفال إلى دراستهم».


مقالات ذات صلة

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

العالم الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب) play-circle 01:00

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

بدأ التأثير العالمي لولاية ترمب الرئاسية الثانية في الولايات المتحدة حيث يُشعر به بالفعل حتى قبل انطلاق العهد الجديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ جانب من لقاء بين بوتين وترمب في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

بوتين يهنّئ ترمب ويؤكد انفتاحه على الحوار بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم»

سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تهنئة دونالد ترمب، الاثنين، قبل ساعات من تنصيبه رئيساً، قائلاً إنه «منفتح على الحوار» بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.