بلينكن يدعم من الرباط أجندة الإصلاح التي يقودها العاهل المغربي

أكد أن الولايات المتحدة تؤيد جهود تحقيق حل يضمن مستقبلاً زاهراً في الصحراء

بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)
بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)
TT
20

بلينكن يدعم من الرباط أجندة الإصلاح التي يقودها العاهل المغربي

بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)
بلينكن وزير الخارجية الأميركي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بمقر وزارة الخارجية المغربية أمس (أ.ف.ب)

أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، في العاصمة المغربية الرباط مباحثات مع كبار المسؤولين المغاربة، ضمنهم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وناصر بوريطة وزير الخارجية، إلى جانب لقائه قادة المجتمع المدني المغربي، وذلك في إطار زيارة رسمية هي الأولى له للمغرب منذ تولي الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم.
وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، بمقر وزارة الخارجية المغربية، إن الولايات المتحدة تدعم أجندة الإصلاح التي ينفذها العاهل المغربي الملك محمد السادس للمؤسسات الحكومية، وتعزيز حرية التعبير، والحق في التجمع، وتعزيز الشفافية.
وبخصوص قضية الصحراء، قال بلينكن إن الولايات المتحدة تدعم جهود البعوث الأممي دي ميستورا لتحقيق حل يضمن مستقبلاً زاهراً في الصحراء، كما تدعم مقترح الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب لحل النزاع، وتحقيق السلم في الصحراء.
وفيما يتعلق بملف الأمن، أوضح بلينكن أن الولايات المتحدة تدرك أهمية المغرب في تعزيز الأمن والاستقرار، وقال بهذا الخصوص: «ناقشنا موضوع الوضع في ليبيا والساحل والمبادرات لمكافحة التنظيمات الإرهابية»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع المغرب لخلق فرص تستفيد منها الشعوب، وموضحاً أن العلاقات المغربية - الأميركية تعود لـ400 سنة.
من جهته، قال ناصر بوريطة إنه ناقش مع بلينكن مختلف المواضيع المتعلقة بتعزيز الشراكة بين البلدين، بما فيها الحوار السياسي، ومواضيع حقوق الإنسان، واتفاق التبادل الحر، الذي يعد الاتفاق الوحيد لأميركا مع دول في أفريقيا، وبرامج ميثاق تحدي الألفية، إضافة إلى آليات التعاون الأمني والعسكري، وقال إن هذه الشراكة قابلة للتأقلم مع التحديات الخارجية، وخصوصاً في الشرق الأوسط.
ورداً على سؤال صحافي حول عدم وفاء الولايات المتحدة بموقفها من قضية الصحراء المغربية، نفى ناصر بوريطة أن تكون الإدارة الأميركية غير وفية للاتفاق الثلاثي، الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2020، وقال إن العلاقات بين البلدين «تسير في الاتجاه الصحيح من جميع الجوانب»، مشيراً إلى أن موقف الولايات المتحدة من مقترح المغرب بمنح حكم ذاتي للصحراء المغربية «ثابت»، باعتباره الحل الوحيد في إطار السيادة المغربية. كما أوضح بوريطة أن دولاً أخرى غربية مثل إسبانيا وألمانيا تدعم هذا المقترح، فضلاً عن دول عربية وأفريقية.
في غضون ذلك، جددت واشنطن التأكيد على موقفها الثابت إزاء قضية الصحراء، مبرزة أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تعد «جادة وذات مصداقية وواقعية».
وقال بيان للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، صدر عشية زيارة بلينكن للرباط إن الولايات المتحدة تواصل اعتبار المخطط المغربي للحكم الذاتي «جاداً وذا مصداقية وواقعياً»، باعتباره مقاربة تروم الاستجابة لتطلعات سكان المنطقة.
كما أعربت واشنطن أيضاً عن دعمها للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا، في قيادة العملية السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة. وقال المتحدث إن الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن والرباط «راسخة في المصالح المشتركة في مجال السلم والأمن والازدهار الإقليمي». مبرزاً أن الولايات المتحدة «عازمة على توسيع مجالات التعاون الثنائي مع المغرب».
كما أوضح المتحدث أن واشنطن تعترف بالدور الذي تلعبه الرباط في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين، بالإضافة إلى مساهمتها في السلام والازدهار في الشرق الأوسط، مبرزاً أن الولايات المتحدة والمغرب يلتزمان بمواصلة التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل السلام والازدهار الإقليمي والأمن الإقليمي.
في سياق ذلك، رحبت واشنطن بجهود المغرب لدعم عمل الأمم المتحدة في العملية السياسية في ليبيا، واستضافة الحوار الليبي الداخلي.
وبشأن قضايا حقوق الإنسان، ذكر المتحدث أن واشنطن والرباط «تنخرطان بشكل منتظم في قضايا حقوق الإنسان، وخصوصاً النهوض بحريات التعبير وتأسيس الجمعيات، وإصلاح العدالة الجنائية، وحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، وشفافية العمل الحكومي»، مشيراً إلى أن شهر مارس (آذار) الجاري يشكل بداية آخر سنة لاتفاق يمتد لخمس سنوات بقيمة 460 مليون دولار تديره مؤسسة تحدي الألفية في الولايات المتحدة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.