المنصف المرزوقي: هناك بوادر تهدد الديمقراطية الوليدة في تونس

احتجاجات لليوم الثالث على التوالي في الجنوب للمطالبة بالتشغيل والتنمية

المنصف المرزوقي
المنصف المرزوقي
TT

المنصف المرزوقي: هناك بوادر تهدد الديمقراطية الوليدة في تونس

المنصف المرزوقي
المنصف المرزوقي

قال الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي أمس إن «هناك بوادر تنذر بالخطر» وتهدد الديمقراطية الوليدة في تونس.
وأوضح المرزوقي، الذي خسر الانتخابات الرئاسية في 2014. خلال مداخلة له أمس أثناء مشاركته في مؤتمر حول «الدولة والمجتمع في تونس.. حدود الانتقال»، إن الكثير من الإشكاليات لا تزال مطروحة في تونس، رغم مرور أربع سنوات من الانتقال الديمقراطي عقب ثورة 2011. وقال أمام للصحافيين والحاضرين «لقد قمنا بانتقال ديمقراطي، لكن هل نحن على ثقة بأن الديمقراطية التي نتمتع بها الآن ليست هشة.. هل هذه الحقوق التي اكتسبناها غير قابلة للمراجعة؟».
ويعتبر المرزوقي أن الثورة، التي أطاحت بالنظام السابق، لم تحقق حتى اليوم أهدافها في محاربة الفساد، وإرساء العدالة الاجتماعية، وإنعاش الاقتصاد، وإنصاف شهداء وجرحى الثورة. كما يتهم حزب حركة نداء تونس، الفائز في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والذي يقود الائتلاف الحاكم الحالي مع ثلاثة أحزاب أخرى، بما في ذلك حركة النهضة الإسلامية القوة الثانية في البلاد، بتهيئة الأجواء لعودة النظام القديم.
وانتقد المرزوقي بشكل صريح في مداخلته أمس «الأداء الضعيف» للحكومة الحالية، وتعطل الآلة الاقتصادية في البلاد، كما وصف الأداء الدبلوماسي والعلاقات الخارجية لتونس بـ«المهزلة».
من جهة ثانية، أعلنت الحكومة التونسية عبر موقعها الإلكتروني عن تعيين لطفي بن جدو، وزير الداخلية السابق، في منصب مدع عام بمحكمة التعقيب بتونس العاصمة.
وكان بن جدو قد تولى منصب وزير الداخلية في حكومة علي العريض وحكومة مهدي جمعة، وخلال مباشرته لوزارة الداخلية تعرض النائب البرلماني محمد البراهمي إلى الاغتيال في 25 يوليو (تموز) 2013. وهو ما دفع بن جدو إلى حظر أنشطة تنظيم أنصار الشريعة المتهم باغتيال كل من البراهمي، والقيادي اليساري شكري بلعيد.
على صعيد متصل، أعلنت مصادر قضائية انتهاء التحقيقات في الهجوم الإرهابي المسلح على منزل عائلة لطفي بن جدو، وإحالة ملف القضية على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس العاصمة، غير أن بعض المتهمين استأنفوا قرار إنهاء الأبحاث القضائية، وطالبوا عن طريق المحامين منحهم مزيدا من الوقت للدفاع عن ملفاتهم. وشملت القضية 49 متهما، بينهم سبعة موقوفين، والبقية يوجدون إما في حالة سراح، أو هاربون من العدالة.
من ناحية أخرى، علق موظفو الإذاعة والتلفزة الحكوميتين أمس إضرابا عن العمل، وذلك بعد أن تدخلت الحكومة، ممثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية، لإقناع الهياكل النقابية في المؤسستين الحكوميتين بتعليق الإضراب، مع وجود وعود صريحة بتنقيح النظامين الأساسيين في مؤسستي الإذاعة والتلفزة، وتنفيذ الاتفاقيات المهنية الموقعة بين الطرف النقابي والطرف الإداري.
ويطالب موظفو المؤسستين الحكوميتين بتسوية مطالبهم المهنية، ومن أبرزها تمكينهم من منحة الإنتاج ومنحة العمل السمعي البصري، وهدّدوا بالتصعيد في حال عدم النظر بجدية إلى مطالبهم. وفي هذا الصدد قالت قمر الغربي، رئيسة فرع الصحافيين في الإذاعة التونسية لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاق المذكور ينص على إعداد مشروع التنظيم الهيكلي للمؤسّسة بعد شهر مباشرة من محضر الاتفاق، ولكن ذلك لم يحدث إلى حد الساعة، وطالبت الغربي بضرورة إدراج مقرّر خاص بالحوافز الخاصة الموجهة لصحافيي مؤسسة الإذاعة.
وعلى صعيد متصل، استؤنفت أمس المواجهات بين محتجين عاطلين عن العمل، وقوات الأمن في ولاية قبلي جنوب البلاد، وذلك لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بالتشغيل والتنمية في الجهة.
ونظم اتحاد المعطلين عن العمل في منطقة الفوار، التابعة لولاية قبلي، مسيرة تطالب بفرص للعمل في شركات بترولية، توجد في الجهة، وتتمتع بعقود تنقيب، لا سيما مع الإعلان مؤخرا عن اكتشافات لآبار نفطية جديدة. واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين لدى وصولهم إلى مقر للأمن للمطالبة بالإفراج عن موقوفين خلال المواجهات.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.