رحيل عهدي صادق أحد حرافيش «ليالي الحلمية»

ترك بصمة درامية في أعماله وغادر عن 72 عاماً

صادق ضمن كواليس مسلسل «الفتوة»
صادق ضمن كواليس مسلسل «الفتوة»
TT

رحيل عهدي صادق أحد حرافيش «ليالي الحلمية»

صادق ضمن كواليس مسلسل «الفتوة»
صادق ضمن كواليس مسلسل «الفتوة»

بعد مسيرة فنية ممتدة تُقدر بخمسين عاماً، غيّب الموت، أمس الاثنين، الفنان المصري عهدي صادق، عن 72 عاماً، بعد أزمة مرضية انتقل على أثرها إلى العناية المركزة بأحد المستشفيات، بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير في الأيام الأخيرة التي سبقت وفاته.
وأعلنت أسرة الفنان الراحل عن إقامة جنازته بالكنيسة الإنجيلية بالقاهرة الجديدة.
ونعى عدد من الفنانين الفنان الراحل، في كلمات عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث نعوه «فناناً قديراً»، و«إنساناً معطاءً وصدوقاً»، و«وفياً لذكرى أصدقائه من الفنانين الراحلين»، وهو ما تكرر ذكره في كلمات الفنانين الناعين له، منها ابنة الفنان الراحل سعيد صالح التي تحدثت عن وفائه لذكرى والدها، وتأثره الإنساني الذي لم يفتر منذ رحيله، وكذلك الفنانة سامية جاهين التي ورد في نعيها له على صفحتها على «فيسبوك»: ودّ وإخلاص عهدي صادق الدائم لذكرى والدها الراحل صلاح جاهين.
وقدمت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم العزاء لأسرته ومحبيه، ووصفته في بيان صحافي، بأنه أحد مفاتيح نجاح كثير من الأعمال التي شارك فيها؛ مشيرة إلى تميزه في «تجسيد الشخصيات المركبة» .
وعلى مدار رحلة فنية طويلة، بدأها الراحل عهدي صادق منذ تخرجه أوائل السبعينات من المعهد العالي للفنون المسرحية، استطاع تقديم أدوار سكنت ذاكرة مشاهدي الدراما، لعل أشهرها أدواره في أعمال الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، مثل: «ليالي الحلمية»، و«أرابيسك»، و«الشهد والدموع».


                                                                      الفنان الراحل عهدي صادق

فمن بين أعمال فنية سينمائية وتلفزيونية تجاوزت 200 عمل فني، يظل دور «خميس الخمس» أحد أشهر أدواره، وهو الدور الذي جسّد فيه دور أحد أشهر «حرافيش» مسلسل «ليالي الحلمية» ووجوهها المميزة، بالإضافة لأدائه دور «طلبة» في مسلسل «أرابيسك»، ودور «منظر» في «الشهد والدموع»، ودور «تودري» في «زيزينيا»، و«فيليب ناتسون» في «رأفت الهجان».
واتسعت حدود موهبة عهدي صادق -مواليد 1950- لتشمل الأدوار الكوميدية التي جعلت له حضوراً في الفوازير الرمضانية، مع كل من النجمتين نيللي وشيريهان، إضافةً إلى دوره الشهير في مسلسل الأطفال «كوكي كاك» مع الفنانة إيمان الطوخي، وهي أعمال مبكرة أغلبها خلال فترة الثمانينات. وعاد في ظهور كوميدي جديد في مسلسل «اللي فات سات» الذي أذيع خلال شهر رمضان الكريم عام 2000.
ويرى الناقد الفني محمد عدوي، رئيس تحرير مجلة «أخبار النجوم»، أن «ثمة ظلماً يتعرض له الفنانون الموهوبون مثل الراحل عهدي صادق»، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من أن هؤلاء الموهوبين هم مفاتيح النجاح الحقيقية في الصناعة الفنية والدرامية، فإنهم لا يحظون بتقدير يليق بمسيرتهم إلا بعد الوفاة».
ويضيف عدوي: «ما زلنا في العالم العربي نسلط الضوء على نجوم (الأفيش)، سواء من جانب المؤسسات الفنية أو الإعلامية، متجاهلين خلية النحل التي تقوم عليها المواهب الكبيرة مثل عهدي صادق».
ويلفت الناقد الفني إلى أنه في الوقت الذي يتذكر فيه الشارع والجمهور أدواراً لافتة ومحورية لعهدي صادق، مثل دور «خمس» في «ليالي الحلمية»، فإن ثمة غصة تظل عالقة في حلوق تلك المواهب، وهي عدم تكريم المؤسسات الرسمية لهم في حياتهم؛ مشيراً إلى أن «هؤلاء هم المواهب الساطعة، ومن دونهم تصبح الأعمال الدرامية باهتة، فعهدي صادق وغيره هم المواهب الصادقة، وليسوا مجرد (ترند) عابر». وكتب الناقد الفني محمود عبد الشكور، عبر صفحته على «فيسبوك»: «وداعاً الفنان الجميل عهدي صادق. مهما كانت مساحة الدور كان يجد فرصة لوضع بصمة، وكان يذكرنا بممثلي الأدوار المساعدة الكبار، بالذات في أعماله مع أسامة أنور عكاشة»، لافتاً إلى أن الراحل «ابن جيل موهوب ومكافح يستحق الاحترام».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».