تركيا تدعو لـ«حفظ ماء الوجه» في مخرج من الحرب الأوكرانية

حذَّرت من «إحراق الجسور» مع موسكو وتجاهل شكاواها

صورة أرشيفية للقاء جمع بوتين وإردوغان في سوتشي يوم 29 سبتمبر 2021 (د.ب.أ)
صورة أرشيفية للقاء جمع بوتين وإردوغان في سوتشي يوم 29 سبتمبر 2021 (د.ب.أ)
TT

تركيا تدعو لـ«حفظ ماء الوجه» في مخرج من الحرب الأوكرانية

صورة أرشيفية للقاء جمع بوتين وإردوغان في سوتشي يوم 29 سبتمبر 2021 (د.ب.أ)
صورة أرشيفية للقاء جمع بوتين وإردوغان في سوتشي يوم 29 سبتمبر 2021 (د.ب.أ)

دعت تركيا إلى «عدم إحراق الجسور» مع روسيا، وإلى مساعدتها وأوكرانيا على الخروج من الأزمة الراهنة بطريقة تحفظ ماء الوجه لكل منهما؛ لافتة في الوقت ذاته إلى أن أوكرانيا لم يكن بوسعها في السابق الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ثم إن الأمر لم يعد ممكناً بعد ذلك.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، إن على تركيا والدول الأخرى مواصلة الحديث مع روسيا للمساعدة في إنهاء الحرب في أوكرانيا، مضيفاً أن كييف بحاجة إلى مزيد من الدعم للدفاع عن نفسها.
وتساءل كالين، خلال إحدى جلسات منتدى الدوحة، أمس (الأحد): «إذا أحرق الجميع الجسور مع روسيا، فمن سيتحدث معهم في نهاية المطاف؟»، مضيفاً: «الأوكرانيون بحاجة إلى الدعم بكل الوسائل الممكنة حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم؛ لكن يجب الاستماع إلى الموقف الروسي بطريقة أو بأخرى، حتى يمكن تفهم شكاوى موسكو إن لم تكن مبرراتها».
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن تركيا بذلت ما في وسعها لمنع الحرب بين البلدين، وإن على المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطاً على روسيا باعتبارها «الطرف المعتدي»، مشدداً على أنه لا يمكن قبول الهجوم على سيادة أوكرانيا.
وأكد جاويش أوغلو ضرورة مساعدة الطرفين المتحاربين على الخروج من هذه الأزمة مع «حفظ ماء الوجه»، لافتاً إلى أن هناك حاجة إلى تحقيق تفاهم مشترك بين البلدين؛ لكن يجب اتخاذ قرار لوقف إطلاق النار على وجه السرعة، بسبب التطورات التي تهدد حياة المدنيين.
وذكر الوزير التركي أن أوكرانيا أدركت أنها لن تكون عضواً في «الناتو»، وأنها لم تكن ستنضم بأي شكل من الأشكال، وعديد من حلفائها في أوروبا كانوا يرفضون أيضاً عضويتها في «الناتو»، فقد كانوا يعارضون عضوية أوكرانيا وجورجيا، مضيفاً: «أوكرانيا تفهم ذلك بشكل جيد جداً، ولا يسعها الاختيار بين الغرب والشرق، ولا بين روسيا وأوروبا، أو بين روسيا وتركيا. يجب انتهاج سياسة التوازن مع الجميع. تركيا عضو في (ناتو) لكنها تتعاون مع روسيا رغم جميع الصعوبات التي تواجهها، فهناك ملفات صعبة جداً مثل سوريا وليبيا، ويجب أن يكون لأوكرانيا سياسة خارجية متوازنة أقوى؛ خصوصاً مع روسيا والدول الأوروبية».
وشدد جاويش أوغلو على أن موضوع إرسال تركيا منظومة الدفاع الجوي الصاروخية «إس 400» التي اشترتها من روسيا إلى الجانب الأوكراني، غير مطروح إطلاقاً على الطاولة، ولم ندرسه بأي شكل من الأشكال. وأكد أن قطاع الصناعات الدفاعية في تركيا يغطي بمنتجاته ما يزيد على 70 في المائة من احتياجات البلاد للأسلحة، وأن تركيا لديها أيضاً تحركات بشأن أنظمة الدفاع الجوي، وهي تعمل على تقييم البدائل لتلبية احتياجاتها في هذا المجال، وأن فرنسا وإيطاليا تفكران جدياً في التصنيع المشترك لمنظومة الدفاع الجوي «سامب- تي» في تركيا.
وجدد وزير الخارجية التركي موقف بلاده من العقوبات على روسيا، على الرغم من التهديد الأميركي بمعاقبة الشركات والكيانات والأفراد من الدول الأخرى التي لا تلتزم بالعقوبات. وأكد أن بإمكان رجال الأعمال الروس الاستمرار في ممارسة نشاطهم التجاري في تركيا، ما داموا يحترمون القانون التركي والدولي.
وأضاف، خلال جلسة في إطار منتدى الدوحة رداً على سؤال حول وصول يختين يملكهما الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش إلى ميناءين في تركيا: «نحن لا نشارك في العقوبات. نحن نطبق فقط العقوبات التي تقررها الأمم المتحدة. يمكن للمواطنين الروس زيارة بلادنا». وتابع: «إذا سُئلت عما إذا كان بإمكان الأوليغارشيين (طبقة الأغنياء المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين) القيام بأعمال تجارية في تركيا، فيمكننا تقييم هذه الطلبات إذا كانت متوافقة مع القانون التركي والدولي. في بلدنا نسمح بكل ما هو قانوني، ولا يمكن القيام بأي شيء مخالف للقانون. جوابي واضح للغاية».
وأعلنت أنقرة أن الاجتياح الروسي لأوكرانيا غير مقبول؛ لكنها تعارض العقوبات الأميركية والأوروبية ولم تنضم إليها. ويعتمد الاقتصاد التركي الذي يعاني أزمة خانقة، بشكل كبير على الطاقة والتجارة والسياحة الروسية، ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، وصل مئات من رجال الأعمال والمستثمرين الروس إلى تركيا، على اعتبار أنها ملاذ آمن من العقوبات.
وقال رئيس مكتب الاستثمار التابع للرئاسة التركية، أحمد بوراك داغلي أوغلو: «إن بعض الشركات الروسية بدأت في نقل عملياتها إلى تركيا، ونحن لا نستهدف ولا نطارد ولا نسعى إلى أي استثمار أو رأس مال عليه علامة استفهام».
في غضون ذلك، هدد مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، بأنهم قد يستهدفون شركات ومؤسسات من دول أخرى تتعامل مع روسيا. ونقلت وسائل إعلام تركية تصريحاته خلال وجوده في بولندا رفقة الرئيس جو بايدن، وأنهم مستعدون لفرض عقوبات تستهدف أطرافاً ثالثة لا تعادي روسيا، وأنهم سيتخذون هذه الخطوة إذا رأوا ذلك ضرورياً.
وأوضح سوليفان أن إحدى أدوات العقوبات هي تحديد الأفراد أو المنظمات التي لا تمتثل للعقوبات الأميركية، أو تبذل جهوداً منهجية لإضعافها أو تجنبها. وحذرت وسائل الإعلام التركية من أن فرض أي عقوبات ثانوية على الأطراف المتعاونة مع روسيا والرافضة للعقوبات، سيؤثر سلباً على تركيا.


مقالات ذات صلة

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس وزراء إستونيا كريستين ميشال لدى اجتماعهما في كييف الاثنين (أ.ب)

زيلينسكي: 800 ألف جندي روسي منتشرون في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتشار مئات الآلاف من الجنود الروس حالياً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي منفتح على انتشار قوات غربية في أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه منفتح على الانتشار المحتمل لقوات غربية في كييف لضمان أمن البلاد في إطار جهود أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.