مصر ورواندا تتفقان على تعزيز التعاون بين دول حوض النيل

السيسي أكد رفض «الإجراءات الأحادية» بشأن «سد النهضة»

جانب من مباحثات السيسي ونظيره الرواندي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
جانب من مباحثات السيسي ونظيره الرواندي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ورواندا تتفقان على تعزيز التعاون بين دول حوض النيل

جانب من مباحثات السيسي ونظيره الرواندي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
جانب من مباحثات السيسي ونظيره الرواندي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

توافقت مصر ورواندا أمس حول «أهمية الانخراط في حوار بناء وفعال من أجل تعزيز التعاون الاستراتيجي بين دول حوض النيل، بهدف دفع المصالح ومواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق التنمية الشاملة لجميع شعوب المنطقة». جاء ذلك خلال استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الرواندي، بول كاغامي، حيث ناقشا بحسب بيان مصري «العلاقات الثنائية والمستجدات الإقليمية». وشدد السيسي على «ضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، في إطار زمني مناسب، بما يعزز من الأمن والاستقرار الإقليمي، وذلك استناداً إلى قواعد القانون الدولي ومقررات مجلس الأمن»، مؤكداً «رفض مصر لأي إجراءات أحادية».
وعقد السيسي وكاغامي مباحثات في قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة، أمس. ووفق بيان للرئاسة المصرية، فإن الرئيس السيسي أكد «حرص مصر على ترسيخ التعاون الاستراتيجي مع رواندا في شتى المجالات، خاصة على المستوى الاقتصادي والتجاري والأمني والعسكري، بالإضافة إلى الترتيب لعقد اللجنة المشتركة بين البلدين في أقرب وقت، وكذا تعزيز التنسيق والتشاور، وتبادل وجهات النظر بين الجانبين في إطار الاتحاد الأفريقي».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن «اللقاء شهد عقد مباحثات منفردة، أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث أكد الرئيس السيسي حرص مصر على دعم الاحتياجات التنموية لرواندا، لاسيما في قطاعات البنية التحتية والصحة والتعليم، وذلك من خلال تعظيم استثمارات الشركات المصرية المتخصصة، التي أصبحت لديها تجربة وخبرة عريقة في تلك المجالات، فضلاً عن نقل الخبرات، وبناء القدرات من خلال الدورات والمنح، التي تقدمها مصر للإسهام في بناء الكوادر الرواندية».
من جانبه، أكد الرئيس الرواندي «حرص بلاده على تطوير العلاقات مع مصر في مختلف المجالات»، مشيداً بـ«الدور المحوري الذي تضطلع به مصر إقليمياً على صعيد صون السلم والأمن». كما أثنى كاغامي على «المواقف المصرية، الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى وشرق أفريقيا وحوض النيل، والتي انعكست على الدعم المصري الكبير لحل القضايا العالقة في هذا الإطار خلال المرحلة الماضية، فضلاً عن الدور المصري المؤثر داخل أروقة الاتحاد الأفريقي، خاصة في ضوء ثقلها التاريخي سياسياً واقتصادياً بالقارة».
كما تناولت مباحثات الرئيسين آخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، خاصة فيما يتعلق بقضية «سد النهضة»، حيث تم «التوافق على تكثيف التنسيق بين البلدين خلال الفترة المقبلة بشأن هذه القضية الحساسة والحيوية». وأكد السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الرواندي أنه «تطرق إلى تطورات ملف سد النهضة مع الرئيس الرواندي». وجدد تأكيده على «أهمية التعاون المشترك بين جميع دول حوض النيل، من منطلق الحرص على المصالح المشتركة، وعدم الإضرار بأي دولة من دول الحوض، ورفض مصر لأي إجراءات أحادية من شأنها المساس بمقدرات الشعوب، لاسيما تلك التي تعتمد على نهر النيل، كرافد أوحد للحياة والتنمية».
وأوضح السيسي أن زيارة الرئيس الرواندي إلى القاهرة «تأتي استمرارا للتواصل، والتنسيق المستمر حول مختلف القضايا الثنائية والإقليمية»، مشيراً إلى أن «مباحثاته مع الرئيس كاغامي تناولت التقدم المحرز في مختلف أوجه العلاقات الثنائية خلال الفترة الماضية، وما شهدته من خطوات جادة لتطوير العلاقات على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية».
في سياق ذلك، أوضح الرئيس المصري أن المباحثات تناولت أيضاً «قضايا الأمن والتنمية في القارة الأفريقية، بما في ذلك قضية تفشي الإرهاب، التي تشكل تحدياً حقيقياً للتنمية في أفريقيا»، منوهاً إلى «قيام مصر بإنشاء مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب»، ومشيدًا بالجهود الرواندية في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا.
من جهته، قال الرئيس الرواندي إن «جائحة فيروس كورونا ذكرت الجميع بأهمية الترابط بين جميع الدول أكثر من ذي قبل»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد بلد بمفرده يستطيع مواجهة الأزمات العالمية». كما أوضح أنه بحث مع الرئيس السيسي «سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية، والتطلع لمواصلة تعميق الشراكة»، منوهاً بأن «اتفاقيات التعاون التي وقعت أمس تستند إلى العلاقات طويلة الأمد والتعاون في العديد من المجالات بين مصر ورواندا».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».