رحلة تشكيلية نسائية تعيد اكتشاف جماليات الأقصر

معرض يضم 35 عملاً لفنانات من 12 دولة عربية وأجنبية

معرض «استيعادي» لفنانات من دول عربية وأجنبية
معرض «استيعادي» لفنانات من دول عربية وأجنبية
TT

رحلة تشكيلية نسائية تعيد اكتشاف جماليات الأقصر

معرض «استيعادي» لفنانات من دول عربية وأجنبية
معرض «استيعادي» لفنانات من دول عربية وأجنبية

بمشاركة فنانات من مصر ودول عربية وأجنبية، يعيد معرض الفن التشكيلي «استيعادي» اكتشاف جماليات الحضارة المصرية في مدينة الأقصر «جنوب مصر» برؤية نسائية تبرز فيها تكوينات فنية مغايرة صاغت أفكارها نظرة المرأة الفنانة للجمال وعناصره المتنوعة، ليبدو تباين الخطوط واضحاً بحسب الخلفيات الثقافية لكل فنانة وجنسيتها ومعرفتها بالحضارة المصرية، غير أن مفهوم الانبهار بالجمال والغوص في أعماقه يظهر جلياً في كل أعمال المعرض، ليصل إلى ذروته بالتركيز على تفاصيل الحياة اليومية لأهالي المدينة ونسائها وتراثها.
المعرض المقام بمركز إبداع قبة الغوري بحي الأزهر التاريخي «وسط القاهرة» يضم 35 عملاً لفنانات شاركن في الدورة الـ10. والـ11. والـ12 والـ13 من ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، ينتمين إلى 12 دولة، هي مصر، وإيطاليا، وصربيا، وروسيا، ولبنان، ورومانيا، ونيبال، وليتوانيا، وتونس، والبحرين، وأوكرانيا، وجورجيا.

عمل للفنانة راندا فكري

ويعد ملتقى الأقصر الدولي للتصوير، واحداً من أهم الأحداث الدولية المهمة التي ينظمها صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية سنوياً منذ عام 2008 بهدف دعم وإثراء الحركة الفنية، ويشهد مشاركة متميزة ومتزايدة من كبار الفنانين من مختلف دول العالم، حيث يتم كل عام استضافة 25 فنانا، بينهم 10 أجانب، و5 من دول عربية، و10 فنانين مصريين، يقضون في مدينة الأقصر 15 يوماً لإعادة اكتشاف جماليات الحضارة المصرية القديمة بالمدينة التاريخية برؤية حديثة.
عندما يتجول الزائر في المعرض الذي يستمر حتى 7 مايو (أيار) المقبل، يشعر في معظم الأعمال بذلك التمازج بين الحضارة القديمة والواقع المعاصر، فهناك ثمة مفردات وتكوينات فنية تأخذك إلى الماضي في رحلة مفعمة بعبق المدينة التاريخي، وتارة تعيدك إلى الواقع، لتجد نفسك تجمع تلقائياً كل الأزمنة التي تعاقبت على الأقصر في لحظة زمنية واحدة.
وتبرز فكرة التمازج الحضاري والثقافي بين القديم والحديث، والتداخل الزمني بما يحمله من رمزية، في لوحة للفنانة الدكتورة راندا فكري الأستاذ المساعد بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، فبينما يمثل الحاضر طفل أسمر، يعلن الماضي عن نفسه من خلال صندوق مدون عليه تعاليم الإله «جحوتي»، وهو إله القمر والحكمة والطب والعلوم عند الفراعنة.

إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

الدكتورة راندا فكري تقول لـ«الشرق الأوسط» إن: «تداخل الأزمنة في اللوحة جعلني أشعر فعلاً أن الطفل يحاول أن يخبرنا بأمنيته أن تستمر تعاليم الإله جحوتي، وقيم الحق والعدل والصدق، وتنتقل من الأجداد إلى الأجيال الجديدة».
وفي عملها الذي يحمل عنوان «البر الغربي» تغوص الفنانة الدكتورة أسماء الدسوقي، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة بالزمالك، في أسرار الاعتقاد بالبعث عند الفراعنة، ورحلة العبور إلى العالم الآخر برؤية حديثة تتخللها لمسة نسائية تعلي من شأن المشاعر والقيم الإنسانية السامية، تقول أسماء الدسوقي لـ«الشرق الأوسط» إن: «مدينة الأقصر متحف مفتوح على الماضي والحاضر، كأنه في حد ذاته بوابة للعبور بين عالمين، وهو ما جعلني أفكر كثيراً في فكرة الخلود، فتركت مشاعري تنساب مع المفردات الفنية للبر الغربي بالمدينة».

لوحة البر الغربي للفنانة الدكتورة أسماء الدسوقي

 



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».