مرض «المياه الزرقاء».. ثاني مسببات العمى في العالم

يحدث نتيجة عوامل وراثية أو أمراض في العيون ويتطلب الرصد المبكر

مرض «المياه الزرقاء».. ثاني مسببات العمى في العالم
TT

مرض «المياه الزرقاء».. ثاني مسببات العمى في العالم

مرض «المياه الزرقاء».. ثاني مسببات العمى في العالم

يعتبر مرض المياه الزرقاء أو «الغلوكوما» (Glaucoma) من أهم أمراض العيون التي تتسبب بفقدان البصر. وقد بدأ الاحتفال لأول مرة باليوم العالمي لمكافحة مرض الغلوكوما في عام 2008، وقد تم تخصيص هذا اليوم نظرا لأن المرض هو المسبب الثاني للعمى في العالم بعد مرض «المياه البيضاء» (Cataract). ووفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، يعانى نحو 2 في المائة من البالغين (فوق سن 40 سنة) من مرض الغلوكوما على مستوى العالم. ويشار إلى أن انتشار المرض يأخذ في الازدياد مع تقدم السن ليبلغ 10 في المائة من الناس فوق سن 65 سنة. ويقدر العلماء إصابة أكثر من 80 مليون شخص حول العالم بالمياه الزرقاء، 11 مليونا منهم سيصابون بالعمى، بحلول عام 2020.

«سارق الأبصار»

يقول استشاري طب وجراحة العيون الدكتور طلال النهدي في حديثه إلى «صحتك» إن هذا المرض يعرف عند عامة الناس بالماء الأزرق، وجاءت هذه التسمية من مفهوم كلمة الغلوكوما عند الإغريق والتي تعني شلالات زرقاء، لأن المريض أحيانا يشاهد هالات زرقاء حول مصدر الضوء فيعطي الانطباع أن بداخل العينين مياها زرقاء. كما أن لون العين المصابة بارتفاع شديد للضغط عند الولادة، أي بماء أزرق خلقي أو وراثي، يكون لونا أزرق غامقا.
وأضاف أن مرض الغلوكوما يعرف أيضا بـ«سارق الأبصار» حيث يضرب بصمت ويسبب العمى الدائم بصورة تدريجية، وهو يحدث نتيجة ارتفاع الضغط في العين مسببا تلفا في أنسجة العصب البصري، يتبعه فقد تدريجي لأجزاء من المجال البصري للرؤية، وإذا لم يعالج المرض فإنه يحدث تلفا كليا في العصب البصري وبذلك تفقد العين قدرتها على الإبصار. ومن الأهمية توعية الناس حول أهمية الكشف المبكر لهذا المرض.
يصيب مرض الماء الأزرق الكبار والصغار على السواء، لكن هناك أناسا معرضون أكثر من غيرهم للإصابة به مثل أفراد الأسر التي بها تاريخ وراثي للمرض، حيث يمكن توارث هذا المرض، فمثلا إذا كانت الأم مصابة بهذا المرض فإن احتمالات إصابة المولود به ترتفع نحو ست أو سبع مرات عن الأشخاص الذين ليس لديهم تاريخ وراثي للمرض، والأفراد الذين يعانون من بعض أمراض العيون مثل بعد النظر أو القرنية الصغيرة، حيث تكون زاوية العين الأمامية التي يتم من خلالها تصريف السائل ضيقة نوعا ما ومعرضة للانسداد، كما أن أي اضطرابات أخرى قد تحدث للعين كالتهابات القزحية قد تؤدي بدورها إلى ارتفاع الضغط بها، خصوصا أولئك الذين يتجاوزون الأربعين من عمرهم حيث ترتفع مخاطر الإصابة بهذا المرض عندهم بنسبة خمس مرات عن غيرهم.
ويضيف دكتور طلال النهدي أن خطورة مرض الماء الأزرق تكمن في أنه يسبب فقدانا دائما للبصر إن لم يتم اكتشافه ومعالجته مبكرا، فعندما يزيد الضغط في العين عن المعدل الطبيعي، والذي يكون عادة أقل من 21 مم زئبقي، تتأثر جميع أنسجة العين الداخلية بهذا الارتفاع في الضغط، وكذلك عروق العصب البصري الدموية وبعض طبقات الشبكية، كما يحصل تدريجيا تلف في أنسجة العصب البصري، وهذا التلف غير قابل للعلاج حتى ولو أمكن التحكم في معدل الضغط بعد ذلك، وهنا تأتي أهمية التشخيص المبكر والاهتمام باستعمال العلاج باستمرار حتى لا يرتفع الضغط عن معدله الطبيعي ويبقى العصب البصري في حالة جيدة.

أنواع الماء الأزرق

> الماء الأزرق المزمن. وهو يعتبر أكثر أنواع هذا المرض شيوعا، وينتج عن ضيق في قنوات العين الداخلية بشكل تدريجي، وتبدأ الإصابة بهذا المرض بعد سن الأربعين، فيشعر المريض بضيق في المجال البصري للرؤية أو قد يلاحظ عدم وضوح الرؤية في جزء من المجال البصري، وإذا استمر المرض من دون علاج فإن قدرة الإبصار تنحصر في منطقة دائرية صغيرة، ولا يصاحب هذا النوع من الماء الأزرق ألم بالعين لذلك فإن التشخيص المبكر يتم في كثير من الحالات بالفحص الدوري للعينين.
> الماء الأزرق الحاد. وهو أقل شيوعا من الماء الأزرق المزمن وعادة يصيب الأشخاص الذين تكون لديهم زاوية العين الأمامية ضيقة ويكثر هذا النوع لدى المصابين ببعد النظر. ويتميز هذا المرض بارتفاع مفاجئ وحاد لضغط العين، مما يؤدي إلى حدوث آلام شديدة بالعين غالبا ما تكون مصحوبة بصداع شديد وغثيان وإذا لم يعالج هذا المرض بشكل عاجل فإنه قد يؤدي إلى فقدان البصر في مدة قصيرة، وهنا يجب أن نشير إلى ضرورة الاهتمام بالعين الأخرى إذا أصيبت إحدى العينين؛ إذ إن احتمالات إصابة العين الأخرى قد تكون كبيرة، فيما بعد، ما لم تخضع العين لإجراء وقائي.
> الماء الأزرق الخلقي قد يولد الطفل مصابا بهذا المرض أو يصاب به في السنوات أو الشهور الأولى من عمره ويمكن توارثه عن أحد الأبوين أو كليهما كما قد يحدث نتيجة إصابة الطفل بعدوى فيروسية نتيجة إصابة الأم بهذا الفيروس في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
ونتيجة لكثرة التزاوج بين الأقارب فإن مرض الماء الأزرق الخلقي يكثر في البلاد العربية نتيجة العادات والتقاليد المتوارثة في زواج الأقارب التقليدي. وعند إصابة الطفل بمرض الماء الأزرق الخلقي يلاحظ الأبوان كبر حجم سواد العين نتيجة لكبر حجم القرنية وهي الطبقة الشفافة التي تغطي سواد العين كما قد تفقد القرنية شفافيتها ولمعانها فيتغير السواد إلى اللون الأزرق الغامق أو الأبيض ومن المهم جدا علاج الماء الأزرق الخلقي في أسرع وقت ممكن حتى يستطيع الطفل التركيز بعينيه ويمكن بذلك تجنب الإصابة بكسل العين.

الأسباب

أوضح دكتور طلال النهدي أن سبب الإصابة بمرض ارتفاع ضغط العين يرجع إلى عدم التوازن بين كمية السائل الذي تفرزه العين وقدرة قنوات العين على تصريف هذا السائل، فينتج عن ذلك تجمع السائل داخل العين والضغط على أنسجة العين الداخلية بما فيها العصب البصري.
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى قلة تصريف العين للسوائل، وبالتالي من الممكن أن تؤدي إلى ارتفاع ضغط العين، منها:
- انسداد أو ضيق الفتحات الخاصة بالتصريف.
- وجود التهابات داخل العين تؤدي إلى ضيق القنوات.
- بعض إصابات العين قد تؤدي إلى تلف في أنسجة تلك القنوات.
- التهابات القزحية المتكررة.
- نضوج الساد أو إعتام عدسة العين (الماء الأبيض).
- المراحل المتقدمة لمرض اعتلال الشبكية السكري.
- الاستعمال الطويل لمركبات الكورتيزون.
- انسداد الأوعية الدموية بالشبكية.
- أورام العين الداخلية.

الوقاية والتشخيص

- للوقاية من مرض الماء الأزرق، لا بد أولا من الفحص الدوري المنتظم.
- الاستشارة الطبية في حالة ظهور أحد الأعراض التالية: فقدان الرؤية المحيطية، عدم وضوح الرؤية، رؤية هالات ملونة حول الأضواء، احمرار مصحوب بآلام في العين (في حالات الماء الأزرق الحاد)، كبر حجم القرنية أو تغير لونها عند الأطفال (حالات الماء الأزرق الخلقي).
- يجب فحص ضغط العين لجميع أفراد الأسرة التي بها تاريخ وراثي مرة واحدة في السنة على الأقل، وعمل فتحات في طرف القزحية بالليزر للأشخاص الذين يعانون من ضيق في زاوية العين، وذلك للوقاية من حدوث ارتفاع الضغط الحاد.
ويتم تشخيص مرض الماء الأزرق بقياس ضغط العين بواسطة جهاز خاص، ويستغرق هذا الفحص أقل من دقيقة، كما يتم فحص العصب البصري حتى يمكن تقييم التلف الذي سببه ارتفاع ضغط العين على أنسجة العصب بالإضافة إلى فحص المجال البصري Visual Fields.
أما عند العلاج فيجب أن تتذكر دائما أن الهدف الأساسي من علاج ارتفاع ضغط العين هو المحافظة على المستوى الطبيعي لضغط العين، وبالتالي المحافظة على النظر وليس تحسين مستوى النظر. لذلك ينبغي عدم إهمال العلاج حتى لو لم يؤد إلى تحسن في حدة البصر. كما أن العلاج بالأدوية ليس علاجا مؤقتا بل يجب الاستمرار في استعمالها بصفة دائمة حيث يؤدي الانقطاع عنها إلى ارتفاع الضغط مرة أخرى. ولا بد من استخدام القطرات بشكل منتظم بحيث يكون بين استعمال كل نوع وآخر عشر دقائق على الأقل. ولا بد من مراجعة طبيب العيون عند ملاحظة أي تغير في القدرة على الرؤية أو ظهور أي آثار جانبية من جراء تعاطي العلاج وتجنب ترك أي علاج من دون استشارة الطبيب.



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».