مخاوف من أن الحرب الأوكرانية ستفاقم المأزق السياسي في ليبيا

رئيسا حكومة «الوحدة» و«الاستقرار» الجديدة، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا (أ.ف.ب)
رئيسا حكومة «الوحدة» و«الاستقرار» الجديدة، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من أن الحرب الأوكرانية ستفاقم المأزق السياسي في ليبيا

رئيسا حكومة «الوحدة» و«الاستقرار» الجديدة، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا (أ.ف.ب)
رئيسا حكومة «الوحدة» و«الاستقرار» الجديدة، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا (أ.ف.ب)

مع تركّز أنظار العالم على الحرب في أوكرانيا، يخشى أطراف دوليون أن يؤدي المأزق السياسي الحالي في ليبيا، الناتج عن محاولة الحكومة الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، تسلّم السلطة، وسط رفض الحكومة السابقة التنحّي، إلى التصعيد واندلاع معارك جديدة في البلاد.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعات ليبيا، خالد المنتصر، أن «باشاغا راهن على سياسة الأمر الواقع، وظنّ أنه بمجرد نيل حكومته ثقة البرلمان سيكون المخوّل تشريعياً تغيير الحكومة، فيزيح حكومة طرابلس المدعومة دولياً بسهولة، لكن تبيّن سريعاً عدم صواب هذا الاتجاه». معتبراً أن فرصة «الحوار السياسي» تظلّ ورقة ممكنة عبر تقديم بعض «التنازلات».
واحتشدت مجموعات مسلحة موالية لباشاغا في ضواحي غرب وشرق طرابلس مطلع الشهر الحالي، ما أثار مخاوف من وقوع اشتباكات مع قوات موالية لعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة». لكن بعد أقل من 24 ساعة، أعلن باشاغا سحب المجموعات المسلحة المحتشدة، بعد دعوات إلى التهدئة من الأمم المتحدة وواشنطن تحديداً، مؤكداً استعداده للحوار، وطمأن سكان طرابلس بأنه «لن تكون هناك حرب».
يقول المحلل السياسي فرج الدالي لوكالة الصحافة الفرنسية إن الخلاف بين الحكومتين «أظهر نوعاً من التضامن الدولي تجاه الأزمة الليبية. فواشنطن والبعثة الأممية تقودان بوتيرة عالية مفاوضات بين الدبيبة وباشاغا، ما يدلّ بشكل قاطع على عدم رغبة المجتمع الدولي والولايات المتحدة في رؤية مشهد الحرب يتكرّر في ليبيا؛ خصوصاً مع التطورات العالمية المرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية».
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة نجحت في منع صدام مسلح بين الحكومتين، ونجحت في وقف محاولة تقدم قوات باشاغا صوب طرابلس خلال الأيام الماضية. وقال سفير واشنطن في ليبيا، ريتشارد نورلاند، إنه أجرى محادثات هاتفية مع باشاغا والدبيبة الخميس الماضي، الذي شهد تحركات عسكرية حول طرابلس. وأثنى على استعداد باشاغا «لنزع فتيل التوتر، وسعيه إلى حل الخلافات من خلال التفاوض وليس بالقوة». كما أعرب عن تقديره للدبيبة، ولالتزامه «حماية الأرواح واستعداده لدخول مفاوضات لإيجاد حل»
ويؤكد المحلل السياسي الليبي أن الأمم المتحدة «تدرك جيداً أن الخلاف القائم بين الحكومتين، يمكن حلّه عبر التفاوض، ومنح كل طرف مكاسب، وبالتالي خيار الحوار قد يكون متفوقاً على خيار الحرب».
ويُخشى أن تستخدم نفوذها هذا لتعطيل الإنتاج النفطي في ليبيا، المقدّر اليوم بـ1.2 مليون برميل يومياً، ما من شأنه، إذا حصل، أن يبقي السوق النفطي المضطرب بسبب الحرب في أوكرانيا، تحت الضغط.
وفيما طالبت مجموعات في شرق البلاد، موالية للمشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني» بمغادرة الدبيبة السلطة، وهدّدت الأسبوع الماضي بإغلاق موانئ النفط في الشرق، تسعى الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى زيادة إنتاج الغاز والنفط في العالم لتجنّب أزمة، نتيجة توقف الإمدادات الروسية بسبب الحرب والعقوبات.
ويقول الخبير في شؤون ليبيا، وولفرام لاتشر في معهد «إس دبليو بي» الألماني للأبحاث في العلاقات الدولية (SWP)، إن «مثل هذا الحصار سيخدم بالتأكيد مصالح روسيا، لأنه سيرفع أسعار النفط أكثر».
ومن جهتها، تقول الخبيرة القانونية والأستاذة الجامعية، إيمان جلال: «رغم تراجع رئيس الحكومة (باشاغا) عن خياره العسكري لدخول طرابلس، فإن ذلك لا يعني عدم إعادة الكرة مستقبلاً. وفي حال استمرت حالة الجمود السياسي (...)، فقطعاً لن يرضى باستمرار إبعاد الدبيبة له عن مركز القرار السياسي في العاصمة».
بدوره، يرى خالد المنتصر أن الحكومة الجديدة تمتلك خيارين؛ القوة العسكرية لإزاحة حكومة الدبيبة، أو التفاوض والحوار السلمي. ويقول إن «الخيار العسكري ممكن نظرياً مع دعم من بعض المجموعات المسلحة القوية في غرب ليبيا، لكن واقعياً سيوقّع استخدامه القوة على مراسم جنازة حكومته، بدخولها في صراع مسلح ربما يستمر أشهراً بل أعواماً».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.