«وسام الأرز» للمنتج صادق الصباح

بحضور لفيف من أهل السياسة والفن والإعلام

الرئيس نجيب ميقاتي مقلداً الصباح «وسام الأرز»
الرئيس نجيب ميقاتي مقلداً الصباح «وسام الأرز»
TT

«وسام الأرز» للمنتج صادق الصباح

الرئيس نجيب ميقاتي مقلداً الصباح «وسام الأرز»
الرئيس نجيب ميقاتي مقلداً الصباح «وسام الأرز»

«جميل أن يكرم المرء في وطنه... بين أهله وأحبابه وأحفاده»؛ هكذا علق المنتج صادق الصباح لـ«الشرق الأوسط» في دردشة قصيرة قبل بدء مراسم حفل تقليده «وسام الأرز برتبة ضابط» في «السراي الكبير». وأضاف: «أتمنى أن يشرع هذا التكريم أبواباً واسعة، ويلحظ في المستقبل لفتات مشابهة لأهل الفن».
وبحضور لفيف من أهل السياسة والفن والإعلام؛ كُرم المنتج اللبناني صادق الصباح في مبنى «السراي الكبير»، في بيروت.
ويأتي هذا التكريم بقرار أصدره رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، ومثله رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي دعا إلى إقامة الحفل في «السراي الكبير».
وصل صادق الصباح مبكراً إلى مبنى «السراي»، قبل موعد انطلاق الحفل في السادسة مساء. كان هادئاً ومبتسماً، يرتسم على محياه فخر الرجل المتواضع بإنجازاته الكبيرة. وقف يستقبل المدعوين مرحباً بهم، ويشكر من تواصل معه بباقة ورد، ويغمر أحفاده تارة أخرى، معبراً عن فرحته بهذا المشهد.

جانب من الحفل في «السراي الكبير»

قدم الحفل الشاعر والإعلامي زاهي وهبي، الذي عدّ أن تكريم لبناني ناجح يفرح القلب، سيما أن هذه المبادرة تأتي وهو في عز عطاءاته.
بعد عرض لفيلم قصير يبرز أهم إنتاجات الصباح في عالمي السينما والدراما، انطلق حفل التكريم من خلال إلقاء كلمات بالمناسبة.
من بين المدعوين إضافة إلى وزير الصناعة جورج بوشكيان ورئيس الوزراء الأسبق تمام سلام وغيرهما، حشد من الفنانين اللبنانيين والعرب، من بينهم إلهام شاهين، ورفيق علي أحمد، وجورج خباز، وكلوديا مرشيليان، ورولا بقسماتي، وعادل كرم... وغيرهم.
ألقى رئيس الوزراء ميقاتي كلمة جاء فيها: «لكل امرئ من اسمه نصيب، حقاً إنه اسم على مسمى؛ صادق بعمله، صادق بالإنتاج الذي قام به، صادق مع وطنه. تعاطينا سوياً في بعض الأمور، وشعرت كم أنت صادق للوطن، بتكريس بيروت كعاصمة لإنتاج المسلسلات الدرامية، وإصرارك هذا هو محط إعجاب منا جميعاً». وختم: «من اسمك؛ مع نور كل صباح ننظر إلى هيبتك بمزيد من الإنتاج، وكما كنت قبل (عشرين عشرين) ستبقى بعد (عشرين عشرين)، وباسم فخامة رئيس الجمهورية، شرفني أن أقلدك (وسام الأرز الوطني برتبة ضابط)».
وبعيد انتهاء مراسم التكريم، قال ميقاتي رداً على سؤال طرحته عليه «الشرق الأوسط» عمّا إذا كان متابعاً للدراما اللبنانية: «بالطبع أتابعها وأعرف غالبية أسماء النجوم». وتوجه إلى زوجته يسألها عن اسم المسلسل الذي سيتابعانه قريباً، فأجابته: «رقصة مطر»، وهو من إنتاج «شركة الصباح».
وفي كلمته، قال وزير الصناعة بوشكيان: «مَنْ منا دولة الرئيس، لا يتذكر مسلسل (الهَيْبة)، وتسمّر الملايين أمام الشاشات منتظرين التطورات من حلقة إلى أخرى؟». وتابع: «كيف لا يُكرمُ لبنان الدولة والشعب، صادق الصباح اللبناني الأصيل، الذي رغمَ الظروفِ والأوضاعِ الصعبة، أبقى على استوديوهاتِه عاملة في لبنان، متيحاً الفرص الكثيرة أمام الممثلين والممثلات، مُوَسعاً الآفاقَ والمواهبَ أمامَهم من خلال إشراكِ غيرِ لبنانيينَ معهم، في رؤية عربية وعالمية بعيدة المدى».
وبعد تقليده الوسام؛ ألقى المكرم كلمة أهدى خلالها التكريم إلى لبنان. ومما جاء فيها: «يعجزُ لساني عن قول كل ما في بالي ووصفِ مشاعري، لكنني أستطيع أن أقول لكم إن فرحتي كبيرة، لا لنيلي وساماً أقدرُه وأفتخر به؛ بل للهدف الذي وضعته أمامي، وورثته وأسرتي عن جدي رحمه الله، وعن أبي أطال اللهُ بعمره، وعن أعمامي رحمهم الله، منذ أبصرتُ هذه الدنيا. فأنا ابن مدينة الثقافة والنور والعلم والعلماء وحسن كامل الصباح؛ النبطية الجنوبية العربية، من أسرة ذات جذور عربية أصيلة، تفخر بانتمائها، وبشبكة علاقات تجاوزت العلاقات التجارية إلى العلاقات الأخوية والأسرية المتينة». وتابع: «حتى في أشد الأزمات صعوبة، كان الهدف أن أكونَ فخوراً بوطني، وأن أجعلَهُ يفخر بي، وها أنا أراهُ يتحقق، على أمل أن أرى لبنان عائداً منتعشاً إلى الحضن العربي كما كان، وكما يجب أن يكون دائماً، وما الاستثناء بدائم مهما تغيرت الظروف القاهرة».
وقالت لمى الصباح؛ ابنة صادق الصباح والتي تشاركه مشواره الإنتاجي، معلقة على هذا التكريم: «أعتبر هذا التكريم بمثابة مكافأة للمشوار المهني الطويل لوالدي. وأنا سعيدة كون وطنه الأم فكر في هذه اللفتة تجاهه». وتابعت لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التكريم يلمسني من قرب؛ لأنني شخصياً أرافقه في عمله وأواكب كل خطواته لحظة بلحظة. وأعرف مدى اجتهاده وحبه وشغفه بلبنان الذي رفض أن يغادره في أحلك الظروف».
الفنانة إلهام شاهين من ناحيتها عدّت صادق الصباح صديقاً مقرباً وشخصاً يربطها به كل الاحترام والمحبة. وتابعت لـ«الشرق الأوسط»: «هو منتج مميز لا يشبهه كثيرون في هذا القطاع؛ يملك خبرات كثيرة، ويفهم في الورق المكتوب، كما في الكاستينغ المناسب لفريق العمل. فهو منتج وفنان يملك الحس الفني المرهف، وجميع أعماله ناجحة. وأنا قلتها علناً العام الماضي أن (2020) كان الأفضل في موسم رمضان وبلا منافس».
وأشارت في سياق حديثها إلى أنها موجودة اليوم في بيروت لتصوير المسلسل الرمضاني «بطلوع الروح» مع «شركة الصباح». وعلقت: «إنه عمل رائع موضوعه هادف، يتناول محاربة الإرهاب، تحت إدارة المخرجة كاملة أبو ذكري. ووضعت (شركة الصباح) تحت تصرفنا كل إمكاناتها لإنجاح هذا العمل الذي أعتبره دراما غير مسبوقة».
من ناحيتها؛ أشارت الممثلة رولا بقسماتي بطلة مسلسل «رقصة مطر» إلى أن هذا التكريم يطال كل من يعمل في الفن من ممثلين ومخرجين. وتابعت لـ«الشرق الأوسط»: «أريد أن أقول مبروك للأستاذ صادق الصباح؛ لأنه صانع ومحقق أحلام ونجاحات كثيرين، والمستقبل معه سيكون براقاً».
جميع الفنانين الذين حضروا الحفل اتفقوا على أن هذه اللفتة تعني لهم الكثير، سيما أن «الفن بمثابة طاقة الأمل والمتنفس القليلين المتوفرين لنا في أيامنا هذه».
ومن هذا المنطلق، قالت الكاتبة كلوديا مرشيليان لـ«الشرق الأوسط»: «صادق الصباح هو من المتنفسات القليلة الباقية لنا في بلدنا. فمعه نشعر بأننا ما زلنا أشخاصاً منتجين. بغض النظر عن الناحية التجارية التي تحملها الدراما؛ فإنه استطاع أن يوصل إلى الخارج صورة حلوة عنها، كأنه كذب كل الذي يحصل لنا على الأرض». وختمت تقول: «حلو الفن عندما يكذب الواقع ويجمله، وصادق الصباح يشارك في هذه العملية على أمل أن يحلي واقعنا أكثر فأكثر».
أما الممثل رفيق علي أحمد، فعدّ أن «المنتج في مفهومنا يعني من يهتم بدفع المال لصناعة عمل معين. ولكن الفرق مع صادق الصباح أنه شغوف بعمله إلى أبعد حد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لديه رؤية فنية وفكر لا ينحصران فقط في الناحية التجارية. فهو يملك أهدافاً معينة من عمله تصب في نمو هذه الصناعة. وإننا ندعو أن يصبح عندنا أكثر من صادق الصباح واحد؛ لأنه قدوة تحتذى».
الممثل جوزف بو نصار بدا متحمساً لتكريم صادق الصباح، وعلق لـ«الشرق الأوسط»: «صادق الصباح يعرف كيف يعمل في هذا المجال من منطلق اتباعه لعبة إنتاجية ذكية يتصف بها عنوة عن غيره. فهو يقدم أعمالاً درامية شعبية تستقطب جميع الشرائح كـ(صالون زهرة). وفي المقابل، يقدم أخرى للنخبة كـ(بارانويا) و(باب الجحيم)... وهو أمر لا يجيده كثيرون في هذا المجال».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».