كشف فريق بحثي بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وجود خلايا خاصة في المحار العملاق تعمل على تغيير الطول الموجي للضوء بهدف توفير الحماية له من الأشعة فوق البنفسجية، وكذلك تعزيز نشاط التمثيل الضوئي لدى الكائنات التي تتكافل معها.
ويلعب المحارُ العملاق، شأنه شأن المرجان، دوراً مهماً في النظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية، ويعيش في تكافلٍ مع الطحالب من عائلة «Symbiodiniaceae» المُزودة بآلية التمثيل الضوئية.
كما يمتلك المحارُ خلايا خاصة تُسَمى الخلايا القزحية، يمكنها أن تتلاعب بالضوء بواسطة طبقات من عاكسات ضوء نانوية توجد في كل خلية. وتعمل هذه الخلايا القزحية على تشتيت الضوء وعكسه لترفع من كفاءة عملية التمثيل الضوئي لدى طحالب «Symbiodiniaceae».
وأخيراً، اكتشف فريقٌ من علماء البحار ومهندسي الكهرباء طريقة أخرى تُساعد بها الخلايا القزحية الطحالب التكافلية في عملية التمثيل الضوئي. فقد درس الباحثون تركيب الخلايا القزحية وخصائصها الضوئية لدى محار البطلينوس الأزرق العملاق «Tridanca maxima»، ووجدوا أنه يمتص الأشعة فوق البنفسجية ويعيد إطلاقها بأطوال موجية أكبر تفيد في عملية التمثيل الضوئي الذي يعد مهماً لجميع الكائنات الحية لأنه يوفر الأكسجين الذي تحتاجه معظم الكائنات الحية من أجل البقاء على هذا الكوكب.
يوضح رام تشاندرا سوبيدي، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة، أن الخلايا القزحية تحتوي على طبقاتٍ متناوبة من بلورات عاكسة من الـ«غوانين» (guanine) (جزيء موجود أيضاً في الحمض النووي والحمض النووي الريبي ومنتشر في الطبيعة للتلاعب في الضوء) ذي معامل انكسار مرتفع وسيتوبلازم ذي معامل انكسار أقل.
ويؤدي انضغاط هذه الطبقات وإرخاؤها إلى تمكين الخلية من ضبط تأثيرها في الضوء. ويضيف سوبيدي: «نتيجة لذلك لا تعكس بلورات الغوانين الأشعة فوق البنفسجية الضارة فحسب، بل تمتصها أيضاً وتُصدر ضوءاً بأطوال موجية أكبر تكون آمنة ومفيدة في عملية التمثيل الضوئي».
ويؤدي هذا إلى زيادة كمية الإشعاع المتوافر لتنشيط التمثيل الضوئي لدى الطحالب التكافلية، كما يُساعد على حماية المحار والطحالب كليهما من الأشعة فوق البنفسجية. وبفضل تأثير الحماية الضوئية، يستطيع المحار أن يعيش في مياه المناطق المدارية شديدة الضحالة، حيث توجد كمياتٌ كافية من الضوء لتنشيط عملية التمثيل الضوئي، غير أن نسب الأشعة فوق البنفسجية قد تكون ضارة أيضاً.
وفسرت الدراسة أسباب ألوان غطاء المحار العملاق وتباينها، إذ يُعتقد أن مصدر الألوان الساطعة التي يمتاز بها المحار العملاق هو الاختلافات في توزيع الطحالب التكافلية أو وفرتها بالنسبة للخلايا القزحية لدى كل محارة، وليس التباينات الضوئية في الأنسجة.
وتقول الدكتورة سوزان روسباخ، المشرفة على الدراسة، «هذه مجرد فرضية، إلا أنها تُمثل التفسير الأكثر منطقية الذي استطعنا التوصل إليه عن سبب التباينات اللونية لدى المحار». وأشارت إلى أن السؤال بخصوص ما إذا كانت هذه التباينات اللونية لها تأثيراتٌ وظيفيةٌ أم لا يظل مطروحاً.
وأوضحت روسباخ أن الفضول كان الدافع وراء هذا المشروع، إذ كان القائمون عليه يسعون إلى معرفة ما إذا كانت الخلايا القزحية لديها سماتٌ ضوئيةٌ قد تفيد في تقنيات الضوئيات أم لا.
وتضيف: «هذا الجهد البحثي لم يكن يهدف في الأساس إلى الإجابة عن سؤال بيولوجي، ولكنه أجاب في نهاية المطاف عن كثير من الأسئلة المتعلقة بتلك العلاقة التكافلية، كما طرح أسئلة جديدة بشأن الضوئيات البيولوجية».
تجدر الإشارة إلى أن الدراسة كانت تتعلق في الأساس ببحث استقصائي في علم الضوئيات، وقد أسفرت كذلك عن استخدامات في مجال الإلكترونيات الضوئية تعتمد على الخلايا القزحية، لكنها لم تُنشَر بعد.
المحار العملاق والطحالب... كيف تحمي نفسها من الأشعة فوق البنفسجية؟
المحار العملاق والطحالب... كيف تحمي نفسها من الأشعة فوق البنفسجية؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة