النيابة المصرية تنفي التحقيق في بلاغ ضد وزير الداخلية السابق

استئناف محاكمة مرسي في التخابر اليوم

النيابة المصرية تنفي التحقيق في بلاغ ضد وزير الداخلية السابق
TT

النيابة المصرية تنفي التحقيق في بلاغ ضد وزير الداخلية السابق

النيابة المصرية تنفي التحقيق في بلاغ ضد وزير الداخلية السابق

سارعت النيابة العامة في مصر، أمس، بنفي ما تردد عن بدء التحقيق في بلاغ يتهم وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم بالمسؤولية الجنائية عن مقتل صحافية أواخر مارس (آذار) قبل الماضي. وبينما قالت مصادر قضائية، إن النيابة تفحص البلاغ، نقلت وكالة الأنباء المصرية الرسمية عن مصدر بالنيابة قوله، إن «الخبر عار تماما عن الصحة، ولا ظل له من الحقيقة أو الواقع»، يأتي هذا في وقت أجلت فيه محكمة نظر قضية التخابر المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد مرسي و10 آخرون إلى جلسة اليوم (الأربعاء).
وأحالت النيابة الشهر الماضي 48 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين إلى المحاكمة لاتهامهم بقتل الصحافية ميادة أشرف، خلال مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين إخوان بعد يومين من إعلان المشير عبد الفتاح السيسي حينها، عزمه الترشح في الانتخابات الرئاسية.
وتقدمت أسرة ميادة أشرف ببلاغ إلى النائب العام الأربعاء الماضي يتهم وزير الداخلية السابق بالمسؤولية الجنائية عن مقتلها، بعد أن أفادت شاهدة عيان بأن الطلقة التي أودت بحياتها جاءت من الجهة التي تمركزت بها قوات الأمن. وتضامن 150 صحافيين مع البلاغ بينهم 4 من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين.
وأبدى الصحافي حسام السويفي منسق لجنة الحسني أبو ضيف دهشته مسارعة النيابة بالنفي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إنه حصل يوم السبت على رقم البلاغ، وإن النائب العام أحاله بالفعل لمحكمة استئناف القاهرة لبدء التحقيق». والحسني أبو ضيف هو صحافي مصري قتل خلال اشتباكات بين متظاهرين معارضين وأنصار جماعة الإخوان أمام قصر الاتحادية الرئاسي خلال حكم مرسي، بعد أن أصدر الأخير إعلانا دستوريا يمنحه سلطات مطلقة.
وأضاف: «ربما لم يبدأ التحقيق بعد، لكن لا بد من فحص البلاغ ونحن سنعمل على أن تأخذ التحقيقات مسارا جديا بكل السبل، بما فيها التظاهر إذا لزم الأمر.. لسنا إخوانا، بل نحن نتهمهم بقتل الحسني أبو ضيف، لكننا نسعى للقصاص العادل، ونحن نعتقد بحسب شهادات موثقة تجاهلتها النيابة في التحقيقات السابقة بأن الرصاصة التي قتلت ميادة جاءت من جهة قوات الأمن».
واستبعد اللواء إبراهيم في تعديل وزاري محدود جرى أواخر مارس الماضي. وقال مراقبون إن مقتل الناشطة السياسية شيماء الصباغ التي لقيت مصرعها برصاص قوات الأمن خلال فض مسيرة بالورود إلى ميدان التحرير في ذكرى الثورة كانت ضمن أسباب استبعاده. وعين اللواء إبراهيم مستشارا أمنيا لرئيس الوزراء. وأحالت النيابة العامة الضابط المتهم بقتل الناشطة اليسارية الصباغ إلى المحاكمة الجنائية، لكن توصيف الاتهام بـ«ضرب أفضى إلى الموت» أثار غضبا في الأوساط الحزبية.
وقالت مصادر في النيابة العامة، إن سلطات التحقيق تفحص بلاغ أسرة الصحافية، لكن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية نقلت على لسان مصدر في المكتب الفني للنائب العام قوله، إن «هذا الخبر عار تماما عن الصحة، ولا ظل له من الحقيقة أو الواقع».
وأضاف المصدر أن النيابة العامة سبق أن باشرت تحقيقات مطولة في سبيل التوصل إلى هوية مرتكبي جريمة مقتل الصحافية ميادة أشرف وغيرها من الجرائم ذات الارتباط التي وقعت في نفس التوقيت، وانتهت إلى التصرف فيها بموافقة النائب العام على إحالة 48 متهما إلى المحاكمة الجنائية لمسؤوليتهم عن ارتكاب تلك الجرائم.
وأكدت النيابة العامة أن الجميع أمام القانون، سواء بغض النظر عن أشخاصهم أو صفاتهم، وأنها لا تتوانى مطلقا عن أعمال دورها المحدد لها قانونا، وتقديم المتهمين الذين يقوم الدليل على ارتكابهم لجرم إلى المحاكمة الجنائية.
وفي غضون ذلك، أجلت محكمة جنايات القاهرة، أمس محاكمة الرئيس الأسبق مرسي و10 متهمين آخرين من جماعة الإخوان، في القضية المعروفة إعلاميا بـ«التخابر مع قطر» إلى جلسة اليوم (الأربعاء).
وقررت المحكمة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة (شرق القاهرة)، التأجيل لاستكمال فض الأحراز مع استمرار حبس المتهمين. وقال موقع التلفزيون المصري الرسمي، إن قاعة المحكمة تم تجهيزها بشاشات العرض، وشاشة أخرى بقفص الاتهام الزجاجي الخاص بالمتهمين، في إطار استعدادات هيئة المحكمة لعرض الأحراز في القضية.
وكانت النيابة قد أسندت إلى المتهمين ارتكاب جرائم «اختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية، من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.