أبو الغيط يأمل تحريك «مبادرة إعادة الثقة» مع لبنان

نقل للمسؤولين ما لديه من ردود فعل بشأنها وأبدى استعداد الجامعة لمراقبة الانتخابات

عون لدى استقباله أبو الغيط والوفد المرافق (الرئاسة اللبنانية)
عون لدى استقباله أبو الغيط والوفد المرافق (الرئاسة اللبنانية)
TT

أبو الغيط يأمل تحريك «مبادرة إعادة الثقة» مع لبنان

عون لدى استقباله أبو الغيط والوفد المرافق (الرئاسة اللبنانية)
عون لدى استقباله أبو الغيط والوفد المرافق (الرئاسة اللبنانية)

نقل الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى المسؤولين اللبنانيين ما لديه من ردود أفعال حول رد لبنان على المبادرة الكويتية التي حددت مسار إعادة العلاقات مع دول الخليج إلى مسارها الطبيعي، رافضاً التحدث عنها علناً. وعبر عن أمله أن «تتحرك هذه المبادرة لإعادة بناء الثقة مع لبنان».
والتقى أبو الغيط في لبنان أمس (الاثنين) رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي، كما يشارك أبو الغيط، اليوم (الثلاثاء)، في «المنتدى العربي للتنمية المستدامة» الذي يجري إطلاقه بمنظمة الإسكوا التابعة للأمم المتحدة. وأكد عون خلال اللقاء أن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها، طالباً معالجة عاجلة لقضية اللاجئين السوريين في لبنان. وشدد على أن «ملف النازحين السوريين إلى لبنان، لا يزال يلقي بثقله على الوضع اللبناني العام، الأمر الذي يفرض معالجة عاجلة له، لا سيما أن القتال توقف في معظم المناطق السورية».
وقال أبو الغيط بعد لقائه عون، إنه وجد تصميماً على إجراء الانتخابات في موعدها، وإطلاق لبنان نحو المزيد من الاستقرار واستعادة الأوضاع اللبنانية خلال الفترة المقبلة. ولفت إلى أنه استمع إلى «تقويم الرئيس للوضع الدولي وتأثيراته على المنطقة العربية، خصوصاً أن لبنان هو في رئاسة المجلس الوزاري العربي حالياً لمدة 6 أشهر، وأبلغته تأكيد الاجتماع الوزاري التشاوري القادم في بيروت منتصف هذه السنة»، مشيراً إلى أنه وجد لدى عون «الكثير من التصميم على المضي بلبنان في طريق الانتخابات وتحقيق الاستقرار واستعادة الأوضاع الطبيعية». وأعرب عن استعداد الجامعة الدائم لإيفاد فريق لمراقبة الانتخابات إلى لبنان. وقال: «سبق أن قمنا بهذه الخطوة في الجزائر والعراق وفلسطين ومناطق كثيرة، وأعتقد أننا سننفذ هذا الأمر».
وفي رد على سؤال حول جواب لبنان على المبادرة الكويتية، قال أبو الغيط: «أبلغت الرئيس ما لديَّ من ردود أفعال، لا يمكنني التحدث عنها علناً، كما أبلغته نتيجة الاتصالات التي قمنا بها في هذا السياق».
ولفت إلى أنه تم الحديث مع الرئيس عون عن موعد القمة العربية المقبل، وقال إن الجزائر أبلغت الدول العربية كافة أن القمة ستعقد في الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في الجزائر.
وفي رد على سؤال عما إذا كان قد تم البحث في قضية النازحين السوريين قال أبو الغيط: «تطرقنا إلى هذا الموضوع. وفي الواقع، عندما يرى المرء ما تعرض له لبنان على مدى 10 أعوام أو أكثر، والضريبة التي دفعها، والأوضاع التي عانى منها هذا البلد المضياف بفعل وجود مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين من اللاجئين السوريين، ولا يلقى الدعم من العالم، في وقت نشهد فيه الأوضاع في أوكرانيا والهبة الأوروبية والدولية لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين، يفرض هذا الأمر على المرء أن يتساءل عن هذه المعايير المزدوجة، فالأزمة الأوكرانية موجودة ولكن يجب ألا ينسى العالم الأوضاع الضاغطة في لبنان نتيجة وجود اللاجئين العرب على أراضيه، وقد استضافهم لسنوات طويلة من دون أي دعم خارجي. هذه نقطة يجب أن نفوتها، وأن نثيرها طوال الوقت، خصوصاً في ظل الوضع الحالي».
وبعد لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أعرب أبو الغيط عن أمله أن «تتحرك المبادرة العربية لإعادة بناء الثقة مع لبنان»، مؤكداً أن «المبادرة العربية موجودة بصفة عامة، ويمكن القول إننا نأمل أن تتحرك». ووصف أبو الغيط اللقاء مع ميقاتي بـ«المفيد للغاية»، قائلاً: «تناولنا خلاله الوضع اللبناني والانتخابات المقبلة، وتطرقنا إلى الوضع الدولي وتأثيراته على الأوضاع في الشرق الأوسط وشرق المتوسط وعلى لبنان والدول العربية، كما ناقشنا المبادرة الكويتية - الخليجية». وأعلن أنه يستشعر «الأمل بمستقبل أفضل لهذا البلد العريق»، مشيراً إلى أن هناك انتخابات قادمة وهي تسهم في تحقيق الاستقرار ولم الشمل وتشكيل حكومة جديدة وانطلاقة مع صندوق النقد الدولي لأن المفتاح معه، وكل هذا يتوقف على التحرك السياسي اللبناني الداخلي لأن الانتخابات ستكون حاسمة».
وكان وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح قد زار لبنان في يناير (كانون الثاني) الماضي وأعلن أن زيارته إلى لبنان ذات صفة عربية وضمن الجهود الدولية المختلفة كإجراءات لإعادة بناء الثقة مع لبنان، وحمل ثلاث رسائل تتعلق بالتضامن مع الشعب اللبناني ودعوة لبنان لعدم التدخل بشؤون الدول العربية وإيفاء لبنان بالتزاماته الدولية.
وسلم وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب خلال زيارته الكويت في 30 يناير الماضي نظيره الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الورقة اللبنانية الجوابية على المبادرة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.