مصر تودع أنيسة حسونة أيقونة العمل الخيري

رحلت بعد تكريمها في اليوم العالمي للمرأة

صورة الراحلة من حسابها في فيسبوك
صورة الراحلة من حسابها في فيسبوك
TT

مصر تودع أنيسة حسونة أيقونة العمل الخيري

صورة الراحلة من حسابها في فيسبوك
صورة الراحلة من حسابها في فيسبوك

ودّعت مصر الدكتورة أنيسة حسونة، إحدى أشهر محاربات السرطان، وأيقونة العمل الخيري، بعد معركة شرسة وطويلة، انتصر فيها المرض بالنهاية، رغم مقاومتها الشرسة له طوال السنوات الماضية.
وشُيعت جنازة حسونة، عقب صلاة الظهر أمس، وسط حضور زملائها وأقاربها ومحبيها، من مسجد الشرطة بمدينة السادس من أكتوبر (غرب القاهرة)، بعد أن وافتها المنية أول من أمس، إثر تدهور حالتها بفعل السرطان.
ونعت هيئات ومؤسسات رسمية مصرية عدة، حسونة، كما سلطت الكثير من وسائل الإعلام الضوء على مسيرتها العملية، والتي وُصفت بأنها «مُلهمة» في مقاومة السرطان من ناحية، وعمل الخير من ناحية أخرى. كما نعاها عدد كبير من نجوم الفن والإعلام، من بينهم، إسعاد يونس التي نشرت صورة لها عبر حسابها على «إنستغرام»، معلقة عليها قائلة: «رحتي فين يا أستاذة، أنا كنت جايالك السبت أشوفك... مع السلامة يا حبيبتي». وقالت الفنانة نبيلة عبيد، عبر حسابها الرسمي على «إنستغرام»: «وداعاً أنيسة حسونة، حبيبة الأطفال، ومقاتلة المرض، الله يرحمها ويكافئها على أعمالها للخير والإنسانية».
وقال الفنان محمد صبحي، عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «وداعاً الدكتورة أنيسة حسونة... كنت بطلة ومحاربة لمرض السرطان». كما نعاها الفنان المصري هاني سلامة، قائلاً: «أتقدم بخالص العزاء لأسرة الكاتبة أنيسة حسونة الرئيس التنفيذي لمستشفى الناس، وعضو البرلمان السابق، التي وهبت معظم حياتها في العمل الخيري، إنها بالفعل مسيرة حافلة وكفاح مُلهم للأجيال».
ونعتها الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، قائلة في بيان: «فقدت مصر نموذجاً وطنياً عظيماً وملهماً للمرأة المصرية القوية المثابرة، التي كرست حياتها لخدمة وطنها ومجتمعها بكل إخلاص ومهنية حتى آخر لحظات حياتها، كما تعد رائدة من رائدات العمل الوطني، وشرفت جميع المناصب التي تقلدتها».
حسونة التي حصلت على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، بدأت عملها بالسلك السياسي، حين شغلت منصب الملحق الدبلوماسي بوزارة الخارجية المصرية، ثم عملت في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية، وتقلدت منصب مدير عام منتدى مصر الاقتصادي الدولي، قبل أن يتم اختيارها كأول امرأة لشغل منصب الأمين العام للمجلس المصري للشؤون الخارجية.
واشتهرت حسونة التي توفيت عن عمر ناهز 69 عاماً، بصمودها ومقاومتها الطويلة لمرض السرطان، وتم اختيارها من بين «أقوى 100 امرأة عربية» على مستوى العالم، في تصنيف مجلتي «آربيان بيزنس» و«coe»، عام 2014.
وأطلت حسونة على الجمهور منذ أيام قليلة في احتفالية «المرأة المصرية... أيقونة النجاح» ضمن احتفال مصر باليوم العالمي للمرأة، حيث كرمتها السيدة انتصار السيسي، قرينة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وظهرت على كرسي متحرك لأول مرة، ونالت تصفيقات حارة من الحضور.
وفسّرت الرئيس التنفيذي لمستشفى الناس للأطفال، سبب جلوسها على كرسي متحرك في الحفل عبر مداخلة تلفزيونية قائلة: «اكتشفت أنني أصبحت لا أستطيع الحركة بدون الكرسي، وهذه أول مرة في حياتي أستعمله، بسبب تأثيرات بعض الأدوية المعالجة للسرطان». مختتمة حديثها بقولها: «لكن الرضا لمن يرضى».
وكشف زوجها شريف ناجي في تصريحات تلفزيونية أن «إحساسها بالتكريم كان لا يوصف»، إذ اعتبرت التكريم «لفتة جميلة» من الدولة، ومن السيدة انتصار السيسي.
وبينما كان عنوان المحاضرة التي ألقتها رائدة العمل الخيري، و«أيقونة مقاومة السرطان» في مصر، في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بمكتبة الإسكندرية: «لم أرفع الراية البيضاء بعد»، فإنها لم تستطع الصمود أكثر من ذلك، أمام شراسة السرطان الذي هاجم جسدها أكثر من مرة، معلناً انتصاره في النهاية لترفع حسونة الراية البيضاء أخيراً، بعد أن ألهمت الكثير من النساء المصريات لمواجهة المِحن بكل قوة وصبر ورضا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».