منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، غادر ما يصل إلى 200 ألف روسي بلادهم، وفقاً لتقديرات خبير اقتصادي روسي.
بالإضافة إلى ذلك، فقد ترك عدد كبير من سكان بيلاروسيا بلادهم أيضاً، هاربين من القمع والعقوبات الغربية المفروضة على حكومة الزعيم ألكسندر لوكاشينكو لتعاونها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقا لما ذكرته شبكة «بي بي سي» البريطانية.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الرحلات الجوية وإيجار أماكن الإقامة في المدن المضيفة الرئيسية، التي لم تغلق مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية الروسية والتي لا تتطلب الحصول على تأشيرات، مثل إسطنبول ويريفان (عاصمة أرمينيا) وجورجيا، التي سافر إليها نحو 25 ألف روسي.
وخارج مقر البرلمان الجورجي، قام المواطن الروسي يفغيني ليامين بمساعدة عدد من مواطني جورجيا في حمل صناديق الملابس والأطعمة ووضعها داخل شاحنة مساعدات متجهة إلى أوكرانيا.
وكان ليامين، خريج كلية السياسة البالغ من العمر 23 عاماً، يعلق شريطاً يحمل ألوان علم أوكرانيا على ملابسه، وقد أشار إلى أنه قُبض عليه في موسكو خلال مظاهرة مناهضة للحرب، بعد يوم من غزو روسيا لأوكرانيا، بسبب هذا الشريط.
وقال ليامين: «أريد أن أفعل أي شيء في وسعي لمساعدة الأوكرانيين. وقد فهمت أن أفضل ما يمكنني فعله ضد نظام بوتين هو هجرتي من روسيا».
ومن جهتها، قالت مواطنة روسية تدعى أنيا، سافرت مع أسرتها مؤخراً إلى إسطنبول: «هذه الرحلة كلفتني أنا وزوجي أكثر من دخلنا الشهري المشترك».
وأضافت: «لقد اتخذنا قرار ترك روسيا بسبب قانون (خيانة الدولة) الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في موسكو. فوفقه يمكن أن يواجه أي شخص يعبر عن دعمه لأوكرانيا أحكاماً بالسجن تصل إلى 20 عاماً. وأعتقد أنني سأكون مستهدفة في هذه الحالة».
وأشارت أنيا إلى أنها كانت تعيش هي وأسرتها في حالة من الخوف مؤخرا نتيجة لتزايد القمع السياسي الروسي.
وقال مطور ألعاب فيديو روسي هاجر مؤخرا إلى العاصمة الجورجية تبليسي، ويدعى إيغور، إنه ومعظم الأشخاص الذين يعرفهم يختلفون مع السياسة الروسية، وإنهم «يعرفون الآن أن أي احتجاج سيتم قمعه بعنف».
وأضاف إيغور: «الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها الاحتجاج دون تعرضنا للاعتقال هي مغادرة البلاد، وأخذ مهاراتنا وأموالنا معنا. تقريباً اتخذ كل شخص في دائرتنا قراراً مشابهاً».
إلا أن إيغور لفت إلى أنه يخطط لمغادرة العاصمة الجورجية، لأنه «لا يشعر بالترحيب».
وأوضح قائلاً: «العديد من مواطني جورجيا يعتقدون أننا تركنا بلادنا بعد مقاطعة العديد من العلامات التجارية لها، والعقوبات التي فرضت عليها. نحن لم نهرب من أجل رفاهيتنا وراحتنا. لقد فقدنا كل شيء هناك، نحن في الأساس لاجئون داخل بلادنا. لقد دمرت سياسة بوتين حياتنا».
ومن جهتها، قالت مواطنة من بيلاروسيا تدعى كريستينا، هاجرت إلى جورجيا: «نحن لا ندعم حكومتنا، وهذا أمر واضح لأننا هربنا منها. نريد أن نكون آمنين هنا، لكننا نتعرض للتنمر بسبب جنسيتنا».
ومنذ بداية الحرب، شهدت تبليسي بعض أكبر التظاهرات لدعم أوكرانيا. ووجدت دراسة حديثة أن 87 في المائة من الجورجيين يعتبرون الحرب في أوكرانيا حربهم الخاصة مع روسيا.
لكن العديد من الجورجيين غير مرتاحين بشأن «هذا التدفق الدراماتيكي للروس»، حيث يخشى البعض من أن بوتين قد يزعم أن المواطنين الروس في الخارج بحاجة إلى الحماية، وأنه قد يغزو جورجيا بناء على هذه الحجة، التي سبق أن استخدمها لإرسال قوات إلى منطقة أوسيتيا الجنوبية بجورجيا في عام 2008.
ومع ذلك، يعتقد رجل الأعمال الجورجي، ليف كلاشنيكوف، أن بلاده ستستفيد مما وصفه بأنه «أكبر هجرة للأدمغة في تاريخ روسيا الحديث».