«الأقصر السينمائي» يتجاوز «ضعف الإمكانات» ويشتبك مع قضايا أفريقيا

سمير صبري يفوز بجائزة أفضل ممثل في ختام المهرجان

جانب من ختام مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)
جانب من ختام مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)
TT

«الأقصر السينمائي» يتجاوز «ضعف الإمكانات» ويشتبك مع قضايا أفريقيا

جانب من ختام مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)
جانب من ختام مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية (إدارة المهرجان)

أسدل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية الستار على دورته الحادية عشرة، التي تميزت بـ«التعمق في قضايا ومشاكل القارة السمراء». وأقيم حفل ختام المهرجان، مساء أول من أمس، بقصر «ثقافة الأقصر» (جنوب مصر) بحضور الفنان محمود حميدة رئيس شرف المهرجان، والسيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان، وعزة الحسيني مديرة المهرجان.
يشار إلى أن الدورة الحادية عشرة من المهرجان شهدت توسعاً كبيراً وتعمقاً داخل القارة السمراء، فلأول مرة منذ انطلاق المهرجان يتخطى عدد الضيوف الأفارقة المشاركين في المهرجان حاجز 150 فرداً، كما أن الدورة شهدت هذا العام قبول عدد كبير من الأفلام الخاصة بقضايا ومشكلات القارة السمراء، حيث وصل عددها إلى 10 أفلام بدلاً من 7 في مسابقة «الدياسبورا» التي تناقش مشكلات الأفارقة المشتتين في بقاع العالم. كما اهتم المهرجان هذا العام بشكل كبير بدور المرأة الأفريقية، واستحدث لها مشروع «فاكتوري» القائم على دعم المخرجات الشابات، الذي وزع في تلك الدورة 14 جائزة ما بين جوائز مادية وورش عمل واستشارات خدمات فنية من مؤسسات مختلفة.
وتجاوز القائمون على المهرجان أزمة «ضعف الإمكانات» وخرجت الدورة بشكل جيد. وقال السيناريست سيد فؤاد لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خرجت الدورة بشكل جيد رغم الصعوبات التي تعرضنا لها طيلة الفترة الماضية، فلا ننكر أن الدورة كانت شاقة وبرنامجها كان مليئاً بعروض الأفلام والورش والندوات». وأضاف: «أكثر ما أسعدني في تلك الدورة، هو طلب الفنان الكبير حسين فهمي الانضمام للائحة، فالفنان الذي حاز جائزة إنجاز العمر في تلك الدورة، سيكون من الدورة المقبلة 2023 ضمن اللجنة العليا للمهرجان لحبه واعتزازه الشديد بالقارة السمراء».
كما أشاد المخرج المصري مجدي أحمد علي بحصول الفنان الكبير سمير صبري على تنويه جائزة أفضل ممثل في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة عن فيلم «طلعت حرب 2». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تلك الجائزة جاءت في الوقت المناسب، لكي يشعر سمير صبري وهو على فراش المرض، أن جميع الفنانين المصريين والأفارقة يدعمون مسيرته الفنية الطويلة، وندعو له دوماً بالشفاء». وأضاف أن «سمير صبري يستحق التنويه، لما قام به في الفيلم، فهو لم يتقاضَ أي مبلغ مادي نظير المشاهد التي قام بتأديتها، بل دفع من أمواله مصاريف مساعديه الذين رافقوه خلال فترة التصوير، يضرب مثالاً حياً لكل الفنانين عن التفاني وحب العمل الفني، فهو لا يفكر في المادة وكل ما يشغل تفكيره هو خروج أعماله الفنية بشكل متميز». وتمنى أن «يذهب لسمير صبري ويسلمه جائزته، ويتفق معه على حضور حفل عرض الفيلم الثاني في القاهرة مع موعد طرحه بدور العرض».
وحصد الفيلم التونسي «قربان» جائزة أفضل فيلم روائي طويل، التي أطلق عليها اسم الفنان الراحل محمود عبد العزيز في تلك الدورة، وحاز الفيلم الصومالي «زوجة حفار القبور» للمخرج خضر عيدروس أحمد، جائزتين هما النقاد الدولية «فبريسي» ولجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. كما ذهبت جائزة لجنة تحكيم أفضل فيلم يعبر عن المرأة إلى الفيلم المصري «بتول»، وحاز فيلم «طلعت حرب 2» جائزة مؤسسة شباب الفنانين المستقلين، وحصل الفيلم المغربي «حبال المودة» على جائزة أفضل فيلم روائي قصير، بالإضافة إلى تنويه خاص لجائزة أحسن ممثل وحصل عليها الفنان سمير صبري عن «طلعت حرب 2».
من جهته، أشاد الناقد الفني أمير محمد خالد بحصول الفيلم الصومالي «زوجة حفار القبور» على جائزتين في المهرجان. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الفيلم الصومالي واحد من أهم الأفلام الأفريقية التي عرضت خلال السنوات الأخيرة، والفيلم استطاع أن يوثق حالة الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها سكان دولة الصومال بلمسات ساحرة من مخرجه خضر عيدروس أحمد، والفيلم يستحق كل الجوائز التي حصل عليها في مهرجان الأقصر والجوائز التي حصدها من قبل في المهرجان الأفريقي للسينما في بوركينا فاسو وأيضاً في مهرجان تورونتو». ويرى خالد أن «حصول الفنان الكبير سمير صبري على تنويه خاص من قبل مهرجان الأقصر هو عبارة عن لمسة وفاء وشكر لفنان قدير أفنى أكثر من 60 عاماً من عمره في خدمة الفن المصري والعربي والأفريقي، وأن الجائزة تكريم لتلك المسيرة ودافع له لتخطي الأزمة المرضية العنيفة التي يمر بها».


مقالات ذات صلة

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

يوميات الشرق فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

يستعيد الفيلم الوثائقي المصري «البحث عن رفاعة» سيرة أحد رواد النهضة الفكرية في مصر ببدايات القرن الـ19، رفاعة رافع الطهطاوي، الذي كان له دور مهم في التعليم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المحيسن خلال تصوير فيلمه «ظلال الصمت» (موقعه الشخصي)

عبد الله المحيسن لـ«الشرق الأوسط»: خسرت أموالاً كثيرة بسبب الفن

أكد رائد السينما السعودية، المخرج عبد الله المحيسن، أن تجربته في العمل الفني لم تكن سهلة على الإطلاق، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن الصعوبات التي واجهها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق شكري سرحان وشادية في أحد أفلامهما (يوتيوب)

لماذا تفجر «الآراء السلبية» في الرموز الفنية معارك مجتمعية؟

أثارت واقعة التشكيك في موهبة الفنان الراحل شكري سرحان التي فجرها رأي الممثلين أحمد فتحي وعمر متولي عبر أحد البرامج ردود فعل متباينة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز (د.ب.أ)

كاميرون دياز: عشت أفضل سنوات حياتي أثناء اعتزالي للتمثيل

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز إن فترة الـ10 سنوات التي اعتزلت فيها التمثيل كانت «أفضل سنوات في حياتها».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق في فيلمه السينمائي الثالث ينتقل الدب بادينغتون من لندن إلى البيرو (استوديو كانال)

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

الدب البريطاني المحبوب «بادينغتون» يعود إلى صالات السينما ويأخذ المشاهدين، صغاراً وكباراً، في مغامرة بصريّة ممتعة لا تخلو من الرسائل الإنسانية.

كريستين حبيب (بيروت)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».