هل يبقى تشيلسي أحد الأندية العملاقة بعد رحيل أبراموفيتش؟

أبراموفيتش يكمل حلقة البطولات التي حصدها مع تشيلسي بكأس مونديال الأندية (غيتي)
أبراموفيتش يكمل حلقة البطولات التي حصدها مع تشيلسي بكأس مونديال الأندية (غيتي)
TT

هل يبقى تشيلسي أحد الأندية العملاقة بعد رحيل أبراموفيتش؟

أبراموفيتش يكمل حلقة البطولات التي حصدها مع تشيلسي بكأس مونديال الأندية (غيتي)
أبراموفيتش يكمل حلقة البطولات التي حصدها مع تشيلسي بكأس مونديال الأندية (غيتي)

تضم مدينة جيلينا الجميلة عدداً من الساحات والكنائس، ويبلغ عدد سكانها أكثر بقليل من 80 ألف نسمة، وتقع عند التقاء ثلاثة أنهار في جبال شمال غربي سلوفاكيا. وبكل صراحة، كانت هذه المدينة مكاناً غير ملائم بالمرة لبدء ثورة في كرة القدم الإنجليزية، لكن كانت هذه هي المدينة التي احتضنت في عام 2003 أول مباراة يلعبها تشيلسي تحت قيادة مالك النادي الجديد آنذاك، رومان أبراموفيتش، وهي المباراة التي انتهت بفوز البلوز بهدفين دون رد على نادي إم إس كيه جيلينا السلوفاكي في التصفيات المؤهلة للمشاركة بدوري أبطال أوروبا.
وقد يكون موعد آخر مباراة لتشيلسي تحت قيادة أبراموفيتش قريباً، اعتماداً على سرعة إيجاد مشترٍ لنادي تشيلسي ومدى سرعة إتمام الصفقة. لكن ذلك بالتأكيد سيحدث قريباً، وبعد مرور ما يقرب من شهرين على الفوز بكل البطولات الممكنة بعد الفوز بكأس العالم للأندية، ستنتهي حقبة أبراموفيتش في تشيلسي. لكن الإرث الذي تركه رجل الأعمال الروسي معقد للغاية، لأسباب ليس أقلها صعوبة التقييم عندما لا يزال من الصعب معرفة سبب شرائه للنادي من الأساس. لكن من وجهة نظر كروية بحتة، قاد أبراموفيتش تشيلسي لتحقيق نجاحات كبيرة. قد يقول البعض إنه اشترى نادياً كان يحتل المركز الرابع في الدوري الإنجليزي الممتاز وسوف يتركه الآن وهو يحتل المركز الثالث رغم إنفاق 1.5 مليار جنيه إسترليني، لكن الحقيقة أن تشيلسي الآن فريق مختلف تماماً عما كان عليه عندما اشتراه، فلم يعد ذلك النادي غير المستقر، لكنه تحول إلى نادٍ عملاق بشكل لا يمكن الجدال فيه على الإطلاق.
كان تشيلسي قد فاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرة واحدة فقط قبل مجيء أبراموفيتش، لكنه قاده للفوز بخمس بطولات أخرى للدوري، إلى جانب الفوز بدوري أبطال أوروبا مرتين، والفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي خمس مرات، وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة ثلاث مرات. فهل كان من الممكن أن يحصل النادي على مزيد من البطولات لو كان أبراموفيتش استمر لفترة أطول؟ ربما بالطبع، لكن البطولات التي حصل عليها النادي بالفعل خلال تلك الفترة يُحسد عليها بكل تأكيد من كثير من الأندية الأخرى.
وعلاوة على ذلك، نجح أبراموفيتش في تغيير كرة القدم تماماً. كان تشيلسي قد فاز على ليدز يونايتد بهدف دون رد في المباراة الأخيرة من الموسم الأول لأبراموفيتش، وتم إنفاق نحو 153 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع اللاعبين الجدد في تلك السنة الأولى، ثم 150 مليون جنيه إسترليني في السنة الثانية - وهي مبالغ غير مسبوقة في ذلك الوقت - وعين أبراموفيتش جوزيه مورينيو على رأس القيادة الفنية للفريق.
وعلى بُعد سبعة أميال إلى الشمال الشرقي، كان آرسنال يحتفل بإكمال موسمه الذي لم يخسر فيه أي مباراة بالفوز على ليستر سيتي. وبالنسبة لآرسنال أيضاً، بدا المستقبل مليئاً بالاحتمالات، نظراً لأنه قبل ثلاثة أشهر من ذلك التوقيت، كان العمل قد بدأ في الملعب الجديد بسعة تزيد على 50 في المائة عن ملعب هايبري، بالإضافة إلى البدء في مجموعة من المرافق الأخرى، بالشكل الذي سيسمح لآرسنال أخيراً بالتنافس مع القوة المالية الهائلة لمانشستر يونايتد.
وكانت المشكلة الحقيقية تتمثل في أن العالم قد تغير. لم يكن تشيلسي بحاجة إلى ملعب كبير، فقد كان لديه أبراموفيتش. وفجأة، انفصلت قوة الإنفاق عن النجاح على أرض الملعب أو القدرة على تحقيق الإيرادات من خلال الأعداد الهائلة للجماهير. لقد نفى أبراموفيتش مراراً وتكراراً أن يكون شراؤه لتشيلسي لأي سبب آخر بخلاف حبه لكرة القدم. قد يكون هذا هو الحال بالفعل، لكنه مهد الطريق أمام ملكية أندية إنجليزية من قبل أثرياء أجانب.
ربما يعتمد ما سيحدث بعد ذلك على من سيشتري النادي من أبراموفيتش. وربما تسير العملية بشكل سلس، ويستبدل تشيلسي مليارديراً بملياردير آخر بكل بساطة. لكن هذا ليس مؤكداً بأي حال من الأحوال. وعلاوة على ذلك، كانت أجزاء كثيرة من البيان الذي أعلن فيه أبراموفيتش نيته عرض النادي للبيع غير واضحة. ربما يكون قد شطب الـ1.5 مليار جنيه إسترليني التي يدين بها النادي له، لكن هل تم احتساب ذلك في السعر؟ وهل يمكن أن يترك ذلك النادي مسؤولاً عن دفع فاتورة ضريبية كبيرة؟ وما الآثار المالية المترتبة على ذلك فيما يتعلق بقواعد اللعب المالي النظيف؟ وعندما يقول إنه سيتم التبرع بـ«صافي العائدات» لمؤسسة خيرية، فماذا يعني بالضبط؟
لقد كانت هناك أندية تعتمد بشكل كامل على مالك ثري واحد من قبل، ومن غير المرجح أن يواجه تشيلسي مشاكل خطيرة مثل المشاكل التي واجهتها أندية مثل بلاكبيرن الإنجليزي أو غريتنا الاسكوتلندي على سبيل المثال. لقد حقق تشيلسي على مدار السنوات التسعة عشرة الماضية نجاحات كبيرة، وأصبحت لديه قاعدة جماهيرية كبيرة في جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي سيجعله صفقة جذابة لكثير من المستثمرين.
لكن قضية ملعب الفريق قد تعيق الأمر بعض الشيء، نظراً لأن الملعب محاط بمقبرة من جانب وبخط سكة حديد من الجانب الآخر، وبالتالي من الصعب للغاية زيادة سعة ملعب «ستامفورد بريدج» على 41.800 متفرج، ولم تنجح المحاولات المختلفة لزيادة سعته على مدار العشرين عاماً الماضية في تحقيق أي شيء. لم يعد الاستاد الكبير ضرورياً للأندية العملاقة في العصر الحديث، لكن من المؤكد أنه كلما زادت الإيرادات التي يمكن تحقيقها في أيام المباريات، قل العبء الواقع على كاهل مالك النادي. وقد لا يكون المليارديرات الآخرون مستعدين لتمويل النادي بالشكل الذي كان يقوم به أبراموفيتش.
وهناك أيضاً خطر حدوث تغيير في نظام إعارة اللاعبين إلى أندية أخرى. تشيلسي لديه 23 لاعباً يلعبون على سبيل الإعارة لأندية أخرى، ووصل هذا العدد خلال السنوات الأخيرة إلى أكثر من 40 لاعباً، ويأتي ذلك إلى حد كبير كجزء من سياسة النادي لتطوير اللاعبين الشباب وبيعهم بعد ذلك بمبالغ مالية كبيرة. وبدءاً من الصيف المقبل، سيتم تقييد عدد اللاعبين الذين يمكن لأي نادٍ بيعهم لأندية أخرى على سبيل الإعارة، وهو ما قد يؤدي إلى تقليص مصدر آخر من مصادر الدخل لتشيلسي. وبالتالي، ربما لن يكون حامل لقب دوري أبطال أوروبا عملاقاً جذاباً كما قد يبدو للوهلة الأولى.
ويظل أبراموفيتش هو المستثمر الفردي الأكثر سخاءً في تاريخ كرة القدم الأوروبية، لكن وضعه الآن أصبح غامضاً ومعقداً بشكل غريب، مع اقتراب ولايته من نهايتها على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا والعقوبات المفروضة على موسكو وإنكار العلاقات مع الكرملين. وربما يكون الجانب الأكثر استثنائية في الوقت الحالي هو ذكرى تلك الأيام الأولى عندما ظهر هذا الرجل الخجول غريب المظهر في ملعب «ستامفورد بريدج» وبدأ عملية التحول الكامل لنادي تشيلسي.
وفي ظل عدم وضوح الرؤية فيما يتعلق بمستقبل تشيلسي، ربما سيعيد الآخرون النظر في جدوى الاستحواذ على هذا النادي بناء على الثروة فقط. على الأقل، يجب أن تفكر رياضة كرة القدم في الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الموقف العبثي، حيث يمكن أن يكون للقرارات العسكرية التي تتخذها حكومات أجنبية مثل هذا التأثير على نادٍ إنجليزي، وتتساءل عما كان يمكن أن تفعله بشكل مختلف!



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».