بعد أن جلب متحور «أوميكرون» موجة جديدة من عدوى «كورونا المستجد» بداية عام 2022 بدأت بعض الدول في تسجيل انخفاض لأعداد الحالات، لكن بعد عامين من التأرجح بين اندفاعات الجائحة وتراجعها، لا يسع الناس إلا أن يتساءلوا عن مستقبل الجائحة.
يقول أندرو رامباوت، الذي يدرس التطور الفيروسي في جامعة إدنبرة بالمملكة المتحدة: «للأسف... أتفق مع آخرين، يرون أنه من المحتم أن نرى متغيرات جديدة بدرجات متفاوتة من التهرب المناعي، ويمكن أن تخرج من أي مكان ينتشر فيه الفيروس على نطاق واسع».
وبينما ينتظر العلماء المتغير التالي لدخول المشهد، يدرس العلماء متغير «أوميكرون» السائد حالياً للتنبؤ بالمستقبل بشكل أفضل، حيث يسعون للإجابة على 3 أسئلة رئيسية تضمنها تقرير نشره موقع مجلة «نيتشر» في 28 فبراير (شباط) الماضي.
أولها هو «متى سيظهر الشكل التالي المثير للقلق»، وخلص الخبراء في إجابتهم إلى أنه لا توجد طريقة لمعرفة متى سيصبح متغير ما مهيمنا، أو ما إذا كان سيرتقي إلى حالة «متغير مثير للقلق»، ما يعني أن هناك علامات على أنه قد التقط خصائص جديدة مثيرة للقلق، مثل الانتشار بسرعة أكبر، مما يتسبب في مرض أكثر حدة.
واستشهدوا على ذلك، بأنه في المملكة المتحدة، كان أحد متغيرات دلتا المسمى (AY.4) في طور الاستبدال سريعاً بآخر، يُدعى (AY.4.2)، أواخر عام 2021، ثم جاء أوميكرون وانفجر للتو»، كما يقول خبير المعلومات الحيوية أندرو بيج من معهد كوادرام في نورويتش بالمملكة المتحدة.
ويشير تاريخ هذه الديناميكيات الفيروسية إلى أن «متغيراً جديداً سيكتسح كل بضعة أشهر ويبدو أنها تحدث بانتظام إلى حد ما، ومن المحتمل أن تستمر»، كما يؤكد بيج.
لكن ما إذا كان هذا المتغير سيرتفع إلى مستوى متغير مثير للقلق يظل ذلك سؤالاً مفتوحاً، وفي الوقت الحاضر، يتم استبدال سلالة أوميكرون (BA.1) الأصلية بواسطة أخرى تسمى (BA.2)، ورغم أن الثانية ربما تكون أكثر قابلية للانتقال من الأصلية، لا يبدو أن هناك تغييراً كبيراً عن الأصل الذي اجتاح العديد من البلدان في وقت سابق من هذا العام.
ويخشى بيج من أن العالم قد يعجز عن الاكتشاف الفوري لأي سلالة جديدة، ويرجع ذلك لانخفاض معدلات اختبار «كوفيد - 19»، ويعزى ذلك جزئياً إلى أن أوميكرون يميل إلى التسبب في مرض خفيف نسبياً، ما يقل احتمالية طلب الأشخاص للاختبار، وتصبح الحكومات أقل نشاطاً في تشجيع الاختبارات، وفي النهاية سيؤدي ذلك إلى إضعاف جهود المراقبة الجينية للفيروس.
يقول بيج: «عندما تم اكتشاف أوميكرون، تم إطلاق الإنذار بسرعة كبيرة، ولكن في المستقبل، قد يستغرق الأمر أسابيع أطول لإدراك أن هناك نوعاً جديداً».
ثاني الأسئلة المتعلقة بمستقبل الجائحة هو «هل سيتسبب المتحور القادم في مرض شديد؟ ورغم أن «أوميكرون» لا يتسبب في مرض شديد، مقارنة بالمتغيرات السابقة المثيرة للقلق، وهو ما يغذي التكهنات بأن الفيروس يمكن أن يتطور نحو سلالة تسبب مرضاً أكثر اعتدالاً، فإن المسار التطوري للفيروس لا يزال غير واضح، كما يقول أندرو رامباوت، الذي يدرس التطور الفيروسي في جامعة إدنبرة.
وحتى الآن لم تتطور المتغيرات الجديدة المثيرة للقلق من سابقتها السائدة، وبدلاً من ذلك ظهروا من سلالات منفصلة، وليس هناك ما يضمن أن البديل السائد التالي سوف ينبت من فرع شجرة أوميكرون المعتدل. يقول رامباوت: «من الممكن أن البديل اللاحق سيعود إلى سلالة دلتا أو ألفا، مع تهرب مناعي كافٍ لإبقاء أوميكرون بعيداً».
ولا يزال الباحثون أيضاً لا يعرفون إلى أي مدى يرجع اعتدال أوميكرون النسبي، هل بسبب انتشار المناعة ضد الفيروس أم إلى الخصائص الجوهرية للفيروس نفسه.
ومع حصول المزيد من سكان العالم على التطعيم أو تعرضهم للإصابة أو كليهما، من المرجح أن تنمو المناعة وكذلك القدرة على الصمود ضد «كوفيد - 19» الشديد. لكن كانت هناك بعض الاختلافات في كيفية تصرف «أوميكرون» مقارنة بالمتغيرات السابقة، كما يشير عالم المناعة ويندي برجرز في جامعة كيب تاون في جنوب أفريقيا.
ووجدت العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات، أن أوميكرون أقل احتمالية للتأثير على الرئتين مقارنة بالمتغيرات السابقة، وبالتالي هل سيكون للمتحور التالي خصائص مختلفة؟
يقول برجرز: «لا أعتقد أن هناك أي ضمان بأن هذه الاختلافات الجوهرية قد لا تكون أسوأ، فنحن نعرف الكثير عن البشر، لكن الفيروس لا يمكن التنبؤ به، وأنا خائف قليلا من ذلك».
وأخيرا، يأتي سؤال «هل تحمي اللقاحات من المتغيرات اللاحقة؟»، واستهل العلماء إجابتهم بالإشارة إلى أن الطفرات الـ54 في جينوم أوميكرون، خاصة 34 طفرة متجمعة في بروتين الفيروس الرئيسي (سبايك) تُضعف بشدة قدرة لقاحات «كوفيد - 19» على الوقاية من عدوى «كورونا» المستجد، لكن يبدو أن الحماية من المرض الشديد ظلت مرتفعة، وربما ساهمت في الإصابة بالمرض الخفيف الذي يسببه أوميكرون.
يقول برجرز إن هذا يبشر بالخير فيما يتعلق بمرونة المناعة بواسطة اللقاح ضد المتغيرات المستقبلية المثيرة للقلق.
ورغم أن الطفرات المفاجئة في أوميكرون، يبدو أنها تضعف دفاعات الأجسام المضادة، فإن العلماء اكتشفوا انخفاضات طفيفة فقط في قدرة الخلايا المناعية المسماة بالخلايا التائية على التعرف على الفيروس، ويُعتقد أن هذه الخلايا مهمة بشكل خاص في الحد من نطاق العدوى الفيروسية، وقتل الخلايا المصابة والحد من انتشار الفيروس.
يقول برجرز: «أنا متفائل بأن استجابة الخلايا التائية ستكون مرنة للغاية حتى لو ظهر متغير جديد».
ترقب علمي لمتحور ما بعد «أوميكرون»
باحثون قالوا إنها «مسألة وقت»
ترقب علمي لمتحور ما بعد «أوميكرون»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة