نحتفل اليوم باليوم العالمي للمرأة، وهذه بالنسبة لي مناسبة تطرح السؤال التالي: لماذا نحتاج إلى يوم معيَّن للنساء ونحن في سنة 2022؟ فلا بد من أن الرجال والنساء أعضاء متساوون في المجتمع، في كل يوم من أيام السنة، وليس فقط في 8 مارس (آذار).
لكن لسوء الحظ، لا تزال مجتمعات كثيرة تفشل في الاستفادة الكاملة من المساهمات الجبارة للمرأة. فالنساء والفتيات يُمثّلنَ نصف سكان العالم، وبالتالي نصف إمكاناته أيضاً، وبالتالي ليس من مصلحتها استبعاد ما تتمتع به النساء من معرفة ومهارات في بلورة حلول للمشكلات المشتركة، مثل الصراع والفقر وتغير المناخ. وكما يتضح من الأبحاث، نستفيد جميعاً حين تتمكن المرأة من تحقيق إمكاناتها.
تُعتبر المملكة المتحدة رائدة في العالم في رفع مستوى المشاركة النسائية بالمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. يتجلى هذا الالتزام بالمساواة في مناصب بوزارة الخارجية البريطانية، علماً بأن الوزارة توظف النساء منذ تأسيسها في سنة 1782. واليوم، نرى أن النساء يشكلن 35 في المائة من جميع السفراء البريطانيين، بما في ذلك في أكبر البعثات البريطانية في الخارج، مثل باريس وبرلين وواشنطن وبكين وطوكيو وموسكو والأمم المتحدة. كذلك، توجد سفيرات بريطانيات الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أكثر من أي وقت مضى، بما في ذلك في الكويت وليبيا وتونس والجزائر والأردن. هذا التقدم يعكس مدى التزام المملكة المتحدة بتمكين المرأة من المساهمة الجوهرية في الدبلوماسية، إضافة إلى مساهماتها في مهن أخرى.
وتجربتي الخاصة –بوصفي دبلوماسية بريطانية- تعكس هذا الالتزام الذي أتحدث عنه. فقد عملتُ في أنحاء مختلفة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع إدراكي التام أنني -باعتباري امرأة- لي الحق في تمثيل بلدي، والسّعي لتحقيق طموحاتي المهنية والشخصية. لقد تلقيت الدعم لتطوير مهاراتي وخبراتي، والحصول على فرص جديدة، تماماً كنظرائي الذكور، وأشعر بأن الحظ حالفني حين حظيت بفرص متساوية في التعليم والمجتمع والوظائف. وكلّي أمل أن يصل العالم إلى حد تتمتّع فيه جميع النساء بالحق في المساواة الكاملة في مجتمعاتهن.
المملكة المتحدة تسعى جاهدة لترجمة هذا الطموح إلى حقيقة واقعة وبمختلف الطرق، بما فيها العمل مع شركائنا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة. فالواقع أن نسبة النساء حالياً في برلمانات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تتجاوز 18.2 في المائة، بينما يبلغ المتوسط العالمي 26 في المائة. وغني عن القول أن المرأة تلعب دوراً حاسماً في التوصل إلى توافق الآراء في أروقة الحكم، وفي إيجاد حلول للنزاعات تشمل الجميع؛ لا بل إن مشاركة المرأة من شأنها أن تعزّز احتمالية استمرار أي اتفاق سلام لمدة عامين على الأقل بنسبة 20 في المائة، ولمدة 15 عاماً بنسبة 35 في المائة.
ففي اليمن، على سبيل المثال، ندعم مشاركة المرأة في عملية السلام، من خلال الحوار المحلي حول التغيرات الاقتصادية والأمنية والسياسية في جنوب اليمن. وفي ليبيا، موّلنا شراكات بين القادة المحليين والنساء، تعزيزاً للترابط الاجتماعي، ولخفض مستوى الصراع. وفي سوريا والعراق، دعمنا المنظمات المجتمعية التي تقودها النساء، والتي تساهم في صنع القرار المحلي وفي إجراءات العدالة.
لو أن للمرأة دور الرجل نفسه في أسواق العمل، لكان من الممكن إضافة ما يقرب من 28 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي في جميع دول العالم بحلول 2025. وبناءً على ذلك، نحن ندعم المشاركة الاقتصادية للمرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأساليب شتى، من بينها دعم البرامج في سوريا لرفع مستوى مهارات النساء، وتسهيل حصولهنّ على الوظائف. وفي سلطنة عُمان نقدم الإرشادات لمساعدة الخرّيجات في الحصول على وظائف في مناصب عُليا. وفي الخليج نشجع مبادرة لمساعدة النساء ليشغلن مناصب قيادية في مجال الفضاء الإلكتروني.
ما من شكّ في أن النساء يؤدين أدواراً قيادية في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سواء كان ذلك في مجال السياسة أو الإعلام أو العلوم والتكنولوجيا، ويعملنَ على تذليل العقبات التي تحول دون تحقيق المرأة لإمكاناتها. ولقد عملتُ شخصياً عن كثب مع عديد من هؤلاء النساء، من خلال دوري متحدثةً باللغة العربية باسم المملكة المتحدة، وكنَّ في كل مرة يلهمْنني للتطلع إلى ما هو أعلى، والمكافحة بعزيمة أشدّ في مواجهة العقبات، ودعم نساء أخريات. وعليه، أكرّس يوم المرأة العالمي هذا لنساء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تقديراً لعزمهن تحقيق المساواة في مجتمعاتهن.
* المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
اليوم العالمي للمرأة: كسر الحواجز
اليوم العالمي للمرأة: كسر الحواجز
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة