الرئيس الروسي ينفي قصف قواته «زابوريجيا النووية» في أوكرانيا

قال لنظيره الفرنسي في اتصال هاتفي إنه سيحقق أهدافه بـ«المفاوضات أو الحرب»

TT

الرئيس الروسي ينفي قصف قواته «زابوريجيا النووية» في أوكرانيا

إذا كانت الاتصالات والوساطات الجارية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهدف لإقناعه بوقف الحملة العسكرية التي أطلقها ضد أوكرانيا قبل 11 يوماً، فإن ما قاله أمس للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي اتصل به مطولاً «لساعتين إلا ربع الساعة» ومجدداً من شأنه إحباط آمال المتصلين والمتوسطين.
فقد نقلت مصادر الإليزيه عصر أمس، عقب آخر اتصال بمبادرة من ماكرون أن بوتين أبلغه أنه «سيتوصل إلى تحقيق أهدافه» في أوكرانيا «سواء عبر المفاوضات أو عبر الحرب».
وبما أن المفاوضات التي حصلت منها جولتان لم تحقق حتى اليوم سوى نصف نتيجة وهي السماح لعدد من سكان مدينة ماريوبول المطلة على بحر آزوف والمحاصرة منذ عدة أيام، الأمر الذي يعد بعيداً كل البعد عن أهداف بوتين، فمن الواضح أن الحرب مستمرة وأن «القادم هو الأسوأ» وفق تعبير سابق للرئيس ماكرون.
وقالت المصادر الرئاسية إن بوتين كرر مطالبه الأربعة التي تعتبرها كييف ومعها الحلفاء الغربيون «غير مقبولة وغير صالحة لتكون أساساً للمفاوضات» وتتناول اجتثاث النازية من أوكرانيا ما يعني، بالدرجة الأولى، التخلص من الرئيس فولوديمير زيلينسكي ومن الحكومة والمنظومة الحاكمة بشكل عام وفرض حالة الحياد على كييف بحيث تتخلى نهائياً عن حلم الانضمام إلى الحلف الأطلسي يوماً ما وثالث الأهداف نزع سلاح القوات المسلحة الأوكرانية ورابعها الاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم وباستقلال الجمهوريتين الانفصاليتين في منطقة الدونباس «شرق أوكرانيا».
وإزاء التشدد المتواصل للرئيس بوتين، فإن الرئيس الفرنسي، وفق مصادره، يركز على هدفين متلازمين: الأول وقف العمليات العسكرية واحترام قواعد القانون الإنساني الخاص بالأعمال العسكرية المتضمن تفادي استهداف المنشآت المدنية وتسهيل خروج المدنيين.
وأفاد قصر الإليزيه بأن ماكرون دعا بوتين إلى العمل بهذه القواعد. وكان رد الأخير مزدوجاً: من جهة، نفى أن قواته تستهدف المدنيين ومن جهة ثانية رمى مسؤولية عدم إتمام عمليات إجلاء المدنيين كما في ماريوبول على الطرف الأوكراني الأمر الذي نقضه الرئيس الفرنسي مذكراً نظيره الروسي بأن قواته هي التي تغزو أوكرانيا وليس العكس. والهدف الثاني للاتصال تقييم نتائج جولتي التفاوض والنظر في الأسس التي يمكن أن يقوم عليها بحيث تحافظ على سيادة أوكرانيا وتوفر لها الضمانات الأمنية التي تحتاج إليها وأن تكون مقبولة من روسيا. وشددت مصادر الإليزيه على أن الرئيس الأوكراني «يريد التفاوض وقد أرسل إشارات بهذا المعنى» وهو ما لم تلتقطه موسكو.
وعصر أمس، أصدرت الرئاسة الفرنسية بياناً جاء فيه أن ماكرون عبر لبوتين عن «قلقه الكبير للمخاطر المترتبة على الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا» بالنسبة لأمن المنشآت النووية والضمانات الضرورية لذلك مشدداً على الحاجة لـ«تدابير ملموسة» لتوفيرها. كذلك على «الحاجة المطلقة لتجنب أي إضرار بالمنشآت النووية المدنية» الأوكرانية وضرورة المحافظة على أمنها وسلامتها وفق قواعد الوكالة الجدولية للطاقة النووية.
وأكد البيان أن بوتين «قبل» أن تباشر الوكالة الدولية عملها من غير تأخير فيما تمسك ماكرون بأن العمل المشار إليه يجب أن يتم تحت إشراف السلطات الأوكرانية المختصة وأن يشمل كافة المنشآت النووية المدنية في أوكرانيا.
وفي هذا الخصوص، أفادت أوساط الرئاسة بأن بوتين أكد للرئيس الفرنسي أن «لا نية لديه لمهاجمة المنشآت النووية كما أنه أكد «استعداده لاحترام معايير الوكالة الدولية لحماية المحطات النووية». كذلك، كرر بوتين الرواية الرسمية الروسية التي تحمل الطرف الأوكراني مسؤولية الحريق الذي حصل في محطة زابوريجيا التي تعد الأكبر في أوروبا والتي تتهم كييف القوات الروسية بقصفها والتسبب بالحريق الذي اندلع فيها.
وينتظر أن يعقد مجلس أمناء الوكالة اجتماعاً اليوم وأن يقدم رئيسها رافاييل غروسي المقترحات التي وعد بها.
في الساعات القليلة الماضية، أجرى ماكرون مروحة واسعة من الاتصالات شملت الرئيسين الأوكراني والصربي ورئيسة مولدوفا والمستشار الألماني ورئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تواصل معه ماكرون ثلاث مرات.
وأفاد الإليزيه بأن مشاورات ستجرى يوم الثلاثاء القادم مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي سيحضر إلى باريس وأنها ستنصب على كيفية توفير مزيد من الدعم لأوكرانيا وعلى المفاوضات الروسية - الأميركية ومحدداتها.
وستجرى غداً جولة مشاورات جديدة بين الحلفاء الأميركيين والأوروبيين على أعلى مستوى بحيث يكون التركيز على المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار من جهة وعلى المفاوضات التي ترى باريس أنها يجب أن تكون أسسها مقبولة لدى الطرف الأوكراني.
واستغل ماكرون مكالمته مع بوتين للتعبير عن مخاوفه من «هجوم وشيك» على مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود والتي تعد مرفأً رئيسياً لأوكرانيا ويسكنها نحو مليون شخص.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».