أميركا تعتزم التحرك في 3 مجالات ضد روسيا

أميركا تعتزم التحرك في 3 مجالات ضد روسيا
TT

أميركا تعتزم التحرك في 3 مجالات ضد روسيا

أميركا تعتزم التحرك في 3 مجالات ضد روسيا

تعتزم الولايات المتحدة اتخاذ إجراءات قريبة في 3 مجالات، للتصدي للحرب الروسية المتصاعدة في أوكرانيا، وهي فرض حظر على واردات النفط الروسية، وملاحقة روسيا بارتكاب جرائم حرب، وتسهيل تسليم طائرات مقاتلة بولندية إلى أوكرانيا.
وناقش كبار مساعدي الرئيس الأميركي جو بايدن صباح أمس مع الحلفاء الأوروبيين جهود إجلاء المدنيين في المدن الأوكرانية بعد تزايد القصف الروسي لكثير من المدن الأوكرانية. وقال مسؤولون في مجلس الأمن القومي الأميركي للصحافيين، أمس، إن الإدارة الأميركية تعمل لإيجاد سبل لمعاقبة بوتين، وفي الوقت نفسه تقديم مزيد من الدعم للجيش الأوكراني. وتوقع المسؤولون في البيت الأبيض أن تشهد الأيام المقبلة حرباً أكثر دموية، مشيرين إلى غضب بوتين وتهديداته المستمرة وإحساسه بإحباط من صمود الشعب الأوكراني وبطء التقدم الذي تحرزه القوات الروسية في أوكرانيا.

قيود على قطاع الطاقة
ويواجه الرئيس بايدن ضغوطاً من الديمقراطيين والجمهوريين على السواء لفرض قيود أكثر صرامة على قطاع الطاقة في روسيا، مؤكدين أن فرض تلك العقوبات سيكون أكثر تدميراً بكثير من العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب حتى الآن ضد الاقتصاد الروسي.
وتشكل واردات النفط الروسية إلى الولايات المتحدة نسبة صغيرة نسبياً من إجمالي واردات الولايات المتحدة. ومن المرجح ألا يكون للحظر الصارم لواردات الولايات المتحدة من النفط الروسي تأثير كبير على الأسعار في مضخات الغاز الأميركية حيث لا تستخدم الولايات المتحدة كثيراً من النفط الروسي. وصدّرت روسيا 405 آلاف برميل فقط يومياً من النفط الخام والمنتجات البترولية إلى الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وهو ما يمثل أقل من 5 في المائة من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام.
ويتضاءل هذا الرقم مقارنة بالنفط الذي تحصل عليه الولايات المتحدة يومياً من العراق (223000) والمملكة العربية السعودية (472000) والمكسيك (492000)، إضافة إلى 4.1 مليون برميل يومياً مستورد من كندا. وبالتالي، تمثل روسيا أقل من 2 في المائة من إجمالي واردات الولايات المتحدة من النفط. ويقول الخبراء إنه ليس هناك شكّ في أن روسيا ستكون قادرة على بيع هذه الإمدادات إلى دول أخرى، بما في ذلك الصين، إذا توقفت الولايات المتحدة عن شرائها. ومع ذلك، ستكون تلك الخطوة مهمة.
وتجنبت الولايات المتحدة وأوروبا فرض قيود وعقوبات على قطاع النفط الروسي. وقال السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، لشبكة «سي إن إن»، أمس (الأحد): «ليس من المنطقي على الإطلاق الاستمرار في شراء النفط من روسيا الذي يستخدمونه لتمويل هذه الحرب، وهذه الحملة القاتلة التي يقومون بها». كما أعرب كبار الديمقراطيين، بمن فيهم السيناتور ديك دوربين، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، عن دعمهم لفرض حظر على واردات النفط، وتم تقديم مشروع قانون من الحزبين إلى الكونغرس يفرض مثل هذه الخطوة.
ويراجع مسؤولو البيت الأبيض الآن بجدية ما قد يفعله الحظر لأسعار الغاز المحلية، التي وصلت إلى مستويات عالية جديدة، حيث أدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط. وقالت سيسيليا روس، رئيسة مجلس المستشارين الاقتصاديين، في مؤتمر صحافي، يوم الجمعة: «نحن نبحث في الخيارات التي يمكننا اتخاذها الآن إذا أردنا خفض استهلاك الولايات المتحدة من الطاقة الروسية، لكن الأهم هو أننا نحافظ على إمدادات ثابتة من الطاقة العالمية». وقال مسؤولو البيت الأبيض إنه من غير المرجح أن يتخذ بايدن خطوات تستهدف قطاع الطاقة الروسي دون دعم صريح من أوروبا، التي تعتمد على النفط والغاز الروسيين أكثر من الولايات المتحدة.

تحقيقات في جرائم حرب
وبينما يراجع المسؤولون حظراً محتملاً على النفط الروسي، هناك جهود موازية لتقييم حدوث استهداف المدنيين من دونه. وقالت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أمس، إن الولايات المتحدة «تعمل مع شركائها لجمع وتقديم المعلومات» بشأن جرائم الحرب المحتملة. وأضافت، في تصريحات لشبكة «أيه بي سي» الأميركية: «أي هجوم على المدنيين يعتبر جريمة حرب». كما وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ما يحدث في بلاده بأنه جرائم حرب، ودعا إلى تحقيق تجريه محكمة دولية، علماً بأن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فتحت تحقيقاً في جرائم حرب محتملة. ووجّه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اتهامات مماثلة.
وفي حديثه للمشرعين الأميركيين يوم السبت، طلب زيلينسكي دعماً أميركياً في تسهيل نقل الطائرات المقاتلة التي تعود إلى الحقبة السوفياتية من دول أوروبا الشرقية إلى أوكرانيا؛ حيث تم تدريب الطيارين على الطيران بها ويمكنهم استخدامها للتحكم في السماء. وبحلول مساء السبت، كان المسؤولون الأميركيون والبولنديون يجرون مناقشات حول اتفاقية محتملة لتزويد البلاد بطائرات مقاتلة أميركية من طراز «F 16» مقابل إرسال بولندا طائراتها الروسية الصنع إلى أوكرانيا.
من جانب آخر، تسارعت دبلوماسية المحادثات الهاتفية يومي السبت والأحد حول سبل دفع المفاوضات وزيادة المساعدات لأوكرانيا، في وقت تتزايد فيه أزمة النازحين الأوكرانيين. وينخفض سقف التوقعات حول الجولة الثالثة من المفاوضات بين الروس والأوكرانيين، التي تُعقد اليوم (الاثنين)، دون تفاؤل بتحقيق تقدم، فيما تستمر الشركات الأجنبية في مغادرة روسيا بكثافة. ويجتمع مجلس الأمن الدولي اليوم لمناقشة الوضع الإنساني المتدهور في أوكرانيا.
وتحدث الرئيس بايدن، صباح أمس، مع الرئيس زيلينسكي، عبر اتصال هاتفي دام 30 دقيقة، وبحثا العقوبات التي جرى فرضها ضد روسيا، وتعهد بايدن بزيادة المساعدات الأمنية والاقتصادية لأوكرانيا. وذكر البيت الأبيض أن بايدن سلط خلال حديثه مع زيلينسكي الضوء على «الإجراءات المستمرة التي تتخذها الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها والقطاع الخاص لتكبيد روسيا الثمن عن عدوانها في أوكرانيا». وأكد بايدن أن إدارته تعمل على زيادة المساعدات الأمنية والإنسانية والاقتصادية لأوكرانيا، وتعمل عن كثب مع الكونغرس لتأمين تمويل إضافي. ورحّب بايدن بقرار شركتي «فيزا» و«ماستر كارد» بتعليق الخدمة في روسيا. وأشار بايدن إلى أن إدارته تعمل مع الكونغرس لتقديم مزيد من المساعدات الأمنية والإنسانية والاقتصادية لأوكرانيا. وكرر بايدن قلقه بشأن الهجوم الروسي الأخير على محطة للطاقة النووية في أوكرانيا.
ويقول محللون إن إمكانية إنهاء الحرب عبر المفاوضات الدبلوماسية لا يزال هدفاً بعيداً بسبب اعتقاد كل من روسيا وأوكرانيا أنهما قادران على كسب الحرب، إلى جانب أهداف موسكو لتغيير النظام والاحتلال والضغط السياسي القوي الذي تواجهه كييف لتقديم التنازلات.
ويشير هؤلاء إلى أن موسكو تعتقد أن المقاومة المسلحة الأوكرانية يمكن كسرها في غضون أسابيع، وأن زيادة استيلائها واحتلالها للبلدات والمدن الأوكرانية سيؤكد سيطرتها على أي مفاوضات. وفي المقابل، تراهن كييف على أن روسيا لا ترغب في القيام بعملية مصادرة واحتلال لأوكرانيا باهظة التكلفة، ويحتمل أن تسفر عن خسائر كبيرة، وأنه إذا تمكنت القوات الأوكرانية من الحفاظ على سيطرتها على المدن الكبرى، فإن موسكو ستخفف مطالبها في النهاية وتقدم تنازلات.

مخاوف من هجمات إلكترونية
من جانبه، قال وزير الدفاع الأميركي الأسبق ليون بانيتا إنه يخشى مما يمكن أن يفكر فيه بوتين من معارك عبر الإنترنت وحرب إلكترونية. وأضاف: «الإنترنت هو سلاح الحرب الذي يمكن استخدامه اليوم لشلّ دولة أخرى». وتابع في تصريحات لشبكة «سي إن إن»: «الإنترنت كسلاح يعني أنك لست مضطراً لنشر القوات الجوية أو البرية. يمكنك ببساطة الجلوس على جهاز كومبيوتر ونشر فيروس متطور للغاية يمكنه تدمير نظام شبكتنا الكهربائية، والقضاء على أنظمتنا المالية وأنظمتنا الحكومية المصرفية».
وحول مخاطر دخول القوات الروسية إلى إحدى دول البلطيق وإمكانية شنّ حرب نووية، قال بانيتا: «إنها لحظة خطيرة، ولا أحد يستطيع إنكار ذلك. نحن نتعامل مع شخص قد يلجأ إلى نوع ما من الأسلحة النووية أو أسوأ من ذلك. لقد رسمنا خطاً، وأعتقد أننا إذا فشلنا في التمسك بهذا الخط، فإن ذلك يقوض مصداقيتنا تجاه أنفسنا ومع العالم».
من جانب آخر، نصحت الولايات المتحدة الأميركيين المسافرين إلى روسيا أو المتجهين إليها بالمغادرة فوراً. وقالت الخارجية الأميركية، في بيان، مساء السبت، إن الأميركيين يخاطرون باحتمال تعرضهم لمضايقات «من قبل مسؤولي الأمن الحكوميين الروس». وفي تقرير استشاري من المستوى الرابع، قالت السفارة والقنصليات الأميركية في روسيا إن هناك خيارات محدودة للرحلات التجارية المتاحة لنقل الأميركيين خارج البلاد. وجاء في الإشعار: «إذا كنت ترغب في مغادرة روسيا، فعليك اتخاذ الترتيبات بنفسك في أسرع وقت ممكن. إذا كنت تخطط للبقاء في روسيا، فعليك معرفة أن سفارة الولايات المتحدة لديها قيود شديدة على قدرتها على مساعدة المواطنين الأميركيين، وأن الظروف، بما في ذلك خيارات النقل، قد تتغير فجأة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».