سعودي يصوّر «يلوستون» ليفوز بمسابقة عالمية تجمع 340 ألف صورة

مازن الحسان لـ«الشرق الأوسط»: بعت 400 صورة «إن إف تي» العام الماضي

صورة مازن الحسان الفائزة بجائزة سوني العالمية
صورة مازن الحسان الفائزة بجائزة سوني العالمية
TT

سعودي يصوّر «يلوستون» ليفوز بمسابقة عالمية تجمع 340 ألف صورة

صورة مازن الحسان الفائزة بجائزة سوني العالمية
صورة مازن الحسان الفائزة بجائزة سوني العالمية

جذبت الطبيعة الغريبة لمحمية يلوستون الواقعة غرب الولايات المتحدة الأميركية، كاميرا السعودي مازن الحسان، ليلتقط لها صورة أهَّلته للفوز بجائزة «سوني العالمية»، وهي جائزة دولية يتجاوز عمرها 15 عاماً، وجمعت في نسختها الأخيرة نحو 340 ألف صورة من بين 61 دولة، وجاءت صورة الحسان لتكون الفائزة على مستوى السعودية، تمثيلاً لجميع المصورين السعوديين.
يحكي الحسان لـ«الشرق الأوسط» قصة الصورة الفائزة، قائلاً: «أعيش في بيئة المدينة المزدحمة بالناس والسيارات والمباني الإسمنتية، لذا أحاول من وقت لآخر أن أبتعد عن هذه الأجواء خلال الإجازات، وقررت في الصيف الماضي أن أسافر لزيارة محمية يلوستون، وهي من أكبر المحميات الموجودة بأميركا، ومعروفة بطبيعتها وبيئتها المختلفة».
ويصفها الحسان قائلاً إنها تتميز «بأنها منطقة وُجِدت منذ آلاف السنين بطبيعتها اللافتة فوق بركان، وكان من الغريب أن أذهب لمكان وأرى شيئاً يشبه الرغوة مع البخار الطبيعي المنبعث من الأرض، الأجواء هناك غريبة وغير معتادة، فالتقطتُ الصورة وبدت لي ممتازة». ويشير إلى أنه عندما تقدم للمشاركة في مسابقة «سوني العالمية»، تفاجأ بعد شهر بتواصلهم معه، وإبلاغه بأنه تم اختيار صورته.
وبسؤاله عن الخطوة التالية بعد هذا الفوز، كشف أنه قبل نحو سنة، ومع انتشار الفنون الرقمية وNFT (إن إف تي) دخل في هذا المجال بشكل كبير، في فترة كان من النادر حينها أن يهتم مصوّر سعودي بهذا المجال الناشئ، ويضيف: «دخلت كمستثمر أكثر من كوني صانعَ محتوى»، مبيناً أنه بطبعه يميل لمتابعة المصورين، ويحاول محاكاة تقنياتهم في التصوير.
ولم يتوقع الحسان أن تلقى أعماله رواجاً كبيراً، إلا أنه بعد دخوله في عالم الـNFT وتعمقه في الفنون الرقمية، عرض قبل نحو عام صورة وباعها، فقرر أن يعيد التجربة، ليتمكن من بيع 400 صورة NFT خلال عام واحد، من جمهور عالمي كما يقول. ويردف: «مع بداية البيع وظهور عملي تملكتني ثقة أكبر في أن تُطلب صوري، وأن هناك مَن يجد استثماراً فيها».
ويوضح الحسان أن هذه الصور التقطها على مدى 20 عاماً مضت، وعندما وجد الإقبال عليها كبيراً بدأ بمعالجتها وعرضها للبيع، مبيناً أن سيعزز وجوده أكثر في عالم الـNFT بالنظر لمستقبله الواعد، ويتابع: «أعتقد أن نسبة المصورين الذي دخلوا في عالم الـNFT لا تتجاوز 2 في المائة، وهي نسبة ضعيفة جداً على المستوى العالمي».
وبسؤاله عن أغلى صورة باعها، يفيد أن قيمتها تعادل ألفي دولار، مردفاً: «نمو هذه السوق مخيف جداً، فالسنة الواحدة فيها تعادل عشر سنوات من السرعة والتغيير في أي مجال آخر، وهو أمر لم أشهد له مثيلاً في كل القطاعات التي عملت فيها». وأكد أن هناك مَن كوّن ثروات من خلال استثماره في الفنون الرقمية وتحديداً الـNFT.
ويوضح الحسان أنه لا يعتبر نفسه مصوراً، بل يجد التصوير شغفاً وهواية، مع كونه شريكاً في مؤسسة للاستشارات التسويقية، لذا يهتم بالصور والأعمال المرئية في صناعة المحتوى التسويقي، ويضيف: «أعتقد أن التصوير بدأ معي كهواية منذ صغري، إذ كان والدي يرافق الكاميرا في سفراته دائماً، ثم صارت الكاميرا رفيقة دربي لنحو 30 عاماً مضت».
لكن ما الذي يستوقف كاميرته؟ يجيب: «أحب تصوير كل شيء! وهذا ساعدني على التكيُّف الدائم مع ما يدور حولي، لكوني لم أحصر نفسي في تصوير مجال محدد كمعظم المصورين».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».