كشف تحقيق حول كيفية إخفاء فيروس «كورونا المستجد» نفسه من الخلايا، عن ثغرة محتملة في الفيروس يأمل العلماء في استغلالها. وحدد مختبر الكيمياء الحيوية بمعهد «هوارد هيوز» الطبي، في المركز الطبي الجنوبي الغربي بجامعة تكساس الأميركية، الخطوات الرئيسية التي يخفي من خلالها الفيروس المسؤول عن مرض «كوفيد-19»، أحد طرفي جينومه. ومن دون هذا التستر، لم يعد بإمكان الفيروس اختطاف الخلايا لإحداث عدوى.
ووصف فريق البحث عملهم الذي لم يخضع بعد لمراجعة الأقران، في نسخة أولية نُشرت على موقع «بيوركسيف» في 9 فبراير (شباط) 2022.
ويقول تاجليا براتشي، من معهد هوارد هيوز الطبي في المركز الطبي الجنوبي الغربي بجامعة تكساس، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، في 2 مارس (آذار) الجاري: «إذا تمكنا من تطوير مثبط ضد عملية الإخفاء، فإن ذلك سيمثل طريقة جديدة لاستهداف الفيروس».
وتُستخدم حالياً حفنة من الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج عدوى فيروس «كورونا» المستجد في المستشفيات والعيادات، بما في ذلك «ريمديسفير»، و«مولنوبيرافير» و«نيرماترلفير». وفي بعض الحالات، يمكن للأطباء الجمع بين عديد من الأدوية المضادة للفيروسات لتوجيه لكمة أقوى؛ لكن وجود خيارات إضافية يمكن أن يكون مفيداً إذا أصبح الفيروس مقاوماً لهذه العقاقير.
ويقول تاجليا براتشي، إنه لمحاربة «كوفيد-19» على المدى الطويل «سنحتاج إلى مجموعة من الأدوية المضادة للفيروسات التي تعمل بطرق مختلفة».
ويتكون جينوم الفيروس من الحمض النووي الريبوزي، وهو ابن عم جزيئي للحمض النووي، وأثناء الإصابة يتسلل الفيروس إلى دفاعات الخلايا البشرية ويخدعها، لتصنيع مزيد من الفيروسات.
ويستخدم الفيروس عدة استراتيجيات لارتكاب هذه الحيلة، بما في ذلك تغطية أحد طرفي الحمض النووي الريبوزي بغطاء كيميائي، مثل جاسوس يستخدم شعراً مستعاراً، وليس من قبيل المصادفة أن هذا الغطاء مطابق للغطاء الموجود أعلى الحمض النووي الريبوزي البشري، والذي يحتوي على تعليمات صنع بروتين الخلية.
ومع وجود غطاء في مكانه، يمكن للفيروس خداع الخلية لتجميع البروتينات الفيروسية كما لو كانت خاصة به.
وبينما كان الباحثون يعرفون بالفعل أن الفيروس يعتمد على غطاء الحماية الخاص به، فإنهم لم يعرفوا كيف ارتدى هذا التنكر.
ويدرس مختبر تاجليا براتشي ما يسميه «كينازات غريبة»، وهي أعضاء غريبة من عائلة كبيرة من الإنزيمات الحاسمة لعديد من العمليات داخل الخلية.
وعلى مدى السنوات الـ35 الماضية، ظهرت الكينازات كأهداف دوائية مهمة للأمراض، وبمجرد أن فك العلماء شفرة جينوم «كورونا المستجد»، قام فريقه بتمشيطه بحثاً عن كينازات عادية أو غريبة.
وضمن الكود الخاص ببروتين كبير متعدد الوظائف، تعرفوا على إنزيم شبيه بالكيناز، يُعرف باسم مجال «NiRAN».
وبناءً على الأبحاث السابقة، قام فريق تاجليا براتشي، بتجميع الخطوات التي يتخذها مجال «NiRAN» لنقل الحمض النووي الريبي الفيروسي إلى مكانه، قبل إضافة الغطاء، ووجد الفريق أنهم عندما تدخلوا في قدرة مجال «NiRAN» على أداء وظيفته، لم يتمكن الفيروس من التكاثر داخل الخلايا البشرية.
ونظراً لوضع مجال «NiRAN» باعتباره أحد أقارب كيناز غير التقليدي، فإن باتريك آيرز، عالم الكيمياء الحيوية للكيناز في جامعة ليفربول، والذي لم يشارك في الدراسة، متفائل بشأن احتمالات ظهور مضادات فيروسات جديدة.
يقول آيرز: «إن الكينازات هي أهداف دوائية رائعة حقاً، ليس فقط في الخلايا البشرية، ولكن في أي مرض يكون فيه الكيناز متضمناً». ويتمتع العلماء بسنوات من الخبرة في ابتكار الأدوية التي تغير نشاط كيناز في حالات السرطان والالتهابات، كما يقول آيرز.
ويقول وارنر جرين، عالم الفيروسات في معاهد غلادستون، والذي لم يشارك في البحث، إن تغطية الحمض النووي الريبي الفيروسي قد جذبت بالفعل انتباه الباحثين الذين يسعون إلى وسائل جديدة لمحاربة «كوفيد-19»، والالتهابات الفيروسية الأخرى، ولكن العلماء لم ينجحوا بعد.
ويكمن التحدي الأساسي في إبطال عملية الإخفاء الفيروسي، دون أن يكون لذلك عواقب غير مقصودة على الخلايا البشرية. وبدأ بالفعل العمل على تحديد مضاد جديد للفيروسات، بناءً على اكتشاف مختبر تاجليا براتشي، ويبحث فريقه الآن عن جزيئات صغيرة تتداخل مع آلية تغطية الفيروس، دون إحداث ضرر بالخلايا البشرية.
«التخفي الفيروسي»... نقطة ضعف جديدة لاستهداف «كورونا»
دراسة قالت إن فهم آلياته يوفر أدوية «أكثر فعالية»
«التخفي الفيروسي»... نقطة ضعف جديدة لاستهداف «كورونا»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة