قال إنغوس هيغارتي، الرئيس الدولي لشركة «دل تكنولوجيز»، إن التحول الرقمي تَسارع في المنطقة خلال العام الماضي بوتيرة غير مسبوقة، لم يكن لأحد أن يتصورها يوماً، مشيراً إلى أن الحفاظ على وتيرة التحول هذه مهم للغاية للاستفادة من فرص النمو، ليس فقط على مستوى الاقتصاد السعودي، بل على مستوى اقتصاد المنطقة عموماً.
وبيّن هيغارتي أنه يمكن للتكنولوجيا بمختلف أشكالها، من الحوسبة الطرفية إلى السحابية، أن تدعم منظومة الأعمال المتنامية في المنطقة لتحقيق مزيد من الابتكار والتكيف مع الواقع الجديد مع الحفاظ على مرونتها وسط عالم التغييرات المستمرة.
ولفت في حديث مع «الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في مؤتمر التقنية الدولي «ليب» إلى أنه ومن خلال لقاءاته مع قادة القطاعات في منطقة الشرق الأوسط، بات جلياً بالنسبة له أن المنطقة قد دخلت مرحلة مثيرة للاهتمام في رحلة تحولها الرقمي، لافتاً إلى أنه ووفقاً لنتائج مؤشر «دِل تكنولوجيز للتحول الرقمي»، فإن 90% من المؤسسات في السعودية والإمارات قامت بالفعل بتسريع خطط تحولها الرقمي.
ولفت إلى أنه في منطقة الشرق الأوسط، تمثل المملكة سوقاً مهمة للغاية، حيث عملت «دِل تكنولوجيز» على مساعدة المؤسسات على تحديث بنيتها التحتية لتكنولوجيا المعلومات منذ بعض الوقت، وقال: «أنا على ثقة بأنه يمكننا مساعدة المملكة على تحقيق طموحها بأن تتحول لمركز عالمي رائد للابتكار التقني، مدعومين بشراكاتنا القوية والموثوقة في البلاد».
- «رؤية 2030»
وأوضح هيغارتي أن «رؤية 2030» تمثل خطة طموحة للاقتصاد السعودي، إذ إن لديها القدرة على بناء اقتصاد قائم على البيانات، يشكل قوة لدفع عجلة النمو، وقال: «من خلال عملنا مع القطاعين العام والخاص في المملكة، لمسنا مزيداً من التفاؤل بأن البلاد ستتبوأ مكانة متقدمة في سياق المنافسة عالمياً في المجال الرقمي».
وتابع: «إلا أن تحقيق هذا الطموح يتطلب تضافر جهود قادة القطاعات والحكومة لبناء البنية التحتية اللازمة لتمكين نشر التقنيات الجديدة. ونحن نلمس اليوم التقارب الحاصل بين شبكات الجيل الخامس وتقنيات مثل الذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء والسحابة والحوسبة الطرفية والروبوتات، من أجل تسريع الثورة الصناعية الرابعة. ويمكن للقطاع العام تحقيق مكاسب كثيرة من خلال اعتماد هذه التقنيات، فمن تقديم خدمات الرعاية المتصلة إلى تطوير مدن المستقبل الرقمية، تعد التقنيات الجديدة أساسية في تحقيق (رؤية 2030)».
وشدد على أنه في وقت أصبحت فيه البيانات شريان الحياة للاقتصاد المعاصر في البلاد، فمن المهم أن تواصل السعودية تعزيز مرونتها الإلكترونية، وأضاف: «نعمل في (دِل تكنولوجيز) جنباً إلى جنب مع المؤسسات المختلفة لحماية بياناتها بغضّ النظر عن مكان تخزينها، وتوسيع نطاق قدرات التعافي في هذه المؤسسات لتتمكن من الوقوف في وجه الهجمات الإلكترونية والتعافي منها بصورة سريعة».
- التقنيات الرقمية
وحسب الرئيس الدولي لشركة «دل تكنولوجيز» فإنه من المتوقع أن تشكل التقنيات الرقمية 65% من إجمالي الناتج المحلي العالمي هذا العام، وقال: «بالنسبة لنا في (دِل تكنولوجيز)، نعتقد أن نمو الاقتصاد الرقمي سيعتمد على ستة مجالات رئيسية هي: السحابة المتعددة، وشبكات الجيل الخامس، والحوسبة الطرفية، والذكاء الصناعي وتعلم الآلة، وإدارة البيانات، وأمن البيانات».
وأضاف: «تمتلك هذه التقنيات القدرة على المساهمة في بناء مدن المستقبل الرقمية، وفي المقابل، يتطلب تطبيق هذه التقنيات على أرض الواقع تحديث البنية التحتية. ونعتقد أن السعودية تمتلك القدرة والإمكانيات اللازمة لنشر هذه التقنيات بوتيرة سرعة، لا سيما في ظل التقدم الحاصل في مجال شبكات الجيل الخامس، حيث تحتل المملكة اليوم المركز الرابع عالمياً لأوسع انتشار لشبكات الجيل الخامس».
وأكد: «نحن نعمل على مساعدة الشركاء والمستخدمين على تحقيق أقصى الفوائد التي تتيحها شبكات الجيل الخامس وتقنيات الذكاء الصناعي والحوسبة الطرفية والسحابة المتعددة لأعمالهم، مستندين بذلك إلى الشراكات الطويلة التي تجمعنا مع الشركاء في المنطقة».
- التحديات
وحول التحديات التي تواجه شركته، قال هيغارتي إنه ثبتت خلال العامين الماضيين أهمية وجود البنية التحتية المناسبة لدعم وتمكين الموظفين والعاملين، وقال: «قبل تفشي الجائحة، كان الكثير من الشركات في المنطقة تعمل على البنية التحتية التقليدية، ولم تكن تمتلك الأدوات أو الحلول المناسبة للعمل عن بُعد».
وأضاف: «لكننا رأينا خلال العامين المنصرمين تغييرات متسارعة في طريقة تفكير مختلف القطاعات، حيث سعت المؤسسات لتبني التقنيات بوتيرة سريعة لضمان استمرارية أعمالها، وتحقيق التحول الرقمي. وتساعد التكنولوجيا المؤسسات على إنشاء نماذج عمل جديدة والتحول إلى البنية التحتية الرقمية التي تدعم نشر التقنيات الجديدة والاستفادة منها».
وأكد أنه بالمضي قدماً، يخطط الكثير من الشركات لاعتماد نموذج العمل الهجين، مشيراً: «أنا على يقين تام بأنه يمكن للتكنولوجيا أن تسهم بدور كبير في بناء تجربة العمل من أي مكان، مما يضمن قدرة الموظفين على التعاون والعمل معاً بكل سلاسة، بغضّ النظر عن مكانهم، إذ إن القدرة على التعاون أساسية لتعزيز الابتكار والإبداع اللازمين لبناء اقتصاد مزدهر».
وأوضح: «لكن يجب ألا ننسى أن هذا الاعتماد المتزايد على البيانات، يحمل معه مزيداً من التهديدات الإلكترونية. إذ تحدث هجمة إلكترونية واحدة كل 11 ثانية في العالم، و48% من الاختراقات تطال الشركات الصغيرة. ويمكن أن تؤثر الهجمات الإلكترونية بشكل كبير على الاقتصادات والمجتمعات، حيث تمتد لتطال كل شيء من البنى التحتية الحساسة إلى بيانات الشركات».
وزاد: «هنا، يتعين على مؤسسات القطاعين العام والخاص في المنطقة إعطاء الأولوية لحماية أهم أصولهم، وإحاطتها بأقوى أدوات الدفاع. إذ إنه لا يمكن ضمان نجاح خطط التحول الوطنية أو التجارية ما لم تقم هذه المؤسسات بتعزيز مرونتها الإلكترونية».
- التوجهات التقنية في 2022
ولفت الرئيس الدولي لشركة «دل تكنولوجيز» إلى أنه خلال عام 2022 يُعتقد أن التكنولوجيا ستمهّد الطريق للحفاظ على التعافي الاقتصادي ومساعدة الشركات في السعودية ومنطقة الشرق الأوسط على الاستفادة من قيمة البيانات في تحقيق أهداف التحول الرقمي.
وقال: «تشير الشركات إلى أن الجائحة قد أدت لزيادة كميات البيانات التي تحتاج إلى جمعها والتعامل معها، فإن هذا الكم الهائل من البيانات سينمو ويتضاعف خلال العام الحالي. ومع التطور المستمر في اتصالات الجيل الخامس والحوسبة الطرفية والتحول نحو نموذج (كخدمة)، سيكون من السهل إدارة واستخلاص قيمة من هذه الكميات الهائلة من البيانات، بطريقة أكثر فاعلية».
وبيّن أن اتصالات الجيل الخامس ستمكن أعداداً أكبر من الشركات من استخلاص معلومات آنية من البيانات، على أطراف الشبكة، ودعم اتصالات غير مسبوقة من شأنها تغيير مختلف جوانب المجتمعات، وقال: «سنرى أيضاً أن الأمن الإلكتروني يصبح جزءاً لا يتجزأ من التحول الرقمي، بهدف حماية الكميات المتزايدة من البيانات التي تنتجها الشركات. وفي الوقت نفسه، سوف يتسارع التحول إلى نموذج (كخدمة) بشكل كبير، في ظل سعي المؤسسات لتعزيز مرونتها وقدرتها على إدارة البيانات. وبالقيام بذلك، يمكن تحميل البيانات من عبء إلى قيمة غنية».
وأكد أنه خلال العام الجاري ستسهم التقنيات الجديدة في تسريع التحول إلى مستقبل أكثر استدامة. وقال: «نعتقد في (دِل تكنولوجيز) أن التطلع قدماً وتحديد التحديات التي قد تبرز على مستوى تكنولوجيا المعلومات، قد يساعد قادة الأعمال في التغلب على العقبات التي تقف في طريق التحول الرقمي والحفاظ على المرونة والتنافسية والاستدامة على المدى الطويل».
- توجهات «دل»
أكد رئيس «دل تكنولوجيز» أن العالم شهد خلال العامين الماضيين تحولاً هائلاً في طريقة القيام بالأعمال والاستفادة من الخدمات، وأضاف: «استشرافاً للمستقبل، فإننا نعلم أن هناك شيئاً واحداً مؤكداً، وهو أن التقنيات الجديدة ستكون محورية لاستمرارنا في تسريع نمو الأعمال».
وأكد أنه من المتوقع بحلول عام 2023 أن يزداد عدد التطبيقات التي تعمل على البنية التحتية للحوسبة الطرفية بنسبة 800%، كما يتوقع أن يكون الشرق الأوسط من أهم الأسواق التي ستستثمر في هذه التقنيات الناشئة.
وأضاف: «وفقاً لمؤسسة (غارتنر للأبحاث)، من المتوقع أن يبلغ إجمالي الإنفاق على تقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 1.7 مليار دولار في عام 2022، بزيادة قدرها 2.6% مقارنةً مع عام 2021. وتتمتع (دِل تكنولوجيز) بمكانة جيدة تؤهلها مساعدة المؤسسات على تبني هذه التغييرات ومواءمة أهداف أعمالها بشكل استراتيجي لتعزيز التقدم».
وأكد أن منطقة الشرق الأوسط تعد سوقاً مهمة للغاية بالنسبة لشركة «دِل تكنولوجيز»، وأن الحكومات والشركات ملتزمة بالاستثمار في مستقبل المنطقة، إذ إن هناك مستويات قياسية من الاستثمارات التي تساعدها في أن تكون واحدة من الاقتصادات الأكثر حيوية في العالم. وفضلاً عن ذلك، تضم منطقة الشرق الأوسط أكثر من 450 مليون مستهلك، ما يجعلها أيضاً واحدة من أكثر الأسواق حيوية في العالم.