حملات سطو حوثية تستهدف أملاك معارضيها في 4 محافظات يمنية

TT

حملات سطو حوثية تستهدف أملاك معارضيها في 4 محافظات يمنية

تواصل الميليشيات الحوثية منذ أيام تنفيذ حملات سطو ومصادرة غير قانونية، لأراضٍ وعقارات وممتلكات مواطنين يمنيين، في محافظات ومدن عدة تقع تحت سيطرتها، بذريعة تأييدهم الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف الداعم لها.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن شروع الجماعة منتصف الأسبوع الفائت في تنفيذ حملة سطو واستيلاء منظمة، طالت في مرحلتها الأولى عقارات وممتلكات مواطنين مناوئين للمشروع الانقلابي، بمناطق واقعة في نطاق العاصمة صنعاء، ومحافظات ذمار والمحويت وصعدة وتعز.
وأفادت المصادر بأن لجاناً حوثية جديدة تم تشكيلها مؤخراً تحت اسم «رئاسية ومركزية»، وبإشراف مباشر من الحارس القضائي الحوثي، باشرت تنفيذ جولاتها الميدانية، وأسفرت في غضون يومين عن مصادرة ممتلكات وعقارات عشرات المواطنين في مديريتي الثورة ومعين بصنعاء العاصمة وفي محافظة المحويت، ومركزي محافظتي ذمار وصعدة، ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة في محافظة تعز.
وقالت المصادر إن الانقلابيين لا يزالون يمارسون سلسلة من عمليات السطو والمصادرة القسرية لأموال وممتلكات اليمنيين، بحجة ولائهم للحكومة الشرعية والتحالف المساند لها. وتوقعت أن تطال تلك الممارسات الحوثية بقادم الأيام ما تبقى من أملاك اليمنيين بمحافظات ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة.
وفي أول ردة فعل حقوقية محلية حيال تلك الانتهاكات الحوثية المتكررة، دانت منظمة «ميون» لحقوق الإنسان والتنمية، عملية السطو المسلح الذي تنفذه الجماعة بشكل علني وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي، على ممتلكات يمنيين مهجرين قسرياً من ديارهم الواقعة بمناطق تحت سيطرتها.
وأوضحت «ميون» أن هذه الانتهاكات غير المبررة جاءت بعد استنفاد جميع وسائل ابتزاز أقارب الضحايا باسم المجهود الحربي، ورفد الجبهات الحوثية، وإجبارهم على توقيع وثائق التخلي عنهم، واتخاذ أي إجراءات بحقهم.
وقالت المنظمة إن هذا التدشين والإجراءات القمعية غير المشروعة تنطوي عليها عواقب خطيرة على الضحايا، ما يجعلها ترقى إلى أن تكون انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني.
وطالبت المنظمة، في بيان لها، الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، بإدانة هذه الانتهاكات، والعمل على توفير الحماية لكافة الأموال والممتلكات التي يتركها المهجرون قسرياً وراءهم.
وبدورهم، أفاد سكان وناشطون محليون بأن الانقلابيين لجأوا في الوقت الحالي إلى ابتكار حيلة جديدة أطلقوا عليها اسم «الحجز التحفظي» ليتمكنوا خلالها من سرقة ما تبقى من أموال وممتلكات المواطنين القابعين بمدن ومناطق تحت سيطرتهم.
وشكا البعض منهم لـ«الشرق الأوسط» من وجود عمليات نهب واستيلاء حوثية حالية، بحق ممتلكات وعقارات المئات من المواطنين في صنعاء ومناطق أخرى تحت السيطرة الحوثية.
وأوضحوا أن حملة السطو الحوثية سبقها بأيام توجيه الميليشيات إنذارات عدة للأسر في المناطق المستهدفة، تدعوهم لإخلاء تلك المنازل والعقارات وغيرها، تمهيداً لمصادرتها بقوة الترهيب، بمبرر تأييد ملاكها (أغلبهم هُجروا قسراً من مناطقهم) ووقوفهم إلى جانب الحكومة الشرعية.
وتوالياً لمسلسل الانتهاك وجرائم الاستيلاء الحوثية غير القانونية بحق أملاك اليمنيين، وبينهم معارضون للانقلاب، كان تقرير حقوقي محلي قد كشف مطلع فبراير (شباط) المنصرم عن عمليات نهب ومصادرة حوثية طالت بغضون 7 سنوات ماضية عدداً من المؤسسات والشركات الواقعة بنطاق السيطرة الحوثية، وذلك عبر ما يسمى «الحارس القضائي»، وهو مبرر حوثي يخول للجماعة السطو على ممتلكات اليمنيين.
ورصد التقرير استيلاء الحارس القضائي الحوثي على أكثر من 1.7 مليار دولار من قيمة واردات الأموال والمؤسسات والشركات والجمعيات.
ووثق التقرير الصادر عن منظمة «سام للحقوق والحريات»، تحت عنوان «إقطاعية الحارس وماكينة التضليل»، إجمالي ما تم الاستيلاء عليه من قيمة الأموال والإيرادات للأصول والعقارات والمنقولات، والتي تقدر بأكثر من ملياري دولار.
وقال إن الميليشيات مارست عمليات مصادرة قسرية لأموال المعارضين، بذريعة أنهم خونة وموالون للحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، أو مختلفون معها في التوجه الثقافي والديني؛ حيث سيطرت على شركات ومصارف ومؤسسات وجمعيات ومبانٍ وعقارات، وأصول وأموال نقدية.
وأورد التقرير أسماء 38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى، تقع في نطاق صنعاء العاصمة وعشرات الفروع التابعة لها بالمحافظات تحت سيطرة الجماعة، استولى عليها الحارس القضائي الحوثي.
ورصد التقرير أكثر من 23 قيادياً حوثياً يعملون لصالح الحارس القضائي، ويأتمرون بأوامره في نهب وإدارة أموال الشركات التي حققت فيها المنظمة في العاصمة صنعاء فقط.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينفذ فيها الحوثيون حملات سطو ومصادرة بحق ممتلكات اليمنيين بمدن سيطرتهم؛ حيث سبق للجماعة وفي إطار عمليات الاستيلاء المنظم بحق ممتلكات الغير، أن أصدرت بمطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم تعاميم لمسلحيها، تحضهم على السطو على منازل وممتلكات أكثر من 500 شخصية في صنعاء.
وشملت عمليات السطو على المنازل والممتلكات نحو 300 شخصية مدنية، بينهم قيادات في الحكومة الشرعية، وسياسيون، وبرلمانيون، ونشطاء، ومواطنون، و216 عسكرياً.
ورافق تلك الخطوات -بحسب الرصد الذي أعده موقع «العاصمة أونلاين»- قيام الانقلابيين حينها بعمليات حصر ميدانية واسعة لبيانات السكان، وتنشيط الجاسوسية، ضمن سياسة الترهيب والتعسف بحق المدنيين في العاصمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.