حملات سطو حوثية تستهدف أملاك معارضيها في 4 محافظات يمنية

TT
20

حملات سطو حوثية تستهدف أملاك معارضيها في 4 محافظات يمنية

تواصل الميليشيات الحوثية منذ أيام تنفيذ حملات سطو ومصادرة غير قانونية، لأراضٍ وعقارات وممتلكات مواطنين يمنيين، في محافظات ومدن عدة تقع تحت سيطرتها، بذريعة تأييدهم الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف الداعم لها.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن شروع الجماعة منتصف الأسبوع الفائت في تنفيذ حملة سطو واستيلاء منظمة، طالت في مرحلتها الأولى عقارات وممتلكات مواطنين مناوئين للمشروع الانقلابي، بمناطق واقعة في نطاق العاصمة صنعاء، ومحافظات ذمار والمحويت وصعدة وتعز.
وأفادت المصادر بأن لجاناً حوثية جديدة تم تشكيلها مؤخراً تحت اسم «رئاسية ومركزية»، وبإشراف مباشر من الحارس القضائي الحوثي، باشرت تنفيذ جولاتها الميدانية، وأسفرت في غضون يومين عن مصادرة ممتلكات وعقارات عشرات المواطنين في مديريتي الثورة ومعين بصنعاء العاصمة وفي محافظة المحويت، ومركزي محافظتي ذمار وصعدة، ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة في محافظة تعز.
وقالت المصادر إن الانقلابيين لا يزالون يمارسون سلسلة من عمليات السطو والمصادرة القسرية لأموال وممتلكات اليمنيين، بحجة ولائهم للحكومة الشرعية والتحالف المساند لها. وتوقعت أن تطال تلك الممارسات الحوثية بقادم الأيام ما تبقى من أملاك اليمنيين بمحافظات ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة.
وفي أول ردة فعل حقوقية محلية حيال تلك الانتهاكات الحوثية المتكررة، دانت منظمة «ميون» لحقوق الإنسان والتنمية، عملية السطو المسلح الذي تنفذه الجماعة بشكل علني وعلى مرأى ومسمع المجتمع الدولي، على ممتلكات يمنيين مهجرين قسرياً من ديارهم الواقعة بمناطق تحت سيطرتها.
وأوضحت «ميون» أن هذه الانتهاكات غير المبررة جاءت بعد استنفاد جميع وسائل ابتزاز أقارب الضحايا باسم المجهود الحربي، ورفد الجبهات الحوثية، وإجبارهم على توقيع وثائق التخلي عنهم، واتخاذ أي إجراءات بحقهم.
وقالت المنظمة إن هذا التدشين والإجراءات القمعية غير المشروعة تنطوي عليها عواقب خطيرة على الضحايا، ما يجعلها ترقى إلى أن تكون انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني.
وطالبت المنظمة، في بيان لها، الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان، بإدانة هذه الانتهاكات، والعمل على توفير الحماية لكافة الأموال والممتلكات التي يتركها المهجرون قسرياً وراءهم.
وبدورهم، أفاد سكان وناشطون محليون بأن الانقلابيين لجأوا في الوقت الحالي إلى ابتكار حيلة جديدة أطلقوا عليها اسم «الحجز التحفظي» ليتمكنوا خلالها من سرقة ما تبقى من أموال وممتلكات المواطنين القابعين بمدن ومناطق تحت سيطرتهم.
وشكا البعض منهم لـ«الشرق الأوسط» من وجود عمليات نهب واستيلاء حوثية حالية، بحق ممتلكات وعقارات المئات من المواطنين في صنعاء ومناطق أخرى تحت السيطرة الحوثية.
وأوضحوا أن حملة السطو الحوثية سبقها بأيام توجيه الميليشيات إنذارات عدة للأسر في المناطق المستهدفة، تدعوهم لإخلاء تلك المنازل والعقارات وغيرها، تمهيداً لمصادرتها بقوة الترهيب، بمبرر تأييد ملاكها (أغلبهم هُجروا قسراً من مناطقهم) ووقوفهم إلى جانب الحكومة الشرعية.
وتوالياً لمسلسل الانتهاك وجرائم الاستيلاء الحوثية غير القانونية بحق أملاك اليمنيين، وبينهم معارضون للانقلاب، كان تقرير حقوقي محلي قد كشف مطلع فبراير (شباط) المنصرم عن عمليات نهب ومصادرة حوثية طالت بغضون 7 سنوات ماضية عدداً من المؤسسات والشركات الواقعة بنطاق السيطرة الحوثية، وذلك عبر ما يسمى «الحارس القضائي»، وهو مبرر حوثي يخول للجماعة السطو على ممتلكات اليمنيين.
ورصد التقرير استيلاء الحارس القضائي الحوثي على أكثر من 1.7 مليار دولار من قيمة واردات الأموال والمؤسسات والشركات والجمعيات.
ووثق التقرير الصادر عن منظمة «سام للحقوق والحريات»، تحت عنوان «إقطاعية الحارس وماكينة التضليل»، إجمالي ما تم الاستيلاء عليه من قيمة الأموال والإيرادات للأصول والعقارات والمنقولات، والتي تقدر بأكثر من ملياري دولار.
وقال إن الميليشيات مارست عمليات مصادرة قسرية لأموال المعارضين، بذريعة أنهم خونة وموالون للحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، أو مختلفون معها في التوجه الثقافي والديني؛ حيث سيطرت على شركات ومصارف ومؤسسات وجمعيات ومبانٍ وعقارات، وأصول وأموال نقدية.
وأورد التقرير أسماء 38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى، تقع في نطاق صنعاء العاصمة وعشرات الفروع التابعة لها بالمحافظات تحت سيطرة الجماعة، استولى عليها الحارس القضائي الحوثي.
ورصد التقرير أكثر من 23 قيادياً حوثياً يعملون لصالح الحارس القضائي، ويأتمرون بأوامره في نهب وإدارة أموال الشركات التي حققت فيها المنظمة في العاصمة صنعاء فقط.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينفذ فيها الحوثيون حملات سطو ومصادرة بحق ممتلكات اليمنيين بمدن سيطرتهم؛ حيث سبق للجماعة وفي إطار عمليات الاستيلاء المنظم بحق ممتلكات الغير، أن أصدرت بمطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم تعاميم لمسلحيها، تحضهم على السطو على منازل وممتلكات أكثر من 500 شخصية في صنعاء.
وشملت عمليات السطو على المنازل والممتلكات نحو 300 شخصية مدنية، بينهم قيادات في الحكومة الشرعية، وسياسيون، وبرلمانيون، ونشطاء، ومواطنون، و216 عسكرياً.
ورافق تلك الخطوات -بحسب الرصد الذي أعده موقع «العاصمة أونلاين»- قيام الانقلابيين حينها بعمليات حصر ميدانية واسعة لبيانات السكان، وتنشيط الجاسوسية، ضمن سياسة الترهيب والتعسف بحق المدنيين في العاصمة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.