عدّاس: العمل جارٍ على تنظيمات تسمح باستثمار الأجانب في مكة المكرمة

الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية بـ«مكة والمشاعر المقدسة» يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن إنشاء مركز موحد لتمكين الاتفاقيات والشراكات

العمل على تطوير منظومة النقل بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وفي الإطار المهندس عبد الرحمن عداس الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية (تصوير: غازي مهدي)
العمل على تطوير منظومة النقل بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وفي الإطار المهندس عبد الرحمن عداس الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية (تصوير: غازي مهدي)
TT

عدّاس: العمل جارٍ على تنظيمات تسمح باستثمار الأجانب في مكة المكرمة

العمل على تطوير منظومة النقل بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وفي الإطار المهندس عبد الرحمن عداس الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية (تصوير: غازي مهدي)
العمل على تطوير منظومة النقل بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة وفي الإطار المهندس عبد الرحمن عداس الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية (تصوير: غازي مهدي)

كشف المهندس عبد الرحمن بن فاروق عداس، الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، أن الهيئة دخلت مرحلة تسريع الإنجازات وتحديد الأولويات التي ترتكز على مقومات كرامة الإنسان وعمارة المكان وازدهار الاقتصاد، من خلال تسريع تنفيذ مشاريع قطاع النقل، ومعالجة أوضاع المناطق العشوائية، وتقديم الدعم لقاطنيها، وأيضا العناية بالمواقع التاريخية، وتحسين الخدمات العامة، وزيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال الزيادة المتوقعة في أعداد ضيوف الرحمن في إطار المواءمة مع «رؤية المملكة 2030».
وأشار المهندس عبد الرحمن عداس، في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى أن العمل جار لتنظيمات تسمح بالاستفادة من استثمار المسلمين غير السعوديين في مكة المكرمة، لافتا إلى أن التوجه الاستراتيجي الذي انطلقت منه الهيئة الملكية، في خططها وبرامجها، والمعتمد من مجلس إدارتها له ركائز محددة مستمدة من آيات القرآن الكريم.
وأوضح عداس أن الهيئة تعمل على خلق بيئة تثري أوقات القادمين إلى مكة المكرمة مع احتفاظها بمكانتها وخصوصيتها، لا سيما أنها ثرية بتنوعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، وجاذبة للطاقات المبدعة والمنتجة، موضحا أن النجاح في الهدف الحالي سيولد فرصا متعددة ومتجددة للريادة، وعقد الشراكات من خلال مركز الاستثمار في الهيئة الملكية. وقال: «سيكون المركز وجهة موحدة لعقد ودعم الشراكات في المشاريع التي تشرف عليها الهيئة عن طريق عرض الفرص وتنظيمات وآليات واضحة وشفافة... تقلل من أثر تعدد الجهات والمرجعيات لتكون هناك جهة واحدة مشرفة وممكنة تسهل وتحفز أعمال شركاء الهيئة». إلى تفاصيل أكثر في متن الحوار:

- تطوير النقل
وعن قطاع النقل، أشار عداس إلى تنظيم وحوكمة ما يتصل بهذا القطاع، حيث من أولويات الخطة الاستراتيجية للهيئة الملكية، وبرنامج «التنقل والبنية التحتية للنقل» تفعيل منظومة متكاملة لإدارة خدمات التنقل، ورفع القدرة الاستيعابية لاستقبال الزيادة المتوقعة لضيوف الرحمن، وتحقيق الاستدامة المالية والبيئية، القائمة على بنية تحتية عالية الكفاءة، تشجع على استخدام وسائل النقل العام مع الحفاظ على أعلى معايير السلامة.
لذلك أطلقت الهيئة، المركز الموحد للنقل ليقوم بدور الإشراف على جميع أعمال وأنشطة قطاع النقل في مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، إذ يعمل المركز على توحيد التخطيط لمشاريع وسائل النقل المختلفة لتلبية تطلعات «رؤية المملكة 2030» مع رفع جودة القطاع لتأمين أرقى خدمات النقل لسكان وزوار مدينة مكة المكرمة، وضمان الاستدامة المالية يأتي من خلال زيادة العوائد المالية، وتمكين تمويل مشاريع إنشاء وتطوير الأصول.
وأطلقت الهيئة الملكية في 15 فبراير (شباط) الحالي، وفق عداس، المرحلة التجريبية لمشروع النقل العام تحت إشراف وإدارة المركز الموحد للنقل في مكة (نقل مكة) ليغطي عند اكتماله 12 مساراً تخدم المناطق الرئيسية في مدينه مكة المكرمة، مضيفا «سيبدأ التشغيل التجريبي بنقل ترددي من محطة قطار الحرمين السريع بمنطقة الرصيفة إلى المسجد الحرام، ذهاباً وإياباً».

- المناطق العشوائية
يقول المهندس عداس: «الأحياء العشوائية موضوع ليس وليد اللحظة وله تاريخه ومسبباته المتراكمة التي باتت تشكل عائقا أمام التخطيط الحضري، وعبئا على مستوى الخدمات المقدمة للسكان والزوار، والهيئة الملكية منذ اليوم الأول لتأسيسها عملت على وضع استراتيجية تقدم حلا شاملا وجذريا يغطي الجوانب العمرانية، والاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية».
ففي الجانب العمراني، يضيف عداس، تحددت العلاقة ما بين المطورين، لهذه المناطق العشوائية، والجهة المنظمة (الهيئة)، عن طريق استخدام أداة «الصك الموحد»، لتكون الحقوق والواجبات واضحة، سواء كان لجهة المنظم أو لجهة المطور، مبينا أنه يجري تطبيقها الآن في «جبل عمر»، ومشروع «مسار»، و«الكدوة»، و«قوز النكاسة»، حيث إن هذا الترتيب أدى إلى وضوح المسؤوليات وحوكمة العلاقة لارتياح الجانبين.
وعن الجانب الاجتماعي، قال عداس، إن الهيئة بدأت العمل، مع الجهات المسؤولة، لتصحيح الأوضاع النظامية لبعض قاطني هذه العشوائيات، خاصة من الجاليات التي لجأت إلى البلاد في أوقات سابقة، لضمان انخراطهم في المجتمع، والاندماج في نشاط المدينة من حولهم بدلا من بقائهم في تكتل العشوائيات.
وفي الجانب الاقتصادي، وفق عداس، تعمل الهيئة مع الجهات الحكومية المشاركة، في المشروع، على تقديم الدعم الوظيفي للمواطنين عن طريق وزارة الموارد البشرية، والتنسيق مع القطاع الخاص، بحسب حاجته، لاستيعاب أصحاب المهارات المهنية من الجاليات سكان هذه الأحياء، في دورة الإنتاج لينخرطوا في اقتصاد المملكة وإبعادهم عن اقتصاد الظل والتكتلات الاقتصادية غير المندمجة مع الاقتصاد الكلي.
واستطرد «هناك أيضاً تعاون، في الجانب الأمني، مع الجهات المختصة لضمان توفير الوسائل التي تمنع عودة العشوائيات للظهور في مناطق أخرى في مكة المكرمة، وإن عادت تكون الإزالة فورية»، وزاد «الهيئة الملكية لديها الدراسات والمعلومات الوافية عن المناطق العشوائية في النطاق الجغرافي الذي تشرف عليه، وهناك خطة للتعامل معها بحسب كل مرحلة».

- منطقة النكاسة
تابع عداس حديثه، عن تطوير منطقة «النكاسة»، بقوله، إن أعمال المرحلة الثانية لتطوير منطقة قوز النكاسة انطلقت مع أول يوم من الشهر الجاري ضمن مشروع معالجة وضع الأحياء العشوائية في مكة المكرمة، مفيدا بأن جميع المناطق العشوائية ستشهد عمليات التطوير الشامل، بحسب الأولوية. وأضاف «هذا الملف من أولويات الهيئة الملكية منذ تأسيسها وتعطيه عناية كبرى، وهو جزء أساسي من استراتيجياتها التي تهدف إلى تحويل العشوائيات إلى مناطق حضرية تلبي احتياجات السكان وتحسن جودة حياتهم، بعد التطوير العمراني وإصلاح البنية التحتية وتحسين الخدمات».

- تحفيز المستثمر
وقال عداس، إن الاستثمار والشراكات مع المستثمرين في الداخل والخارج من الأولويات في استراتيجية الهيئة الملكية، لأن هذا النشاط يؤثر ويتقاطع مع جميع القطاعات الأخرى التي تعمل الهيئة على تطويرها مثل قطاع الأراضي والعقارات، وقطاع التنقل والبنية التحتية للنقل، وقطاع المرافق والبيئة.
وبحسب عداس، أطلقت الهيئة الملكية برنامج الاستثمار والشراكات الذي يتبنى استراتيجية موحدة هدفها استقطاب رؤوس الأموال وتحفيزها، وبناء شراكات مع القطاع الخاص والقطاع غير الربحي للمشاركة في التنمية من خلال خلق الفرص الاستثمارية الواعدة. ولتفعيل هذا التوجه، يستطرد عداس «تعمل الهيئة على إنشاء (مركز الاستثمار) ليكون الذراع التنفيذية للهيئة الملكية، والذي يتولى مسؤولية تطوير هذا القطاع، وتحفيز الاستثمار من خلال التنظيم والتمكين، وعقد الاتفاقيات والشراكات المختصة بالمشاريع التي تشرف عليها الهيئة الملكية».
في هذا الجانب أوضح المهندس عبد الرحمن أن المستثمر يحتاج إلى فرص وتنظيمات واضحة للتعامل معها، مبينا بالقول: «الهيئة الملكية تمتلك هذه الأدوات... لدينا الفرص ويجري العمل عليها... بدأنا بإطلاق البعض منها، سواء كانت الفرص في المناطق التاريخية، أو في تطوير العشوائيات، أو الفرص في المشاعر المقدسة، مع شركة كدانة للتنمية والتطوير، المملوكة للهيئة الملكية 100 في المائة».

- شركة كدانة
وعن «كدانة»، قال عداس، إن الهيئة الملكية لديها استراتيجية، قامت على رؤية واضحة، لتطوير المشاعر المقدسة، ولهذا تأسست شركة كدانة للتنمية والتطوير، لتكون الذراع التنفيذية المسؤولة عن وضع المخطط الشامل للمشاعر المقدسة، والمسؤولة عن تطويرها والمشرفة على جميع مشاريعها في «منى»، و«مزدلفة»، و«عرفات» وحماها. وأضاف «يهدف هذا المخطط إلى رفع الطاقة الاستيعابية وإثراء تجربة ضيوف الرحمن وتحسين الخدمات وزيادة كفاءة التشغيل، إضافة إلى تشغيلها طوال العام خارج موسم الحج، لتكون مركزا حضريا يستفيد منه سكان مكة المكرمة وزوارها على مدار العام»، مفيدا بأنه تحضيراً لحج هذا العام تشرف «كدانة» على مشاريع متعددة ونوعية تتعدى قيمتها مليار ريال (266 مليون دولار) سيتم إنجاز معظمها مع حلول موسم حج هذا العام.

- المواقع التاريخية
تزخر مكة المكرمة بالكثير من المواقع التاريخية، والحديث لعداس، إذ تعيد للأذهان مواقف ومراحل بالغة الأهمية على مدى التاريخ، ورغم اختلاف ارتباطها بالمراحل التاريخية، فإنها جميعها، تكتسب أهمية كبرى لدى المسلمين والمهتمين بالتاريخ والثقافة.
وقال، إن هذه المواقع تشهد إقبالاً في مواسم الحج والعمرة، وتحديداً مواقع (جبل النور، غار حراء، وجبل ثور، وجبل الرحمة في عرفة ومسجد البيعة في مشعر منى، ومنطقة صلح الحديبية وغيرها)، مفيدا بأن الإحصاءات تشير إلى أن غالبية ضيوف الرحمن والزوار يحرصون على زيارة المواقع التاريخية بمكة المكرمة والمدينة المنورة، الأمر الذي يدعو للعناية بها وتحسين وضعها وتطوير الخدمات المحيطة بها وتمكين سكان مكة المكرمة وزوارها، من الوصول إليها وتهيئتها من خلال خلق فرص استثمارية تحفز القطاع الخاص للشراكة في تطوير تلك المواقع وما حولها من خدمات للمساهمة في إثراء تجربة مرتاديها.
وأضاف، أن الهيئة حالياً تعمل على تطوير معرض الوحي بجبل النور (غار حراء)، والمركز الثقافي في سفح جبل ثور، ومشروع المسار التاريخي (مسار مكة المكرمة)، الذي يسلكه الحجاج والمعتمرون والزوار لزيارة المعالم التاريخية والتراثية، و«الباص التاريخي» الذي يمكن الراغبين من زيارة معظم المعالم التاريخية في الجزء الشرقي من مدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بطريقة تعليمية مشوقة.

- الاستثمار الأجنبي
وعن الاستثمار الأجنبي، يؤكد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، أن المستثمر الأجنبي دائماً مهتم جداً بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وفي السابق كانت توجد تنظيمات حدت من التقدم في هذا الجانب، إلا أن الأمور بدأت بالتغير وخصوصاً بعد أن سمحت هيئة السوق المالية لفئة معينة من الصناديق الاستثمارية بالدخول في السوق العقارية بمكة المكرمة حتى وإن كان ملاك هذه الصناديق غير سعوديين، لافتا إلى أنه جار العمل على وضع تنظيمات معينة تسمح للمستثمرين المسلمين غير السعوديين بالاستثمار في مكة المكرمة وخاصة في مجال العقارات.

- المؤسسات الصغيرة
وأشار المهندس عداس إلى أن من أبرز الصعوبات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، في مكة المكرمة صفة (الموسمية)، ولهذا تعمل الهيئة على تقليل تأثير «الموسمية» على أعمال هذه المؤسسات ونموها، فمعظم هذا النوع من المؤسسات، وفق عداس، يغلب على نشاطه تقديم خدمات الحج والعمرة. وزاد «لكن الترتيبات القائمة الآن وفتح المجال للسياحة من جميع أنحاء العالم، سيشجع المسلمين على الاستفادة من التنظيمات الجديدة، وهذا سيخلق سوقا دائمة في مكة المكرمة، حتى خارج المواسم الرئيسية، وبالتالي يؤدي إلى حركة اقتصادية على مدار العام، وستكون من نتائجه تخفيض أثر (الموسمية)، على عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة».

- دمج الأمانة
وأشار الرئيس التنفيذي، بخصوص العلاقة مع أمانة العاصمة المقدسة إلى أن من أهداف تأسيس الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تطبيق نموذج «الإدارة المحلية الشاملة والفاعلة» في النطاق الجغرافي للهيئة من أجل وحدة القرار، وتوظيف الموارد لرفع كفاءة التشغيل في المرافق، وتطوير البنية التحتية والارتقاء بالخدمات، سواء مع أمانة العاصمة المقدسة أو أي من الجهات الأخرى العاملة في نطاق إشراف الهيئة، وما أثير حول العلاقة بأمانة العاصمة المقدسة، فإنه تم اعتماد توجه معين من قبل مجلس إدارة الهيئة الملكية، وهو الآن تحت الدراسة والتقييم لضمان التنفيذ بالمنهجية والخطة الأصوب.

- كوادر الهيئة
يقول عداس: «أكبر تحد يواجه أي جهاز جديد، وتحديدا الأجهزة الإبداعية أو التحولية، يتمثل في صعوبة توفر كوادر تمتلك الشغف والطموح والإبداع والكفاءة العالية، ومع ذلك فإن الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة تحتضن 200 مبدع حتى الآن منذ إنشائها في يونيو (حزيران) 2018، وهم يقومون بواجباتهم على أكمل وجه في بيئة عمل تساعد على خلق روح الإبداع والابتكار والتنسيق والمواءمة مع شركاء الهيئة أينما كانوا».


مقالات ذات صلة

على هامش زيارة ماكرون الرياض الاثنين... كيف تبدو خريطة الاستثمارات السعودية - الفرنسية؟

الاقتصاد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء خلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس العام الماضي (الشرق الأوسط)

على هامش زيارة ماكرون الرياض الاثنين... كيف تبدو خريطة الاستثمارات السعودية - الفرنسية؟

تعكس زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الرياض، الطموح المشترك لتعزيز التعاون عبر مختلف القطاعات والتوافق مع «رؤية السعودية 2030» و«فرنسا 2030».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس عبد الرحمن الفضلي خلال كلمته الافتتاحية في «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:41

السعودية تطلق «شراكة الرياض العالمية» بـ150 مليون دولار للتصدي للجفاف

أعلنت السعودية إطلاق «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف» بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لدعم هذه الجهود.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أمين منطقة الرياض متحدثاً للحضور خلال افتتاح «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 02:25

أمين منطقة الرياض: التحديات البيئية تؤثر على الأداء الاقتصادي والاجتماعي

قال أمين منطقة الرياض الأمير فيصل بن عياف إن المملكة ملتزمة بمواجهة أحد أكبر التحديات العالمية إلحاحاً والتي تشكل تهديداً متعدد الأبعاد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس وزراء منغوليا يتحدث إلى الحضور خلال «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس وزراء منغوليا من الرياض: مشاريع سعودية تستهدف الانتقال للطاقة النظيفة

أوضح رئيس وزراء منغوليا أويون إردين لوفسانامسراي أن مؤتمر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» المنعقد حالياً في الرياض يتمحور حول مستقبل الأرض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس عبد الرحمن الفضلي يتحدث إلى الحضور مع انطلاق «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 00:40

انتخاب وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي رئيساً لـ«كوب 16»

انتخب أعضاء اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي المهندس عبد الرحمن الفضلي ليكون رئيساً للدورة الحالية من مؤتمر «كوب 16»

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)
الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والشركات والمؤسسات والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات العالمية الملحة المتمثلة في تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، وذلك خلال مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

وانتُخبت السعودية رسمياً رئيساً لمؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر، حيث تبدأ فترة ولايتها لمدة عامين لدفع العمل الدولي بشأن إعادة تأهيل الأراضي واستصلاحها واستعادة خصوبتها وحيويتها ومقاومة التصحر والجفاف.

جانب من حضور المسؤولين في مؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

يأتي مؤتمر «كوب 16» في الرياض فرصةً لتوعية المجتمع الدولي حول علاقة الترابط القوية بين الأراضي والمحيطات والمناخ، والتحذير من أن 75 في المائة من المياه العذبة تنشأ من الأراضي المزروعة، فيما تسهم النباتات في حماية 80 في المائة من التربة العالمية.

وخلال الافتتاح الرسمي للمؤتمر، أكد وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، رئيس الدورة الـ16 للمؤتمر، المهندس عبد الرحمن الفضلي، أن استضافة المملكة لهذه الدورة تمثل امتداداً لاهتمامها بالمحافظة على البيئة محلياً وإقليمياً ودولياً، حيث تشير التقارير الدولية إلى تدهور أكثر من 100 مليون هكتار من الأراضي الزراعية والغابات والمراعي سنوياً، ويتأثر نتيجة لذلك أكثر من 3 مليارات إنسان حول العالم، كما تقدّر الخسائر السنوية الناجمة عن تدهور الأراضي بأكثر من 6 تريليونات دولار.

التحديات البيئية

وقال إن المملكة تسعى إلى تعزيز العمل وتكثيف الجهود تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر؛ لمواجهة التحديات البيئية الرئيسة، وتعزيز التكامل بين الاتفاقيات البيئية الدولية الأخرى، خصوصاً اتفاقيات (ريو) المعنية بتغير المناخ والتنوع الأحيائي؛ للوصول إلى مخرجات طموحة تُحدث نقلةً نوعيةً في تعزيز المحافظة على الأراضي، والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف.

وأضاف الفضلي أن منطقة الشرق الأوسط تُعد من أكثر مناطق العالم تأثراً من تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، إذ تسعى المملكة باستمرار إلى مواجهة التحديات البيئية بالشراكة مع المجتمع الدولي.

وفي سبيل تحقيق هذه المستهدفات، أبان الفضلي أن الحكومة اعتمدت الاستراتيجية الوطنية للبيئة، وأنشأت صندوقاً وخمسة مراكز متخصصة، وجرى تحديث الأنظمة لتتماشى مع أفضل المعايير والممارسات الدولية، ووضعت المبادرات والخطط والبرامج؛ لتعزيز الالتزام بالضوابط البيئية، والحد من التلوث، وتنمية الغطاء النباتي والحياة الفطرية، وتعزيز إدارة النفايات وخدمات الأرصاد والدراسات المناخية.

وذكر أن مبادرة «السعودية الخضراء» تستهدف إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وزيادة مساحة المناطق المحمية وصولاً إلى 30 في المائة مناطق محمية عام 2030، وهذا المستهدف أعلنته المملكة في 2021، قبل أكثر من عام على إعلان المستهدف العالمي بنهاية 2022 في مونتريال.

الطاقة المتجددة

كما يجري العمل على رفع نسبة الطاقة المتجددة لتصل إلى 50 في المائة من مزيج الطاقة في المملكة بحلول عام 2030، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مشيراً إلى أن المملكة اعتمدت استراتيجية وطنية للمياه؛ لتعزيز المحافظة على مصادر المياه واستدامتها، ونفَّذت كثيراً من المبادرات والمشاريع في مجال إعادة التدوير؛ لتحقيق الاستدامة.

وحسب الفضلي، اعتمدت السعودية كذلك استراتيجية وطنية للزراعة؛ تهدف إلى تعزيز كفاءة الإنتاج، والإدارة المستدامة للأراضي الزراعية، واستراتيجية وطنية للأمن الغذائي، من شأنها خفض الفقد والهدر في الغذاء.

ولفت رئيس مؤتمر «كوب 16» إلى أن فقدان التنوع الأحيائي، وزيادة تداعيات التغير المناخي، يؤثر على عناصر الحياة الأساسية من هواء وماء وغذاء، والتي تؤثر بدورها على أكثر من 1.8 مليار نسمة حول العالم، وتزيد من معدلات الهجرة، ما يتوجب العمل معاً لتعزيز الجهود الدولية على الأصعدة كافة لمواجهة هذه التحديات العالمية.

وأكمل أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر تعد إطاراً للعمل الجماعي والتعاون الدولي، والتقيد بالسياسات لتحقيق المستهدفات لإعادة تأهيل الأراضي، والاستثمار في زيادة الرقعة الخضراء، والابتكار لتنفيذ الحلول المستدامة، والتعاون على نقل التجارب والتقنيات الحديثة، وتبني مبادرات وبرامج لتعزيز الشراكات بين الحكومات، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، ومؤسسات التمويل، والمنظمات غير الحكومية، والتوافق حول أدوات ملزمة تعزز العمل الدولي المشترك.

البلدان المتضررة

من ناحيته، أكَّد الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، أن العالم يمر بمرحلة مفصلية؛ كون تواتر حالات الجفاف وعدم القدرة على التنبؤ بها، يجعلها تحدياً متزايداً بالنسبة إلى النظم الزراعية والغذائية في البلدان المتضررة، مشيراً إلى أن إصلاح الأراضي من الأدوات الأكثر فاعلية في مواجهة التحديات في العالم.

وتطرق في كلمته خلال الجلسة العامة الافتتاحية إلى مؤتمر الأطراف «كوب 16» إلى جهود المملكة في دعم أعمال مكافحة الجفاف وإصلاح الأراضي عبر مبادرة «السعودية الخضراء‬»، و‫مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر»‬.

الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر متحدثاً إلى الحضور خلال الكلمة الافتتاحية (الشرق الأوسط)

وأكد ثياو أن استعادة الأراضي المتدهورة في العالم وكبح جماح صحاريه سيتطلب استثمارات بقيمة 2.6 تريليون دولار على الأقل بحلول نهاية العقد الحالي، مقدراً التكلفة للمرة الأولى.

مشاريع الرياض البيئية

من جهته، أشار أمين منطقة الرياض الأمير الدكتور فيصل بن عبد العزيز بن عياف، إلى أهمية الدور الحيوي للمدن في مواجهة التحديات البيئية، مسلِّطاً الضوء على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، اللذين حرصا على وضع العاصمة مدينةً رائدةً في التنمية الحضرية المستدامة.

وفي مقدمة مشاريع العاصمة السعودية، «الرياض الخضراء» الذي يهدف إلى زراعة 7.5 مليون شجرة؛ لتحسين جودة الهواء وخفض درجات الحرارة وتعزيز التنوع البيئي، بالإضافة إلى مشروع إعادة تأهيل وادي حنيفة الذي يمتد على مساحة 4000 كيلومتر مربع؛ ليكون نموذجاً في استعادة التوازن البيئي وتحويله إلى وجهة سياحية فريدة، موضحاً الجهود المبذولة في إنشاء أكثر من 100 حديقة كبرى، مثل: «حديقة الملك سلمان» و«حديقة الملك عبدالله»، التي تسهم في تحسين جودة الحياة للسكان وتوفير متنفس طبيعي يعزز رفاهيتهم.

أمين منطقة الرياض يتحدث إلى الحضور (الشرق الأوسط)

وحول الجهود الداعمة للاستدامة، تحدث الأمين عن المبادرات والمشاريع التي تدعم عمليات التشجير من خلال إنشاء مشاتل جديدة، واعتماد منهجيات تخطيط حضري مستدام مثل التطوير الموجه بالنقل (TOD) بالتكامل مع شبكة مترو الرياض، وما لها من أثر في تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التكامل بين النقل العام والمساحات الحضرية.

وأضاف أن استراتيجية الرياض البيئية تضم أكثر من 68 مبادرة وتغطي محاور الطاقة والمياه وإدارة النفايات والتنوع الحيوي والمناطق الطبيعية، وهي بدورها تعكس رؤية المملكة الطموحة لتحقيق التنمية المستدامة، ليس فقط على المستوى المحلي، بل تعد مثالاً يُحتذى به عالمياً.

إشراك القطاع الخاص

بدوره، ذكر وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية، الدكتور أسامة فقيها، لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تسعى لتكون الدورة السادسة عشرة من «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)» نقطة تحول تاريخية في مسيرة الاتفاقية، مع العمل على زيادة التزامات الدول لمكافحة تدهور الأراضي وإعادة تأهيلها.

كما أشار فقيها، خلال مؤتمر صحافي على هامش اليوم الأول من مؤتمر «كوب 16»، إلى أن هناك نحو 1.5 مليار هكتار من الأراضي المتدهورة حول العالم، «وهو ما يتطلب مزيداً من العمل الجاد على الصعد كافة».

وشرح أن السعودية تدرك «الحاجة الماسة إلى عمل أكبر في المجال التفاوضي، خصوصاً فيما يتعلق بوضع إطار دولي لمكافحة الجفاف، بالإضافة إلى ضرورة توفير التمويل اللازم لهذا القطاع الحيوي». كما شدد على «أهمية مشاركة القطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية، فضلاً عن دور مؤسسات المجتمع المدني، في مواجهة تحديات تدهور الأراضي».

واستطرد فقيها: «استهلاك الفرد عالمياً أصبح حالياً 4 أضعاف ما كان عليه قبل عقود عدة من الزمن، مما يفاقم المشكلة، ويجعل من الضروري أن يتحمل الجميع مسؤولية العمل في الحفاظ على البيئة، بما في ذلك الحكومات والأفراد».

مبادرات دولية

وخلال المؤتمر، أعلنت السعودية ثلاث مبادرات دولية رئيسية في اليوم الأول فقط، وهي: «شراكة الرياض العالمية» لمكافحة الجفاف باستثمارات تتجاوز 150 مليون دولار، التي ستحشد العمل الدولي بشأن الارتقاء بمستوى الاستعداد لمواجهة الجفاف.

وفي الوقت نفسه، أُطلق المرصد الدولي لمواجهة الجفاف وأطلس الجفاف العالمي، وهما مبادرتان تهدفان إلى زيادة أعمال الرصد والتتبع، واتخاذ التدابير الوقائية، ونشر التوعية بين مختلف الشرائح والفئات المهتمة والمعنية حول الجفاف في جميع أنحاء العالم.

وكانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر قد أصدرت عشية انطلاق المحادثات المتعددة الأطراف في الرياض، تقريراً جديداً يسلط الضوء على حالة الطوارئ العالمية المتزايدة الناجمة عن تدهور الأراضي.

وأشارت النتائج الرئيسية إلى الأضرار الناجمة عن الممارسات الزراعية غير المستدامة التي تسهم بما نسبته 80 في المائة من إزالة الغابات، وتستحوذ على 70 في المائة من استخدام المياه العذبة، في حين يأتي 23 في المائة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من الزراعة والغابات واستخدام الأراضي.

ووفق أحدث تقرير لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، جرى تصنيف 46 في المائة من مساحات الأراضي العالمية ضمن الشريحة الجافة.

المنطقة الخضراء

يُذكر أن مؤتمر الأطراف «كوب 16» الرياض الذي يُعقد من 2 إلى 13 ديسمبر (كانون أول) الجاري، يعد أكبر دورة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر حتى الآن، حيث يضم لأول مرة منطقة خضراء، وهو المفهوم المبتكر الذي استحدثته المملكة، لحشد العمل المتعدد الأطراف، والمساعدة في توفير التمويل اللازم لمبادرات إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة.

ومن خلال استضافتها مؤتمر الأطراف، تدعو السعودية المجتمع الدولي لزيادة قاعدة التعهدات بشأن تحييد أثر تدهور الأراضي بحلول عام 2030، إذ تعد استعادة الأراضي الحلَّ الفعال من حيث التكلفة لمواجهة تغير المناخ، الذي يحتاج إليه العالم، ولتحقيق استعادة الأراضي فوائد اقتصادية سنوية يصل حجمها إلى 1.4 تريليون دولار على مستوى العالم، وحماية الاستقرار العالمي من التهديد الناجم عن مزيد من فقدان الأراضي.

وتسعى الرياض من خلال «كوب 16» إلى أن تتحد الدول معاً لتغيير المسار ومعالجة كيفية استخدام الأراضي، والمساهمة في تحقيق أهداف المناخ، وسد فجوة الغذاء، وحماية البيئات الطبيعية، إذ يمكن للأراضي الصحية أن تساعد على تسريع وتيرة تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.

ويسلط «كوب 16» الضوء على حقيقة أن ما يصل إلى 40 في المائة من أراضي الكوكب تعاني حالة التدهور بالفعل، ما يؤثر على نصف البشرية، ويهدد ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وذلك حسب تقرير «توقعات الأراضي العالمية» في إصداره الأخير، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً، إذ ستتحمل البشرية تكلفة باهظة جزاء التقاعس عن العمل.